اعداد : عبدالفتاح الأزهري - < رغم ظروفها الاقتصادية والسياسية والامنية والاجتماعية الصعبة التي تمر بها اليمن، إلا انها ظلت منذ سنوات مضت تتحمل اعباء كبيرة ومشاكل عدة جراء استمرار تدفق اللاجئين الافارقة خاصة الصوماليين النازحين إليها..
مؤتمر الحوار الوطني أدرج هذه القضية ضمن أجندته.. ليمثل ذلك فرصة ذهبية لكل الاطراف اليمنية لعرض هذه المشكلة والعمل على جذب الدعم الاقليمي والدولي من الاشقاء والاصدقاء لمواجهة قضية ومشكلة تفوق قدراتها وطاقاتها:
> تعتبر اليمن هي الدولة الوحيدة في شبه الجزيرة العربية التي وقعت على اتفاقية 1951م للاجئين، وبروتوكول عام 1967م التابع لها، وقد بدأت المفوضية العليا للامم المتحدة لشئون اللاجئين عملياتها في اليمن عام 1987م، وفي العام 1992م بدأت بالاستجابة للتدفق الكبير للنازحين الصوماليين.
وتواجه اليمن تحديات كبيرة وفريدة من نوعها من قضايا اللاجئين والنزوح الداخلي والهجرة المختلطة، ويتم منح الصوماليين حق اللجوء منذ الوهلة الاولى لوصولهم، بينما يتوجب على الجنسيات الاخرى الخضوع لإجراءات تحديد وضع اللاجئ الذي تقوم به المفوضية، وفي ذات الوقت تقوم المفوضية بتقديم المساعدات للسكان النازحين المحليين في شمال وجنوب البلاد.
أوضاع اللاجئين
على صعيد الحماية الدولية للاجئين الافارقة في اليمن تكفل مجموعة من الانشطة الملموسة لجميع النساء والاطفال والرجال المشمولين باختصاص المفوضية العليا للامم المتجدة لشؤون اللاجئين، ضمان تحقيق المساواة في الحصول على حقوقهم والتمتع بها وذلك وفقاً للاتفاقيات الدولية الموقع عليها اليمن.. ويوجد تضارب ملحوظ في تحديد ارقام اللاجئين الافارقة في اليمن بين الارقام الحكومية وتقديرات المفوضية الأممية التي تذهب هذه الاخيرة إلى تقدير أعدادهم حتى منتصف نوفمبر 2012م بما هو اكثر من (200.000) في صنعاء وحدها، وهناك أكثر من (40.500) لاجئ ممن تم تسجيلهم، وهو الرقم الذي يتناقض مع إجصاءات الحكومة اليمنية التي تقر أن عدد النازحين من الصومال ودول القرن الافريقي الاخرى يتجاوز المليون لاجئ.
وتشير ارقام المفوضية السامية الى ان عدد اللاجئين في اليمن قد تضاعف من القرن الافريقي وعبر خليج عدن والبحر الاحمر وفاق المعدلات السابقة، مع وصول حوالى (70.000) لاجئ الى اليمن خلال الأشهر الثمانية الاولى من العام 2012م، مما يشير الى الزيادة وبنسبة 30% من عدد القادمين خلال نفس الفترة من العام السابق حسب المفوضية.
وتشير المفوضية الى ان عام 2011م سجل أعداداً قياسية من القادمين حيث وصل عددهم عبر البحر إلى (103.000) لاجئ وهو الأعلى منذ عام 2006م.
واضافت: ان هناك تغييراً في تصنيف اللاجئين حيث ارتفع عدد الاثيوبيين المتسللين إلى اليمن إلى (51.000) هذا العام.
التأثيرات السلبية على اليمن
مشكلة اللاجئين الافارقة في اليمن التي افرزتها الحرب الصومالية الطاحنة منذ اندلاعها في مطلع تسعينيات القرن الماضي انعكست سلباً على دول وشعوب المنطقة ومنها اليمن على وجه الخصوص التي تتحمل العبء الأكبر.
مآسي الحروب أجبرت الصوماليين وغيرهم من شعوب البلدان المجاورة على الرحيل والبحث عن موطن آخر ينعمون فيه بالأمن والاستقرار هروباً من الجحيم الذي عانوه وذاقوه في بلدانهم.
ولقد تحملت اليمن الكثير من المشكلات والسلبيات جراء اختيار النازحين الصوماليين والافارقة لليمن كملاذ آمن، وموقف الحكومة اليمنية والمنظمات الدولية من تواجدهم في البلاد.
وبالرغم من ان الجمهورية اليمنية عبرت عن قلقها الشديد ومنذ فترات مبكرة من استمرار تدفق اللاجئين من القرن الافريقي، إلا انها قدمت وتقدم لهم كل الرعاية وفقاً للامكانات المتاحة لها.. ودائماً ما يردد المسؤولون اليمنيون المعنيون بملف اللاجئين الافارقة القول بأن عددهم دائماً في ازدياد وبكثرة من عام الى آخر بما يمثل عبئاً كبيراً على اليمن..
ورغم وجود بعض الدعم والمساعدات الدولية لكنها ليست بالقدر الكافي.. لأن اليمن لديها مشاكل متعلقة بالعمالة والبطالة، وان ازدياد أعداد اللاجئين الافارقة القادمين إليها يؤثر عليها اقتصادياً خاصة على العمالة اليمنية.
مساعي اليمن لمعالجة المشكلة
بذلت اليمن ولاتزال الجهود الكبيرة لمعالجة هذه المشكلة، من خلال سعيها الدؤوب للوساطة وحل الخلافات بين الفصائل الصومالية المتناحرة ودفعهم الى وقف الحرب والانشغال والتفرغ لإعادة الامن والاستقرار في الصومال وضمان عودة النازحين الى ديارهم.
كما سعت اليمن وعملت على معالجة مشاكل الحدود في المنطقة ايماناً منها وهدف اساسي في تحقيق الامن والاستقرار في منطقة القرن الافريقي.
كما تقوم اليمن حالياً بالتنسيق مع المنظمات الدولية المعنية برعاية اللاجئين من خلال حصر أعدادهم في جميع مناطق الجمهورية وتقديم الخدمات اللازمة لهم.
وشمل التنسيق والتعاون بين اليمن ومفوضية اللاجئين حصر أعدادهم وتحديد نوعية انضباط القادمين الى اليمن بهدف تقديم المساعدات لهم في موطنهم، بالاضافة الى مساعدة اليمن في احتواء اللاجئين القادمين من الساحل الافريقي وحمايتهم.
كما يوجد تعاون بين المفوضية السامية للاجئين مع المنظمات الاهلية اليمنية في مقدمتها الهلال الاحمر اليمني كشركاء منفذين في تقديم الخدمات الصحية والانسانية للاجئين الافارقة المتواجدين في السواحل اليمنية في البحر الاحمر وخليج عدن.
قانون لتنظيم اللجوء
لاتمتلك اليمن تشريعات وطنية معنية باللاجئين، رغم ان ذلك يسبب لها الكثير من المشاكل.. إلا انها تحرز تقدماً في هذا الشأن، إذ حافظت الحكومة تاريخياً على تبني سياسة لجوء كريمة.. ولذا فإن هناك العديد من الخدمات الحكومية التي يتم تقديمها على الصعيد الوطني ويستفيد منها اللاجئون وتشمل تلك الخدمات تسجيل النازحين الصوماليين والافارقة من قبل مركز تسجيل اللاجئين في مصلحة الهجرة والجوازات والجنسية والقيام بإصدار بطاقات تعريف صادرة من الحكومة للاجئين (في الوضع الراهن يتم صرف هذه البطاقات للنازحين الصوماليين فقط).
الى جانب الاستفادة من خدمات المراكز الصحية والمستشفيات الحكومية والالتحاق بمراكز محو الامية التابعة للحكومة، بالاضافة الى اصدار الوثائق الخاصة بالزواج والمواليد والوفيات وتمكينهم من الوصول الى مراكز الشرطة والمحاكم.
وتوضح تقارير حكومية واهلية ان اليمن اصبحت اليوم تتحمل اعباء كبيرة ومشاكل كثيرة جراء تدفق اللاجئين اليها من القرن الافريقي.. خاصة في ظل الاوضاع الراهنة مع التداعيات السلبية للازمة السياسية منذ اكثر من عامين.
وتطالب تقارير ودراسات حكومية واهلية- تسهيل مهمة اليمن في تحمل اعباء قضية اللاجئين من جهة، وتحسين اوضاعهم وظروفهم من جهة اخرى- بإيجاد قانون يمني خاص باللاجئين لتنظيم عمليات لجوئهم وتقديم خدمات افضل لهم.. وفي نفس الوقت ينظم هذا القانون اللاجئين ويلزمهم بالمقابل بتقديم خدمات وأعمال للدولة والمجتمع.
اللاجئون أمام مؤتمر الحوار
لقد كان من المهم اليوم ان تدرج قضية اللاجئين ضمن محاور مؤتمر الحوار الوطني، وهي فرصة ذهبية امام الجميع بمختلف توجهاتهم السياسية لتناولها من مختلف الجوانب، خاصة جهة جذب الدعم الدولي المساند لليمن والقيام بواجبهم ودعمهم حتى تفي اليمن بالتزاماتها في قضية تحمل أعبائها وهي في الاساس قضية اقليمية ودولية.
علينا ان نؤكد وبقوة من خلال مؤتمر الحوار الوطني على ان اليمن ورغم ظروفه وأوضاعه الصعبة قام بمهامه واكثر تجاه قضية اللاجئين الافارقة، وكذا قضية النازحين في الداخل.. وعلى دول جواره واقليمه وكذا الاسرة الدولية مساعدته بشكل كامل وكبير في تحمل هذا الملف، خاصة خلال هذه المرحلة الانتقالية الحرجة التي يمر بها، من أجل ضمان استقرار البلد والمنطقة وقدرته على تلبية احتياجات اولئك الاشخاص الأكثر احتياجاً للمساعدات الانسانية.
|