مدين مقباس -
قرارات رئيس الجمهورية الخاصة بإعادة هيكلة القوات المسلحة لم تستهدف توحيد وتنظيم الجيش فقط, بل إنها استكمال لتحقيق أحد أهداف الثورة اليمنية الخالدة - بناء جيش وطني حديث- ذلك الهدف الذي ناضل وضحى من أجله أبناء الوطن, البعض منهم غادر الحياة دون أن يشهد تحقيقه والبعض الآخر يحتفل اليوم باستكمال خطوات تحقيقه وبالصورة التي كانوا يطمحون لها "بناء جيش وطني على ساس وطنية وعلمية"..
لا ننكر هنا إنجازات القوات المسلحة ومراحل بنائها وتطورها, بل نعتز بكل ما حققته 00لكننا يجب أن نعترف أن القوات المسلحة أُقحمت بشكل أو بآخر في بعض المنعطفات السياسية في الفترات السابقة ووظفت كأداة بيد الحكام ولم تكن ببنيتها مواكبة بالشكل الذي ينبغي أن تكون لبناء الدولة المدنية الحديثة، بل إنها كادت أن تتحول إلى شبه مؤسسة استهلاكية بسبب التوظيف الخاطئ لها وتجاوز الشروط الموضوعية لعملية بنائها لمواكبة متطلبات الواقع والمتغيرات السياسية لتطوير المجتمع والدولة ذات التوجه الديمقراطي، الأمر الذي قد يجعلها عائقاً مستقبلاً أمام المراحل القادمة لبناء الدولة الحديثة، مع التأكيد بان كوادرها ومنتسبيها يؤدون واجباتهم ومهامهم الوطنية بتفان وإخلاص للدفاع والذود عن السيادة الوطنية.
ولما تشكله القرارات التاريخية والحاسمة لرئيس الجمهورية بإعادة هيكلة وتنظيم الجيش من أهمية في حياة المجتمع, باعتبارها نقطة فاصلة بين جيش الأمس وجيش الغد للانطلاق بعملية التغيير بثبات وأمان؛ فإنها كانت محل تأييد وفخر لكل اليمنيين, لأنهم أصبحوا يدركون ويلمسون أن الوطن قد دخل مرحلة حقيقية للملمة ومداواة جراحهم والولوج في مرحلة جديدة من البناء الحقيقي على الواقع بعيداً عن الشعارات والمزايدات وسياسة الترقيع والتخدير التي تجرعها في فترة النظام السابق فهي مرحلة تأسيس المؤسسات الوطنية القادرة على بناء وديمومة الدولة المدنية الحديثة المنتظرة ، فإعادة هيكلة الجيش لها أثرها الإيجابي على مسار عملية التغيير والحفاظ عليها التي ينتهجها قائد التغيير المشير عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة حفظه الله.. ولها وقعها النفسي الايجابي على نفوس مناضلي الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر وكافة أبناء الوطن ، ولها أهميتها البالغة كخطوة جبارة يخطوها اليمنيين لإنفاذ بنود المبادرة الخليجية لاختطا الطريق الصحيح لبناء اليمن الجديد وضمان مستقبل الأجيال القادمة ، بالإضافة إلى تحقيق بقية المتطلبات والعوامل الأخرى..
ولأن هذه الخطوة تعد البداية الصحيحة لاجتياز الأصعب في طريق التسوية وتعبير واقعي بأن التغيير الجذري الذي يقوده فخامة الرئيس يلبي الطموح الذي ينشده الشعب اليمني بكل فئاته وأطيافه، ومبعث للطمأنينة لكل الأطراف ووفاء لما التزم به.. نجد أن الشارع اليمني يتناغم ويتفاعل معها بصورة عفوية ويندفع الجميع كلاً بطريقته للانخراط في عملية التغيير لشعورهم بأن تحقيق مضامين التسوية السياسية على الأرض قد أتت بثمارها، وأن إرادة الشعوب هي المنتصرة دوماً ، فالمستحيل لا يصنعه إلا العظماء والصعاب والمحن لا يجتازها إلا أصحاب الإرادة الشجاعة.. لذا نجد أن هذه القرارات بما قوبلت به من تفاعل ودعم ومباركة محلية وإقليمية ودولية إنما لتؤكد بأنها نابعة وصادرة من قائد صلب صانع المستحيل يسعى بكل ما يملكه تجنيب شعبه المخاطر وإخراجه إلى بر الأمان ويحرص بصدق وأمانة لرسم آفاق المستقبل لليمن الجديد، ولتؤكد بأنه انتصر لإرادة الجماهير الذين يبادلونه الوفاء بالحب، وبرهان ورسالة أخرى لمن تبقى وتأخر لالتقاطها للالتحاق بقطار التسوية بعد أن أفسح المجال لهم وهيأت الظروف لانطلاق بقية المراحل المرتقبة, فالفرصة لاتزال مواتية أمام المترددين لمراجعة حساباتهم للانخراط في هذا الطريق للوصول إلى الغد المشرق .