جميل الجعـدبي -
حتى لو انقسم المؤتمر الشعبي العام بين رئيس المؤتمر الزعيم علي عبدالله صالح ، والنائب الأول الأمين العام فخامة الرئيس عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية ، أو أصبح بلا رأس بالمرة -كما يريد له المشترك- أو انهارت بنيته التنظيمية ولحمته الجماهيرية، وتشتت قواعده بين الحراك جنوباً وجماعة الحوثي شمالاً، فإن مشكلة أمناء عموم الإصلاح، والاشتراكي ، والناصري لن تحل ، وسوف يبقى رئيس وزراء حكومة الوفاق محمد سالم با سندوة يشتكي بقايا المؤتمر وحلفائهم ، ويبكي عند السفراء وجمال بن عمر، والزياني ، وسوف يبقى الأستاذ عبدالوهاب الآنسي والدكتور ياسين سعيد نعمان وسلطان العتواني يطالبون الأمم المتحدة والسفير الأمريكي وحلف الناتو والمارينز الأمريكي بترحيل بقايا النظام وبقايا المؤتمر وحلفائه القدماء والجدد ، وسوف يطالبون برحيل الحراك الجنوبي وجماعة الحوثي والكيانات السياسية الوليدة، وسوف يشترطون رحيل الأمناء العامين المساعدين للمؤتمر، وأعضاء اللجنة العامة، وأعضاء الأمانة العامة ورؤساء وأعضاء المؤتمر في المحافظات والمديريات والقرى، ورحيل الشعب اليمني كله.
مشكلة ثلاثة أحزاب في المشترك أنهم مغتصبون للسلطة، وأنهم فشلوا خلال عام ونصف من عمر المبادرة في تقديم أنموذج أفضل لإدارة شئون البلاد وتوفير احتياجات المواطنين ، فشلوا في توفير الأمن، وتقديم برنامج إنعاش اقتصادي واستيعاب أموال المانحين، وتحريك عجلة التنمية، استباحوا الوظيفة العامة ومنحوها لأقاربهم ، ومارسوا أسوأ نماذج الفساد المالي والإداري..ومتى ما تمكنوا من تجاوز هذه العوائق فلن يكونوا مضطرين لطأطأة رؤوسهم أمام الوفود الدولية والأشقاء والأصدقاء والمانحين ، ولن يكونوا في حاجة للبحث عن شماعة لتبرير إخفاقاتهم، والعودة مرة أخرى لشعارات المزايدة مثل المطالبة بإسقاط النظام ورحيل النظام.
مشكلة أحزاب الإصلاح ، الأشتراكي، الناصري، هي مع قواعدها وأنصارها ، وفي الانقلاب والتنصل عن مبادئها وقيمها، والتناقض ما بين أدبيات وتوجهات وشعارات هذه الأحزاب وبين ممارستها على ارض الواقع.
تدرك القوى التي تصدرت موجهة الاحتجاجات الشبابية لإسقاط النظام والدولة، أن وسطية المؤتمر الشعبي العام وحلفائه واعتدالهم وقبولهم بالآخر وإيثارهم المصالح الوطنية على المصالح الحزبية والشخصية ، وثباتهم على مبادئهم وأيدلوجيتهم الوطنية البحتة.. كلها عوامل حالت دون الإنجرار إلى مربع العنف والاحتراب وإسقاط النظام والدولة بمؤسساتها ومنظومتها الإدارية بنيتها التحتية، وبما يمكن المشترك حينها من اغتصاب السلطة مرتدياً ثوب المنقذ ، بحيث يبدو أمام الجمهور انه صاحب فضل يجنبه مأزق المساءلة الأخلاقية والجماهيرية الذي هو واقع فيه اليوم.
المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية خلعت المشترك عن تزعم موجة الاحتجاجات وأسقطت عنه هذا الاستحقاق ، لكن حلمه في تربع عرش الحكومة ورئاسة الجمهورية على أنقاظ دولة منهارة» حزب حاكم، حكومة، رئاسة» ظل هاجساً متواصلاً ، ولم يكن يدُر بخلد قيادات المشترك ان قيادات المؤتمر ورئاسة الجمهورية سيوقعا المبادرة الخليجية.
ورغم أن المبادرة الخليجية مثلت انتصاراً لمبادئ المؤتمر وجاءت ترجمةً لمبادراته ودعواته لشركاء العمل السياسي، كما أنها خففت عن المؤتمر أعباء والتزامات السلطة ، وخرج منها المؤتمر لأول مرة برئيس مؤتمر متفرغ لشئون حزبه، غير أن المشترك اعتبرها كذلك خطوة هامة على طريق انهيار المؤتمر واجتثاثه أسوة بالحزبين الحاكمين السابقين في تونس ومصر، وذلك انطلاقاً من اعتقاد المشترك بأن المؤتمر الشعبي العام هو رئيس الجمهورية وهو الدولة وهو المالية والإعلام ، ومجرد انتقال وزارتي المالية والإعلام للمشترك يكون المؤتمر انتهى عملياً، ليبقى فقط العمل على ضرب العلاقة التنظيمية بين رئيس الجمهورية الجديد المشير عبدربه منصور هادي وحزبه.
من هنا سعى المشترك لعزل الرئيس هادي عن حزبه والإيقاع بين قيادات المؤتمر، فرغم أن الانتخابات الرئاسية المبكرة هي مبادرة مؤتمرية بامتياز ورغم أن الرئيس هادي كان بحسب مصادر مؤكدة مرشح المؤتمر الشعبي العام للانتخابات الرئاسية القادمة منذ مطلع العام 2010م، ومنذ كانت الانتخابات هي جوهر الخلاف (المؤتمري - المشتركي)، ورغم أن رئيس الجمهورية تولى مهام الرئاسة في الوقت الذي كان المشترك لا يزال يرفض فكرة الانتخابات ، ويتهكم على دعاتها، ويكيل لهم الاتهامات بما فيهم الرئيس هادي غير أن اللافت سرعة تبديل أحزاب المشترك ورموز ساحته لجلودهم حتى بدوا صبيحة اليوم الثاني للانتخابات الرئاسية المبكرة فبراير 2012م كما لو أنهم أصحاب الفضل فعلاً في وصول الرئيس هادي للسلطة حتى قيل حينها من باب الطرافة أن الرئيس هادي الأخ غير الشقيق للواء على محسن ، مدشنين بذلك مرحلة ابتزاز الرئيس واستغلال توافقيته، لضرب خصومهم واستكمال مخطط الاجتثاث ، فكان لافتاً في هذه المرحلة احتفاء المشترك بانعقاد اجتماع اللجنة العامة للمؤتمر بغياب رئيس الجمهورية، وكان لافتاً توظيف المشترك لقرارات الرئيس هادي التي كانت تأتي على رؤوس أعضاء المؤتمر ، وتوظيفها كما لو أنها إجراءات عقابية، غير أن الواقع يؤكد تجاوز المؤتمر لهذه المرحلة بتفهم عالٍ، وإيثارٍ للمصلحة الوطنية العليا والتزامٍ بمبادئ الشرعية الدستورية ، وإن لوحظ تبرم من تلك القرارات إلا أن النتيجة النهائية هي الالتزام بقرارات الرئيس هادي وتأييد ومساندة جهوده.
ومن هنا يمكن استخلاص الرد المناسب على محاولات المشترك التدخل في شئون المؤتمر والهادفة لتمزيق المؤتمر من خلال مواقف المشترك التالية :»
أولاً: تذكير قيادات الاشتراكي والناصري والإصلاح بمقاطعتهم حفل تسليم واستلام السلطة بين الرئيسين صالح وهادي والمنعقد في الـ 27 من فبراير 2012م بحضور دولي واهتمام إعلامي واسع، حيث بررت قيادات المشترك يومها غيابها عن الحفل باعتباره شأن داخلي يخص حزب المؤتمر.
ثانياً: تذكير المشترك بخطابهم السابق عقب توقيع المبادرة الخليجية والتي أفضت إلى تسوية سياسية بين أطراف الأزمة، وتحديداً حينما ردت قيادات المشترك على شبابهم في الساحة بالقول إن المبادرة الخليجية والتسوية السياسية هي الحل المناسب ومن لديه حل آخر لإسقاط النظام وترحيله فالطريق أمامه ولن يمنعه من ذلك أحد..!
[email protected]