سمير النمر -
< يقف اليمنيون اليوم أمام حدث تاريخي ومفصلي في سِفر اليمن الخالد المثخن بالجراح، تحدوهم الآمال وينتابهم الخوف ما بين متفائل ومتشائم بجدوى الحوار الوطني الذي ينطلق اليوم، ورغم التشاؤم لدى البعض من جدوى الحوار إلا أن الكثير من أبناء الشعب اليمني يعلقون عليه آمالاً كبيرة لتحقيق آمالهم وطموحاتهم لتجاوز الأزمة الطاحنة التي حلت بالبلد وكادت أن تودي به الى غياهب المجهول، كما يتطلع اليمنيون من هذا الحوار إلى الخروج بحلول ناجحة وكفيلة بحل مختلف المشكلات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تعاني منها بلادنا.
ولاشك أن نجاح رهان اليمنيين على الحوار الوطني في حل مشاكلهم يتوقف على مدى قدرة المتحاورين على تجسيد أحلام وطموحات الشعب اليمني، الأمر الذي يتطلب منهم أن يكونوا بحجم المسؤولية الملقاة على عاتقهم وأن يكون لديهم شعور وطني صادق قادر على تحمل المسؤولية والنهوض بها بعيداً عن التعصب الحزبي والقبلي والجهوي والطائفي، واضعين نصب أعينهم المصلحة العليا للوطن فوق كل المصالح الضيقة.. وأن يكونوا رسل محبة وسلام لا رسل كراهية وحقد وانتقام لأن الأجيال والتاريخ سيشهدون على هذه اللحظة وسيذهب دعاة الكراهية والحقد الى صفحات التاريخ السوداء وستلاحقهم لعنات الأجيال.. أما دعاة الحوار والحب والسلام ومن ينشد مستقبلاً أفضل لليمن فسيسكنون في قلوب اليمنيين وسيسجلهم التاريخ في أنصع صفحاته بأحرف من نور..
ومن هنا نقول: إن انطلاق مؤتمر الحوار الوطني يشكل نقطة تحول مهمة في تاريخ اليمن المعاصر نحو رسم ملامح مستقبل اليمن القادم كما يعد محطة مهمة لكل الأطياف السياسية والاجتماعية في اليمن للتطهر من النزعات الشريرة والاطماع الحزبية والحسابات الثأرية الانتقامية والمكايدات السياسية وخلع عباءة الماضي بكل أدرانها من أجل الدخول الى الحوار بنفوس صافية مملوءة بالحب ومستشعرة للمسؤولية الوطنية حتى يثمر الحوار ويؤتي أكله، وحينها فعلاً سنكون قد حققنا أحلام اليمنيين وطموحاتهم وجسدنا قول رسولنا الكريم صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله بأننا أهل الإيمان والحكمة قولاً وعملاً، وهذا ما نرجوه من المتحاورين في مؤتمر الحوار الوطني إذا كانوا فعلاً مؤمنين بالله ورسوله وينتمون الى هذا الشعب العظيم ويعملون على تحقيق مصالحه، وأعتقد أن مؤتمر الحوار الوطني الذي سيجمع كل فئات وأحزاب الشعب اليمني على طاولة واحدة لهو كفيل بإظهار من هو الوطني والمخلص لليمن وأمنه واستقراره ومن هو الخائن والعميل الذي لا يهمه مصلحة اليمن ولا أمنه ولا استقراره، وسيكشف من هم أصحاب المشروع الوطني ومن هم أصحاب المشاريع الشمولية والأجندة المشبوهة، لأن الشعب اليمني سيكون مراقباً وشاهداً على الجميع وحينها سيعرف من عدو اليمن ومن هو حبيب اليمن.. وأخيراً وليس آخر أسأل الله العلي العظيم أن يوفق الجميع لما فيه خير هذا الشعب وأن يسدد على طريق الخير خُطاهم.. قال تعالى «فأما الزبد فيذهب جفاءً وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض» صدق الله العظيم.