الميثاق نت - ذاع صيت رئيس الوزراء اليمني المعيَّن حديثاً علي محمد مجوّر بأنه معاد حقيقي للفساد عندما كان يشغل منصبه السابق وزيراً للكهرباء في الحكومة التي خلفها. فمن ضمن جهوده لتصحيح بعض الاختلالات أمره بفصل أمداد الكهرباء لأحد مقرات الحزب الحاكم في اليمن المؤتمر الشعبي العام لعدم سداد فواتير الكهرباء المتراكمة عليه لخمس سنوات متتالية.
إختيار مجور رئيساً للحكومة اليمنية الجديدة يعكس أهتمام الرئيس اليمني علي عبدالله صالح بإقناع المانحين الدوليين بالنوايا الجادة للحكومة في السير قدماً نحو إجراء إصلاحات اقتصادية ومكافحة الفقر والفساد.
وهذا التعيين يهدف أيضا إلى إجراء فصل بين سياسات الإدارة الاقتصادية والإدارة الحزبية للمؤتمر الشعبي العام، والأخيرة ستكون حكراً على رئيس الوزراء السابق عبدالقادر باجمال.
في نوفمبر الماضي، بعد إعادة إنتخاب الرئيس صالح، تلقت الحكومة اليمنية تعهدات من مؤتمر للمانحين- عقد في العاصمة البريطانية لندن- بتقديم مساعدات مالية وصلت إلى 4.7 مليار دولار أمريكي للسنوات الأربع القادمة.
أحد أسباب سخاء المانحين كانت الضمانات المقدمة من الحكومة اليمنية بأتخاذ الإجراءات المناسبة لضمان وجود رقابة فاعلة لصرف المساعدات وأن المبالغ المالية لن تتلاشى في البيروقراطية والاقتصاد الشكلي، كما حدث ذلك في الماضي.
تمثل حصة الأسد من التعهدات المالية الأجنبية على شكل منح من دول الخليج العربي، ليس فقط لأنها تملك ثروات احتياطية نتيجة إمدادات النفط الواسعة بل لأنها أيضا مهتمة كثيراً بترميم الإنهيارات الاقتصادية التي تحدث لجاراتها العربيات التي تعاني من الفقر والكثافة السكانية.
فبكونها إحدى الدول الأقل نمواً في العالم، حيث التغطية الكهربائية تصل إلى نسبة 30 بالمائة مما هو مطلوب و64 بالمائة من السكان لا تتوافر لديهم مياه شرب نقية، تصبح اليمن في أمس الحاجة لدعم مالي خارجي.
كثيرون هم من توقعوا أن رئيس الوزراء اقتصادي تخرَّج من جامعة فرنسية، سيردف إلى حكومته وجوه تكنوقراط شابة. المانحون سيرقبون عن قرب التعاون مع نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية إلى جانب موقعه السابق كوزير للتخطيط والتعاون الدولي في الحكومة السابقة عبدالكريم الأرحبي، والذي لعب دوراً محورياً في إنجاح مؤتمر لندن.
والمتوقع أن مجور سيدير بإحكام تنفيذ الخطة الخمسية (2006) التي تهدف إلى تحقيق معدل حقيقي لمستوى دخل الفرد ليزيد على 7 بالمائة، والتركيز على نحو أساسي في تعزيز حصر الإنفاق العام وتقليص الإنفاقات الهامشية الحالية.
ولتحقيق هذا الهدف، يتوجب على الحكومة بذل جهود مخطط لها للتخلص من تقديم إعانات مالية وتخفيض فاتورة الأجور وتقليص إنفاقات الدفاع. ومع ذلك، فمن الواضح أن الحكومة الجديدة سيكون أمامها طريق طويل لتحقيق ذلك.
فوفقا لميزانية عام 2007، فإن المبالغ المخصصة للصرفيات الخاصة من المنتجات النفطية تفوق ميزانية مشاريع العاصمة صنعاء، على الرغم من أن ميزانية الحكومة في خطتها الخمسية ستوقف كل أشكال الإعانات المالية بحلول عام 2010.
وزارة المالية أحتفظت بميزانيتها بعيداً عن الاعتمادات المالية المقدمة من مانحي لندن. وتعهدت بالحفاظ على المساعدات المالية بمعزل عن حسابات الميزانية العامة للحكومة لتقلق من مخاوف المانحين الأجانب بأن تبرعاتهم ربما لا يتم استثمارها في المشاريع العامة كما هو مخطط لها، لكن بدلاً عن ذلك يتم تأجيل صرفها على المظهر العام أو الأخطر من ذلك تضيع في الفساد.
ومع ذلك، فقد تعرضت الحكومة السابقة لانتقاد شديد من المعارضة البرلمانية بسبب فشلها في معالجة مستويات الفقر العالية في البلاد. وبذلك تكون كل تلك المشاكل قد نقلـت إلى مجور ليعالجها بحكومته الجديدة.
في إعلانه عن تعيين مجور، أوضح الرئيس صالح بأنه يتمنى من باجمال أن يكثف جهوده في عمله كأمين عام لحزب المؤتمر الحاكم للإعداد للإنتخابات البرلمانية القادمة المتوقع إجراؤها في عام 2009 م.
لكن أكثر ما يقلق الزعماء السياسيين في البلاد حالياً هو التمرد المتواصل الذي يقوده متشددون في محافظة صعده الواقعة في شمال شرق البلاد.
بداية أحداث التمرد كانت في سبتمبر 2004 عندما بدأ زعيم جماعة الشباب المؤمن، حسين الحوثي بالإنشقاق عن الحكومة المركزية احتجاجاً على تعاون اليمن مع الولايات المتحدة الأمريكية في حربها على الإرهاب.
وبعد معارك متفرقة وسلسلة من الهدنة قصيرة العمر، أنفجر قتال شرس بين القوات الحكومية وبين الحوثيين في يناير الماضي، عندها أعلن الرئيس صالح عن عزمه اجتثاث الجماعة لقتلها عدداً من الجنود في هجوم غادر على موقعهم العسكري.
< لندن : عن موقع »وحدة تبادل المعلومات الاقتصادية في بريطانيا«
|