يحيى علي نوري -
< نجاح الحوار مرهون بمدى انتصار المتحاورين لمثله وقيمه ومدى قدرتهم على التعامل الفاعل مع مختلف القضايا المطروحة برؤية منفتحة متجردة تماماً من كافة التمترسات والقرارات المسبقة والتخلي تماماً عن كل جدال عقيم لايؤدي الى نتائج مثمرة.
ولكون الحوار فن في عرض الأفكار بأساليب مهنية تراعي الدقة والموضوعية وتستكشف المشهد وتحدد بدقة عالية أين تكمن علله والمصلحة الوطنية العليا فإنه سيمثل بتفاعلاته اضافة مهمة للتجربة الديمقراطية اليمنية ويجسد عظمة الايمان بالحوار كاسلوب ديمقراطي مثمر لحل مختلف القضايا العالقة من خلال إعمال العقل بروح عالية.. لذا فان نجاحه سيكون نقطة فارقة في تاريخ اليمن المعاصر، نقطة سيكون من حق اليمنيين جيلاً بعد جيل الاحتفاء به كانجاز ديمقراطي حضاري عظيم أمكن لوطنهم بلوغه في زمن عربي يتسم بالتمترس والغلو وتصفية الآخر..
لاريب ان الشعب سيرقب باهتمام بالغ وعبر مختلف الوسائل تفاعلات الحوار وسيتعلم من مداخلاته واطروحاته الكثير من القيم والمثل الحوارية وان يستوعب تماماً واقع وطنه الراهن ومتطلبات تعزيز مسيرته وتحديث كافة جوانب حياته وآليات دولته الجديدة التي ينشدها والمعبرة عن روحه الوحدوية المتجددة.
ولكون الحدث عظيم وتاريخي بامتياز فإن دعوة الاخ عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية الى مختلف الوسائل الاعلامية بضرورة التهيئة للحوار ونبذ مختلف الممارسات المعيقة المستنبتة للخلاف والتأزم تمثل هي الاخرى من الأهمية بمكان بصورة لاتقل عن أهمية الحوار نفسه.. فوسائل الاعلام مسئولة عن تنمية الوعي في صفوف الجماهير حول الحوار وأهميته وما سيتمخض عنه من نتائج وآثار في اخراج اليمن من أتون أزمته الراهنة.
وتلك مسئولية تتطلب من مختلف الوسائل الاعلامية ان تتفاعل مع هذه الدعوة بأعلى درجات الاستشعار بالمسئولية الوطنية وان تعيد ترتيب أوراقها وأجندتها من جديد، وبالصورة التي تمكنها من تشكيل المشهد الكامل للحوار الوطني الشامل والاصطفاف الشعبي العارم حوله وبما يضع حداً لكافة أساليب التجهيل والتضليل والكراهية الهادفة الى اخراج الحوار من اطاره وقيمه وخلق مناخات غير مواتية من شأنها ان تؤثر من قريب أو بعيد على مسار الحوار الوطني.
ان على الجميع مسئولية تاريخية ينبغي عليهم أن يضعوا جانباً كل التأثيرات السلبية التي تمخضت عن الأزمة ومازالت تؤثر وتنغص الحياة اليمنية وان ينظروا الى المستقبل برحابات أكبر وبرؤى تستلهم متطلبات الحاضر والمستقبل وان يدركوا ان نجاحهم عظيم لوطنهم وأجياله القادمة وان يسجلوا جميعاً لوحة عظيمة تجسد الحكمة اليمانية التي يرقب العالم اليوم مدى قدرة اليمنيين على انتصارهم لها، بعد ان سجل اعجابه الكبير بما قطعه اليمنيون من خطوات على طريق تحقيق التسوية السياسية وليقدموا درساً للشعوب في الايمان بالممارسات الديمقراطية واحترام مثل هذه الممارسة القائمة دوماً على الحوار المسئول.
حفظ الله اليمن.. وسدد على طريق الخير خطاها..