|
|
كتب/ عبدالفتاح الأزهري - آمال عريضة على طاولة الحوار الوطني.. فرصة ذهبية أمام المرأة اليمنية لانتزاع حقوقها السياسية والاجتماعية
نصت الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية على القضايا التي يجب أن يتم البحث فيها ومناقشتها في مؤتمر الحوار الوطني.. ومن ضمنها القضايا ذات البعد الوطني ومنها قضية (المرأة) أي تمكين النساء سياسياً وإشراكهن في مؤتمر الحوار الوطني، بحسب ما جاء في المحور التاسع «الحقوق والحريات» الذي أعطى المرأة حق المشاركة في المؤتمر ومناقشة قضيتها على طريق تمكينها سياسياً..
۹ وبحسب دراسات وآراء متخصصين فإن المرأة اليمنية تواجه تحديات خاصة ترتبط بمكانتها وأدوارها في المجتمع عامة والعمل السياسي على وجه الخصوص، وعلى الرغم من أن الدستور قد منح المرأة كامل الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتربوية، فإن الحق القانوني الذي تكرسه العادات والتقاليد - حسب الباحثين - لم يستطع أن يحد من نظرة المجتمع الدونية الى المرأة مما أدى الى تهميش دورها وافتقاد حقها في المشاركة في العمل السياسي وصنع القرار بالرغم من أن نسبة انخراطها في ميدان التعليم وبالذات التعليم العالي قد وصلت الى مرحلة متقدمة علمياً وفي مختلف التخصصات.
تقصير المرأة في حقوقها
ويرى الباحث الدكتور عبدالله الزين في دراسة تحليلية ميدانية أن هناك العديد من العوامل التي تعيق عملية المشاركة السياسية للمرأة في بلادنا.. أهمها: استمرار المواقف التقليدية المتعلقة بتفوق الرجل، الأمية، انتشار اللامبالاة نتيجة إنخفاض درجة الوعي السياسي، الموروثات الثقافية وأساليب التنشئة الاجتماعية الخاطئة التي تجعل المرأة تنظر الى نفسها نظرة دونية، كما أن البيئة القبلية ومنظومتها الثقافية التقليدية لاتزال هي المسيطرة على الواقعين الثقافي والاجتماعي في اليمن.. بالاضافة الى أن من معوقات ممارسة المرأة حقها السياسي قناعة لدى المجتمع غذتها بعض الظروف مثل الخطابات الاعلامية وخطب المنابر التي تروج أن المرأة أقل أداءً وإنتاجاً من الرجل في العمل السياسي، كما أن مركزها اجتماعياً أقل أيضاً من الرجل.
إضافة الى ذلك تذهب الدراسات وآراء المختصين في هذا الشأن الى أن الحركة النسوية في اليمن تسجل غياباً تاماً بل إنها غير فاعلة في القضايا الاجتماعية والسياسية، ومقصرة في الدفاع عن مصالحها وقضاياها.. إضافة الى وجود مناخ سياسي تحكمه ثقافة الحزب الواحد وغياب الممارسة الديمقراطية داخل الاحزاب الأخرى.. السلبية الشائعة في أوساط النساء وعزوف غالبيتهن عن الدخول في المنافسة والإدلاء بأصواتهن، وعدم المساندة لبعضهن في الحملات الانتخابية والتصويت لصالحهن، وعدم مساندة الاحزاب السياسية للمرأة في الانتخابات وعنف الانتخابات، وغياب الرسالة الاتصالية وتركيزها على الانجازات.
معوقات قانونية
وتعتبر الدراسات والبحوث الاخرى أن الجانب القانوني لحقوق المرأة وتمكينها اجتماعياً وسياسياً لا يوجد فيه أي قصور أو انتقاص من حق المرأة، ولكن هناك قصوراً في هذا الجانب من المرأة نفسها يتمثل في «أميتها القانونية»، والتي تعتبر معوقاً قوياً حال دون تطبيق هذه النصوص لصالحها.. خاصة في شق المعوقات الخاصة بمشاركة المرأة في العملية السياسية، حيث ان المشاركة الفاعلة للمرأة اليمنية في الترشيح والتصويت تكتنفها الكثير من العوائق للوصول الى مجلس النواب والقيادات العليا في الاحزاب والتنظيمات السياسية، وتحمل مسؤولية المشاركة في صنع القرار السياسي نتيجة لعدة عوامل أهمها الأمية الأبجدية والقيم الثقافية وحالة الاغتراب بين النصوص الدستورية من ناحية والواقع الفعلي للممارسة والمشاركة السياسية من ناحية أخرى.
مشاركة المرأة
رئيسة اتحاد نساء اليمن رمزية الارياني تؤكد أن الحوار لن يُكتب له النجاح، الا إذا توافرت النوايا الصادقة من كافة الاحزاب والاطراف وبالذات الاطراف (المتماحكة): «فإذا صدقت النوايا وكان الهدف الأكبر تحقيق مصالح الوطن واستعادة أمنه واستقراره، حينها سيكون الحوار الوطني هو المحقق لطموحات أبناء اليمن ومن خلاله وبمشاركة المرأة سيحققون ما يتطلعون للوصول اليه».
وتؤكد الارياني في تصريحات صحافية أن على كل المعنيين باتخاذ قرارات مصيرية بأن يفكروا في تمثيل المرأة وتواجدها، دون أية محاولات لتهميشها أو إقصائها.. وعليهم أن ينظروا بمنطقية الى التركيبة الاجتماعية وأن يقدموا الحرص الكامل على إعطاء المرأة الفرصة العادلة والمنصفة للمشاركة في الحوار الوطني وفي كافة المجالات والشؤون التي تتعلق بالبناء والتنمية والنهوض والتقدم بمشاركة النساء حتى يكون البناء صحيحاً والحصاد مثمراً - حد تعبيرها.
تحريك الجهود
۹ وتؤكد الدراسات المختلفة وآراء المختصين على أنه وحتى تستطيع المرأة نيل حقوقها كاملة وتمكينها سياسياً واجتماعياً- تحريك الجهود على كافة الاصعدة، وفي مقدمتها تفعيل دور وسائل وأجهزة الإعلام المختلفة في دعم المشاركة السياسية للمرأة اليمنية وإعداد سياسة اعلامية واضحة وفاعلة تهدف الى إبراز دور المرأة الايجابي في البناء والتنمية، وأهمية مشاركتها في العمل السياسي، وتطوير أدائها العلمي والمهني، والارتقاء بمستوى الخطاب الموجه للمرأة بما يزيد من وعيها بالحقوق والواجبات ويثري ثقافتها العامة، إضافة الى اهتمام وسائل الاتصال بالفعاليات التي تقوم بها المرأة في المشاركة السياسية وفي عملية التنمية الشاملة.
كما يطالب الكثيرون من الباحثين والمهتمين بقضايا المرأة اليمنية ومن أجل تمكينها سياسياً باعتماد نظام الكوتا، «تخصيص نسبة تمثيل المرأة في القيادات العليا للأحزاب السياسية المختلفة، والعمل على تدريب كوادر نسائية وتبني الندوات والمحاضرات التي تعكس أهمية دور المرأة في المشاركة السياسية.
ماذا تريد المرأة من مؤتمر الحوار؟
۹ تعول المرأة اليمنية كثيراً على مؤتمر الحوار الوطني، ولقد شهد العام 2012م الكثير من المؤتمرات والندوات والورش الخاصة بقضية المرأة ومشاركتها بفعالية وأن تكون حاضرة بقوة، وطرح قضاياها في هذا المؤتمر من أجل الخروج منه بأفكار ورؤى موحدة يتفق عليها الجميع خاصة فيما يتصل بتعزيز حقوق المرأة وتواجدها بشكل فاعل في الحياة السياسية وصنع القرار، وكذا في الحياة العامة والمجتمعات المختلفة.
وحول ماذا تريد المرأة اليمنية من مؤتمر الحوار الوطني؟ نتقصى الاجابة من النساء انفسهن من خلال آرائهن في دراسات وبحوث أو من مؤتمرات وندوات شاركن فيها أو عبر تصريحات ولقاءات صحافية متعددة.
الاستاذة بجامعة صنعاء/ كلية الاعلام الدكتورة سامية عبدالمجيد الاغبري ترى بأن: موقع المرأة في دوائر الحوار الوطني يمثل تحدياً أساسياً يواجه إنجاح عملية الحوار الوطني والوصول به الى مستويات متقدمة.
وتؤكد بأن أهم طريقة في التعاطي مع قضايا المرأة وكيفية إشراكها في الحوار الوطني، تتضمن في ضرورة توحيد الرؤى النسائية حول طبيعة ومستوى مشاركة المرأة اليمنية في لجان الحوار الوطني، لأن الهدف ليس هو تحقيق مساواة عددية بين الرجال والنساء في لجان الحوار الوطني، ولكن الاهم هو تمثيل مختلف التوجهات والرؤى النسائية، وهذا ما يقلق الكثير من النساء المستقلات في أن يقتصر مؤتمر الحوار على النساء السلطويات التابعات للأحزاب السياسية أو المنظمات والاتحادات الاهلية الخاصة بها.
آليات واقعية وواضحة
وتشترط الدكتورة الاغبري لنجاح مشاركة المرأة في مؤتمر الحوار الوطني وضع آليات واقعية وواضحة تساعد على إشراك المرأة في مؤتمر الحوار الوطني، بحيث يكون هناك تمثيل حقيقي للنساء بحسب تخصصها العلمي ومكان عملها «صحفيات، أكاديميات، قانونيات، أديبات، طبيبات، مهندسات..الخ»، ووجود تمثيل للنساء بحسب العمر بحيث تتاح الفرصة لبروز النساء الشابات المهتمات بالشأن السياسي لتحقيق التجديد المستمر في الحقوق والاحتياجات المتجددة للنساء ليواكب مراحل التطور في الفكر الانساني، وضرورة أن يكون هناك تمثيل لواقع المرأة الريفية «المتعلمة والمثقفة»، الى جانب المرأة الحضرية، وتمثيل النساء من الاتجاهات والرؤى المختلفة تجاه قضايا المرأة، وتخصيص برنامج يومي في الفضائية اليمنية يتم فيه إبراز دور المرأة في عملية الحوار الوطني، وان يعمل مؤتمر الحوار الوطني على مناقشة قضايا المرأة اليمنية ذات الأولوية المجتمعية وفرضها على أجندة المؤتمر، مع التأكيد بأن قضايا المرأة لا تنفصل عن قضايا الوطن والمجتمع، ولكن بعضها تمثل خصوصية تهم المرأة بدرجة أساسية، والتركيز على اختيار النساء ذات الكفاءات والخبرة والتأهيل سواءً أكن حزبيات أم مستقلات، حضريات أم ريفيات.. الخ.
أجندة عاجلة
وترى نادية السقاف - رئيس تحرير صحيفة «يمن تايمز» وعضو اللجنة الفنية التحضيرية للحوار الوطني: «ان مشاركة المرأة ودورها يعتمد بدرجة رئيسية على المشاركين في المؤتمر أنفسهم، والذين سيكونون من كافة أطياف وفئات الشعب، وهم من سيحدد ماذا يناقشون.. ونحن في اللجنة الفنية أدرجنا مواضيع المرأة في أجندة الحوار، والمتحاورون هم من سيناقشون التفاصيل.. واللجنة الفنية للحوار الوطني حددت نسبة مشاركة المرأة بواقع (30%) في قوائم المشاركين في المؤتمر، بما فيها رئاسة المؤتمر، واللجان الفرعية المنبثقة عنه.
مشاركة واسعة
وتقول جميلة علي رجاء -المستشار في وزارة الخارجية ورئيسة مركز يمن للاستشارات: «إن القضايا التي ستطرحها المرأة على مؤتمر الحوار الوطني كثيرة ومتعددة ولا تخفى على أحد، ومن مختلف النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية والصحية والتعليمية، وغيرها من القضايا التي يجب أن يقف أمامها المتحاورون بجدية وبما من شأنه إفساح المجال واسعاً أمام مشاركة المرأة وحضورها الفاعل في الحياة السياسية والعامة كشريك اساسي وفاعل في المجتمع وكل قضايا الوطن.
خارطة طريق
۹ وترى الدكتورة منى المحاقري - الاستاذ المساعد بجامعة صنعاء .. وعضو مركز أبحاث التنمية ودراسات النوع الاجتماعي: «إن وجود ممثلات للنساء في اللجنة الفنية التحضيرية لمؤتمر الحوار واختيارهن وفق معايير دقيقة يضمن تمثيل المرأة ومشاركتها الفاعلة في مؤتمر الحوار الوطني، ومناقشة قضاياها وقضايا كل الوطن، وانعكاس وجودها في صياغة وتعديل المواد التنفيذية في الدستور وضمان أخذ حصتها الكافية وبما لا يقل عن (30%) في كل مواقع صنع القرار والمجالس النيابية والمحلية وغيرها من المجالس المنتخبة.
أما الباحثة الدكتورة أحلام سلام فترى أهمية مشاركة المرأة في مؤتمر الحوار الوطني بفعالية وبما يناسب حجمها في المجتمع، فالنساء تمثل (52%) من المجتمع وبالتالي فإن دورها لا يقل أهمية عن دور شقيقها الرجل، .. وهناك من النساء من لديهن الكفاءة والقدرة الكاملة في إيجاد حل ووفاق وطني شامل لا يقصى منه فئة ولا منطقة ولا جنس أو نوع على آخر حتى نضمن الوصول الى حلول شاملة ومرضية لجميع الاطراف للخروج من تداعيات الأزمة الراهنة ورسم خارطة طريق اليمن الجديد.
وينبغي على المشاركات في المؤتمر أن يضعن رؤية واضحة ومطالب محددة، عماذا تريد المرأة من الدولة المدنية الحديثة؟ وما هو الوطن الذي نريده حاضراً ونريده لأبنائنا وللأجيال القادمة مستقبلاً..!؟
التمكين السياسي للمرأة اليمنية
استحوذت قضية تمكين المرأة سياسياً في مجتمعنا اهتماماً كبيراً من المرأة اليمنية ومن قبل المنظمات الاهلية والعالمية المعنية بحقوق الانسان وبقضايا المرأة، وظهر هذا الموضوع بشكل كبير خاصة في الفترة الاخيرة وما مرت به اليمن من أزمة سياسية ومراحل انتقالية أقرتها المبادرة الخليجية التي خصصت مكاناً للمرأة في مؤتمر الحوار الوطني لمناقشة قضاياها المختلفة وعلى رأسها عملية التمكين السياسي ومشاركتها الفاعلة في دوائر صنع القرار وداخل الاحزاب السياسية.
وفي هذا السياق يبرز واقع مرير فيما يخص وضع المرأة في مجتمعاتنا ومدى مشاركتها وفاعليتها في صنع القرار والتأثير فيه وإدماجها في عمليات التنمية، فهناك تأخر حقيقي في وضع المرأة، كما أن الاطراف التي ظلت ترفع شعار تمكين المرأة وحمل لواء الدفاع عن حقوقها انما في كثير من الاحيان تحاول كسب رأي المرأة ودعمها لها عند المنعطفات السياسية المهمة مثل العمليات الانتخابية المختلفة التي أجريت في البلاد سواء أكانت نيابية أم رئاسية أم محلية.
وإن كان الدستور اليمني اليمني يعترف بمساواة المرأة والرجل في الحقوق المدنية والسياسية غير أن وجود ضمانات دستورية تكفل حق المرأة لا يتجسد بالضرورة واقعاً تحقق فيه المرأة كامل حقوقها المدنية والقانونية والسياسية، كما أن انخفاض نسبة تمثيل المرأة شديد في أوساط اتخاذ القرار، قد جعل من حقوق المرأة الدستورية حبراً على ورق، مبادئ غير فعالة لتأمين مشاركتها في الحياة السياسية.
ويعتبر نقيب الصحفيين اليمنيين السابق عبدالباري طاهر أن صورة المرأة الحالية يعكسها الخلل الدستوري القائم.. ويوضح: «ان دستور العام 1964م حدد المساواة بين الرجل والمرأة، ثم نقضه دستور العام 1970م، لكن دستور الوحدة أعاد المادة الواردة في دستور (64م)، فاستبدلها دستور العام (1994م)، بأن الرجال شقائق النساء ليضع مفهوماً غامضاً لتعريف المساواة..».
وتؤكد الدراسات والبحوث وآراء المختصين والمعنيين: «أن عملية تمكين المرأة عامة وبالخصوص سياسياً والتصدي لها، هي عملية صعبة وطويلة الأمد وتواجهها تحديات جمة تحتاج الى همة عالية ونفس طويل من «مؤتمر الحوار الوطني» الذي عليه أن يدرك أن المرأة اليمنية بالفعل مهمشة ومقصاة الى حد بعيد عن حلبة العمل السياسي، سواء في دوائر صنع القرار أو في المجالس المنتخبة أو داخل الاحزاب والتنظيمات السياسية.
وتخلص العديد من الدراسات والبحوث وآراء المختصين الى أن المرأة لن تستطيع وحدها دون تكاتف وتعاطف كل أطراف المجتمع معها، ومؤتمر الحوار الوطني بالضرورة، ان تغير الكثير من واقعها الذي تؤطره الانماط الاجتماعية التقليدية لدورها، وهنا يبرز أيضاً بجانب الأحزاب والتنظيمات السياسية الدور المحوري والجوهري للمنظمات الاهلية في تمكين المرأة، إذا ما استوعب الجميع مفهوم التمكين وتبنته كتوجه استراتيجي في أروقتها وضمن خططها العملية عوضاً عن التوجه والتركيز على توفير الخدمات والرعاية الاجتماعية.. وذلك ما يجب أن يتناوله ويناقشه مؤتمر الحوار الوطني بحسب العديد من الباحثين والدراسات والبحوث في مجال تمكين المرأة اليمنية سياسياً واجتماعياً واقتصادياً وإشراكها بفعالية في صنع القرار والحياة السياسية والاجتماعية بمختلف أشكالها.
|
|
|
|
|
|
|
|
|
تعليق |
إرسل الخبر |
إطبع الخبر |
معجب بهذا الخبر |
انشر في فيسبوك |
انشر في تويتر |
|
|
|
|