الميثاق نت - أخذني سائقي اليمني الجنسية في رحلة على طريق طوله 256 كم لمدة ست ساعات من العاصمة اليمنية صنعاء الى مدينة تعز جنوب البلاد. كانت الطريق متعرجة صعودا وهبوطا على جوانب الجبال, مما اتاح لي رؤية بعضا من أجمل المشاهد الطبيعة من أي مكان أخر في العالم.
كنت ألتطق صورا بكاميرتي طوال الطريق تقريبا، محاولا خزن أكبر قدر ممكن من الصور في ذاكرتي وفي ذاكرة الكاميرا, فاستحوذت على عدد وافر من الصور لعجائب اليمن الطبيعية ولشعبه الجميل.
من بين المشاهد الأكثر بروزا كان منظر الطلاب الصغار بزيهم المدرسي، بنين وبنات, وهم يصعدون ويهبطون في الإنحدارات الجبلية في رحلتهم اليومية التي تستغرق ساعتين بين البيت والمدرسة.
وبالرغم من هذه الرحلة الطويلة، إلا أنهم كانوا يتبادلون الأحاديث ويقهقهون. عندما اقتربوا من سيارتنا الجاثمة, رحبوا بي بكلمات إنجليزية قليلة, لكن بعد أن أكتشفوا أني أتحدث العربية, استرسلوا في حديث ودي معي. لم أجد عناء في حثهم بأن يقفوا لأخذ صور لهم, لكن البنات كن أكثر خجلا من الكاميرا.
وصلنا تعز في وقت العصر التي تقع في جنوب غرب مرتفعات اليمن وكانت في السابق عاصمة سياسية للبلاد.
تعز تتمتع بجمال طبيعي لا مثيل له بين المدن التي في حجمها (يبلغ عدد سكانها حوالي مليون نسمة).
أول من أسس مدينة تعز هو توران شاه, اخو صلاح الدين القائد الإسلامي المشهور، وذلك في عام 1173م. بعد ذلك أصبحت تعز مركزا للدولة الأيوبية ثم خلفها دولة الرسوليين (1229-1454), وبعدهم جاء الطاهريون الذين نقلوا العاصمة إلى صنعاء (1454-1516).
لكن اليمنيين لم ينسوا تعز، ففي العهود الحديثة، حكم الأئمة اليمن من مدينة تعز من عام 1948 وحتى 26 سبتمبر 1962 عندما أسقطت الثورة اليمنية حكم الأئمة.
أفضل مكان يمكن رؤية مدينة تعز كلها من مرتفع تقع فيه قلعة القاهرة التي تم بناؤها في الجهة الشمالية لجبل صبر شديد الإنحدار.
يستغرق الوصول إلى قلعة القاهرة 45 دقيقة سيرا على الأقدام، من هنا, تستطيع أن ترى قباب ومنارات مساجد تعز شامخة بين مساحات مفتوحة شبيهة بخضرة وادي منبسط ومنازل مصفوفة ببراعة.
الميزة التي تنفرد بها المساجد اليمنية- وأتمنى من العالم الإسلامي أتباع هذا النموذج- هي أن المساجد التابعة للسنة أو الزيود يتم ارتيادها بلا عوائق.
في عام 1535 دخل العثمانيون اليمن. لكن الإمام القاسم , حكم خلال الفترة من 1597 إلى 1620قاتلهم. وفي عهد نجله, محمد, طُرد العثمانيين من اليمن عام 1635 بعد قرن تقريبا من وصولهم.
في القرن السابع عشر, تم نقل عاصمة اليمن من مدينة صعده شمال البلاد- قرب الحدود السعودية- إلى صنعاء.
واصل الإمام يحيى (1904-1948) حرب دفاعية طويلة ضد العثمانيين وفي عهده حصلت اليمن على استقلالها عام 1918. كما نجح أيضا في تهدئة الأوضاع في اليمن من خلال معاقبة القبائل المنشقة وأخذ أبناء القبائل كرهائن لديه.
و مع مرور الوقت, أدى تنامي المعارضة لحكم الإمام يحيى إلى تشكيل جماعة اليمنيين الأحرار, حركة وطنية تم إنشاؤها في المنفى. وفي عام 1948 اغتال اليمينيون الأحرار الإمام يحيى, لكن نجله أحمد أطاح بالثورة وحكم اليمن من عام 1948 إلى 1962, الذي سحق أيضا انتفاضة أخرى عام 1955. عقب وفاة الإمام احمد عام 1962 والإطاحة بحكم الأئمة في اليمن, أعتلى السلطة مجموعة من الضباط في صنعاء وأعلنوا قيام الجمهورية العربية اليمنية. لكن الملكيين احتشدوا حول البدر, نجل الإمام احمد, واندلعت حرب أهلية بين الجمهوريين, المدعومين من مصر, والملكيين. وفي عام 1978م تم إنتخاب الرئيس الحالي على عبد الله صالح رئيسا للدولة وفي عام 1990 نجح الرئيس صالح في توحيد اليمن شماله مع جنوبه- المستعمرة البريطانية سابقا, التي أصبحت مستقلة عام 1967) وسميت الجمهورية الوليدة بالجمهورية اليمنية. حقق صالح إصلاحات سياسية واقتصادية ويحظى بشعبية كبيرة جدا في أوساط اليمنيين لدوره في الدفاع عن وحدة بلادهم وتحقيقه السلام والاستقرار مع دول الجوار.
< عن- موقع ميديا مونيتورز
حقوق الترجمة محفوظة لـ»الميثاق«
|