د. عبدالعزيز المقالح -
للمرة الثانية أو الثالثة يتم وصف الرئيس الأمريكي جورج بوش بالمسكين لأنه كذلك، وكلما مر به الوقت وتراكمت حوله الأخطاء وتساقطت عليه الألفاظ القاسية أدركت كم هو بائس مسكين، ولعله أول رئيس أمريكي يرى وهذه الاشارات لا تعني التعاطف معه، فهو الذي اختار لنفسه هذا المصير وهو الذي اختار طاقم ادارته من المشبوهين وأصحاب المصالح التي لا تخدمه ولا تخدم الولايات المتحدة، وحتى بعد أن اتضح أنه محاصر بهم وبأخطائهم وأدرك أنه لم يعد قادراً على أن يفعل شيئاً، إلاّ أنه لا يستحق التعاطف ولا تجوز عليه الرحمة. لقد بدأ الرئيس جورج بوش معركته مع العالم من خلال رفضه التوقيع على القانون الدولي لحماية البيئة، وبدأت معركته مع العالم الاسلامي باطلاق اعلانه المشئوم عن الحرب الصليبية ثم باندفاعه الجنوني لاجتياح »محاور الشر المطلق« حسب تعبيره ابتداءً من افغانستان والعراق ومناطق أخرى.. وقد لا يغيب عن الساحة قبل أن يتورط في اشعال النيران في اماكن أخرى.. وهكذا لم تبق دولة في العالم صغيرة كانت أم كبيرة -باستثناء الكيان الصيهوني- إلاّ وتعاني من مشكلة أو أكثر مع البيت الأبيض بما فيها الدول التي تشارك الرئيس بوش في وجهات نظره أو بعض منها، فقد حرص على أن يجعل كل دولة تشعر أن له فيها أكثر من بديل يحركه متى شاء وكيف يشاء، وهو يفعل ذلك -كما يقول- لضمان ولاء الأنظمة الصديقة!! والأسوأ من كل ذلك أن ادارة الرئيس جورج بوش قد تبنت منذ بداية عهده المضطرب اختراع الاكاذيب الكبرى ثم تصديقها، يتبع ذلك الاصرار على أن تلك الأكاذيب حقائق لا يمكن التشكيك في مصداقيتها حتى بعد أن يكون العالم بأكمله قد أدرك كذبها ومدى خلوها من الصحة، كما هو الحال -على سبيل المثال- مع الأكذوبة الكبرى التي أعلن بوش بموجبها الحرب على العراق وهي وجود أسلحة الدمار الشامل، والتي لايزال مصراً على وجودها بعد تدمير العراق، وبعد أن لم يبق شبر واحد فيه لم تسقط عليه ضحية بريئة أو أكثر، وبعد أن تغطّى وجه العراق كله بالدماء.. ولا يساوي اصراره على مصداقية أكذوبة أسلحة الدمار الشامل سوى اصراره على النصر الذي أحرزه في هذا البلد العربي المقاوم. والغريب أن هذا الرئيس المسكين عندما يواجه بالأسئلة عن النصر وهل هو عسكري أم سياسي فإنه يهرب الى حديث آخر وكأنه لا يسمع أو أنه غير معني بالرد على الأسئلة الجادة التي تستدعي اجابة صادقة غير ملتوية تضع النقاط على الحروف وتكشف عن عمق الورطة التي وقعت فيها الادارة الأمريكية وأوقعت فيها اطرافاً كثيرة في العالم الذي بات يتململ ويبحث عن وسائل للخروج منها قبل أن تفتح الأبواب الى مآزق ومشكلات أخرى من شأنها أن تضاعف القلق والتوترات في عالم لا ينقصه المزيد منها. ألم أقل لكم أنه مسكين، ولكنه مسكين غير جدير بالتعاطف لأنه الذي وضع نفسه في هذا الموقع، واحاط رئاسته بقوى شرسة متطرفة تدافع عن مصالحها بكل ما امتلكته من أساليب وما اعدته من ترتيبات مسبقة، وهذه القوى الممسكة بالقرار في البيت الأبيض لن تتردد حين يدعو الأمر الى الاطاحة بالرئيس بوش لاسيما وقد حققت هذا القوى من المصالح المادية والسياسية في الفترة الماضية ما لم تكن تحمل به، وكل ذلك تم على حساب اقتصاد الولايات المتحدة ودماء أبنائها، وعلى حساب النفط والعراق ودماء ابنائه الذين يعيشون حالة من القهر المادي والنفسي لم يشهده شعب آخر على وجه الأرض بما في ذلك الشعب الافغاني الواقع تحت براثن الاحتلال متعدد الجنسيات.