موقع المؤتمر نت



موقع مايو نيوز



موقع معهد الميثاق


الحديدة.. إصابة طفل بانفجار في الدريهمي - وحدة الصف الوطني.. الحصن المنيع لمواجهة المشاريع الاستعمارية - 43846 شهيداً منذ بدء العدوان على غزة - 6364 مهاجر أفريقي وصلوا اليمن في شهر - الرئيس/ علي ناصر يعزّي بوفاة النائب البرلماني الدكتور عبدالباري دغيش - تدشين خطة الانتشار الإسعافي على الطرق السريعة - النواب يجدد الثقة بالإجماع لهيئة رئاسته لفترة قادمة - صنعاء: انطلاق حملة للتبرع لمرضى الثلاسيميا - ارتفاع عدد شهداء غزة إلى 43 ألفاً و799 - مع غزة ولبنان.. مسيرة مليونية بصنعاء -
مقالات
الخميس, 17-مايو-2007
بقلم نقولا ناصر* -
إن التقارير الإعلامية عن أسماء يرشحها الرئيس الفرنسي المنتخب ، نيكولا ساركوزي ، لوزارة الخارجية ممن تصفُهم الدوائر الإسرائيلية بالمؤيٌدين للعرب والفلسطينيين فقط لأنهم ينتقدون الاحتلال الإسرائيلي ينبغي ألاٌ تصرف الأنظار عن الخلفية الصهيونية واليهودية للرئيس "الكاثوليكي" ونزعته "الأميركية" وصداقاته مع غلاة اليمين السياسي الرأسمالي الأوروبي والأميركي وغيرها من العوامل التي تنذر بتحوٌل "انقلابي" في السياسة الخارجية الفرنسية خلال السنوات الأربع المقبلة ينهي التوازن الفرنسي الذي دشٌنه شارل ديغول عام 1967 تجاه الصراع العربي الإسرائيلي بعامة والصراع الفلسطيني الإسرائيلي بخاصة . فالتقارير التي ذكرت بأن ساركوزي قد يختار الاشتراكي هيوبرت فيدرين أو رئيس الوزراء الأسبق في عهد جاك شيراك ألين جوبيه وزيرا للخارجية وبأنه قد يسند حقيبة وزارية أيضا لوزيرة دفاع شيراك ، ميشيل أليوت- ماري ، قد أثارت "الصدمة" و "خيبة الأمل" في إسرائيل ، كما قالت الجروزالم بوست الاثنين الماضي ، لتُخفٌف من حملة ترحيب يهودية وصهيونية وإسرائيلية واسعة أعقبت انتخابه مباشرة تصدٌرتها كبريات المنظمات اليهودية الأميركية والاوروبية والفرنسية بالإضافة إلى القادة الإسرائيليين ، دون أيٌ إشارة طبعا إلى ما تناقلته وسائل الإعلام الفرنسية عن احتمال أن يتولى حقيبة وزارة الهجرة و"الهوية الوطنية" في الحكومة المقبلة المحامي اليهودي آرنو كراسفيلد ، ابن أثنين من أشهر صيادي النازيين الذي حصل على الجنسية الإسرائيلية عام 2002 وخدم في قوات حرس الحدود الإسرائيلية بعد ذلك . غير أن هذه "الصدمة" سرعان ما تبدٌدت بعرضه وزارة الخارجية - على ذمة لوموند - على الاشتراكي السابق وأحد مؤسٌسي "أطباء بلا حدود" ، برنارد كاوتشنر ، صاحب نظرية "التدخل الإنساني" لتسويغ التدخل الدولي ضد الدكتاتوريات وهي النظرية التي دفعته إلى انتقاد المعارضة الفرنسية للغزو الأميركي البريطاني للعراق عام 2003 بحجة أنها شجعت واشنطن ولندن على الذهاب إلى الحرب دون غطاء من الأمم المتحدة . لقد نقل الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية عام 1967 فرنسا من دور الراعي الدولي الأوٌل للدولة العبرية الناشئة الذي زوٌدها بإمكانات امتلاك السلاح النووي في خمسينات القرن العشرين الماضي إلى موقف متوازن من الصراع العربي الإسرائيلي تطوٌر إلى استقلالية عن التبعية للولايات المتحدة الأميركية في السياسة الخارجية تجاه المنطقة العربية ، غير أن باريس عقب تولٌي نيكولا ساركوزي الرئاسة هذا الأسبوع تبدو مهيأة ، عشية الذكرى التاسعة والثلاثين لهذا الاحتلال ، للانكفاء إلى موقف غير متوازن ومنحاز لإسرائيل وحليفها الإستراتيجي الأميركي في هذا الصراع قد لا يحدٌ من أضراره إلا موقف عربي موحٌد يستثمر المصالح الفرنسية الكبرى في العالمين العربي والإسلامي . بعد ثلاثة أيٌام فقط من وقف إطلاق النار عام 1967 أمر الرئيس الفرنسي شارل ديغول وزير خارجيته آنذاك بإدانة إسرائيل في الجمعية الوطنية الفرنسية وفي الجمعية العامة للأمم المتحدة ليعلن هو نفسه بعد ذلك بشهر: "قلنا للإسرائيليين ألا يبدأوا الحرب . والآن فرنسا لا تعترف بفتوحاتها (أي إسرائيل)" ليضيف بعد ذلك أن "إسرائيل قد هاجمت واستولت خلال ستة أيام من القتال على أهداف كانت تريد نيلها ، وهي الآن تُنظٌم في المناطق التي أخذتها احتلالا لا يمكنه إلا أن يشمل الاضطهاد والقمع ونزع الملكية وظهرت هناك مقاومة ضدٌها تصفها هي بالإرهاب" . وقد ظل هذا هو الموقف الفرنسي الذي لم يعط العرب أي سبب للشك في إمكانية تغيٌره وهو في الجوهر الموقف الذي التزمه الرئيس المنتهية ولايته شيراك ، الذي كرٌمه الفلسطينيون مؤخٌرا بإطلاق اسمه على أحد شوارع مدينة رام الله وكرٌمه العرب بمنحه شقة فاخرة يملكها اللبناني – السعودي سعد الحريري في باريس للإقامة فيها بعد انتهاء رئاسته . لكن انتخاب ساركوزي خلفا له في السادس من أيار/مايو الجاري يهدد خمسين عاما من التوازن الفرنسي بين طرفي الصراع العربي الإسرائيلي . وكشف ساركوزي رؤيته الإستراتيجية للمنطقة العربية عندما دعا في خطاب انتصاره الانتخابي إلى إنشاء "إتحاد متوسطي" يضم الدول الأوروبية المطلٌٌة على البحر الأبيض المتوسط والمغرب والجزائر وتونس ومصر والأردن ولبنان وتركيا وإسرائيل في "انتقائية" مثيرة للشبهة تشير إلى سياسة قد لا تختلف كثيرا في جوهرها عن سعي واشنطن إلى شق الصف العربي بإقامة محور للدول العربية "المعتدلة" يضم إسرائيل ضد "محور الشر" السوري الإيراني . وفي الخطاب ذاته تجاهل ساركوزي كل قضايا المنطقة المتفجٌرة ولم يجد من همومها ما يستحق التوقف عنده سوى قضية الممرضات البلغاريٌات في ليبيا ! لقد وصفت المعارضة الفرنسية ساركوزي ب"الأميركي" وبأنه النسخة الفرنسية للمحافظين الجدد الأميركان ، ومن هؤلاء كثير من اليهود وربما يكون بعضهم من أخواله الذين هاجر قسم منهم إلى أميركا وقسم آخر إلى فرنسا من اليونان . وردٌ ساركوزي: "ليس لديٌ أيٌ نية للاعتذار عن إحساسي بالصلة الروحية مع الديموقراطية الأعظم في العالم" . وكان في أيلول/ سبتمبر الماضي قد زار واشنطن واجتمع مع الرئيس جورج دبليو. بوش في الذكرى السنوية لاعتداءات 11 سبتمبر ليدعو بعدها إلى "عصر جديد في العلاقات عبر الأطلسية" . وفي خطاب نصره أعلن أن الولايات المتحدة تستطيع منذ الآن الاعتماد على صداقة فرنسا . وتتفق وجهات نظر ساركوزي مع إدارة بوش حول قضايا عالمية رئيسية مثل المواقف من الإسلام ، والإرهاب ، وانتشار الأسلحة النووية ، والدور المُتنامي للصين ، وتوسيع الإتحاد الأوروبي وحلف الناتو باتجاه الشرق ، وغيرها . غير أن ميوله الأميركية ينبغي بصفة خاصة أن تثير القلق العربي بسبب انعكاساتها السلبية المتوقعة على الصراع العربي الإسرائيلي بخاصة وعلى قوٌة الدفع التي يمكن أن تمنحها للرؤية الإستراتيجية الأميركية للشرق الأوسط "الجديد" أو "الكبير" ، لا فرق ، فمن يؤيد الرؤية الأميركية لقارته الأوروبية نفسها لن يعارض هذه الرؤية للمنطقة العربية ، إذ أصبح في حكم المؤكد أن تتخلى فرنسا عن استقلاليتها في التعاطي مع الصراع العربي الإسرائيلي لتلحق بالرؤية الأميركية لحله . كما يتضح أن ساركوزي لا يرى أيضا أي تعارض بين المصالح الفرنسية وبين ما تخطط واشنطن له لإعادة ترتيب الشرق الأوسط ، وربما سيحاول ساركوزي البناء على تجربة التنسيق الأميركي – الفرنسي في لبنان والتفاهم المشترك حول قضية دارفور السودانية ليعمٌم تلك التجربة وذاك التفاهم إقليميا . وتجدر هنا الإشارة إلى أن منافسته الاشتراكية في الانتخابات ، سيغولين رويال ، عرضت في برنامجها السياسي طرح مبادرة أوروبية لحلٌ مُستقل عن المبادرات الأميركية للصراع بين العرب وبين إسرائيل . ومن المتوقع أن يُفاقم انتخاب ساركوزي من الأزمة اللبنانية الداخلية وكذلك الأزمة اللبنانية السورية لأنه أولا سيواصل سياسة سلفه جاك شيراك القائمة على استعداء سوريا وتحييد دورها في لبنان ولأنه ثانيا ، بعكس شيراك ، يعتبر حزب الله منظمة إرهابية يجب تجريدها من السلاح ، وقد أكد هذه التوجهات في لقائه بعد انتخابه مع سعد الحريري في باريس . وكان ساركوزي قد أدان حزب الله كمعتد في الحرب الإسرائيلية على لبنان الصيف الماضي وعارض وقف إطلاق النار في موقف متطابق مع موقف واشنطن . ومع أنه عارض الغزو الأميركي للعراق عام 2003 باعتباره "خطأ تاريخيا" ، إلا أن ساركوزي حمٌل رئيسه شيراك المسؤولية عن "الأزمة" في العلاقات مع واشنطن التي أعقبت الغزو وانتقد معارضة حكومتة الفرنسية العلنية للحرب ووصفها ب"المتعجرفة" في تصريحات وصفها شيراك ب"اللاٌمسؤولة ويرثى لها" . إن الترجمة العملية لهذا الموقف "الذي يرثى له" ستحوٌل فرنسا إلى "شريك صامت" في استمرار الاحتلال الأميركي للعراق يغضٌُ النظر عن الفظائع التي ترتكب تحت مظلته . غير أن الاحتمالات الواقعية لإمكانية أن تتحول توجهات ساركوزي المعلنة إلى سياسة رسمية لبلاده تجاه الصراع العربي الإسرائيلي بخاصة تظل مصدرا مشروعا لقلق مشروع لن يبدٌده إلا نفي أو توضيحات فرنسية رسمية أو انتظار ما سوف تُسفر عنه سياسات فرنسا بقيادته على أرض الواقع خلال السنوات الأربع المقبلة ، بسبب ما قد يترتب على ميوله الأميركية والإسرائيلية من مضاعفات ستؤجل أي أمل مُتبقٌ في استئناف عملية يتوفر لها الحدٌ الأدنى المقبول عربيا للسلام وتُطيل عمر الاحتلال الإسرائيلي وتُفاقم معاناة الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال وخارجه مما يُوفٌر الحاضنة المُثلى للعنف غير المتكافئ بين الطرفين . صحيح أن ساركوزي قال ، طبقا للنسخة الفرنسية من الجروزالم بوست ، إنه لا يرى أي "تعارض بين حقوق الفلسطينيين في إقامة دولة قابلة للحياة وبين اعتبار أمن إسرائيل أمرا غير قابل للتفاوض" ، لكن "فقط إذا ضمنت إسرائيل أن أمنها ليس مهددا ... إنني أدافع عن حق إسرائيل في حماية نفسها ضد العدوان الخارجي ، خصوصا إذا اتخذ شكل أعمال إرهاب عمياء وجبانة" ، واستدرك أن ردود فعل إسرائيل على أعمال كهذه "يجب أن تكون مناسبة ومتناسبة" . لكن تصريحات ساركوزي هذه تتحول إلى مصدر للقلق لأنه يصعب التفريق بينها وبين الموقف الإسرائيلي الرسمي ولأنها تأتي في إطار مسار طويل من التصريحات المنحازة للرؤية الإسرائيلية والرواية الإسرائيلية للصراع لم يرد فيها على لسانه ولو مرة واحدة حتى إشارة إلى الحروب العدوانية الإسرائيلية والاحتلال الإسرائيلي الاستيطاني خصوصا في الأراضي الفلسطينية والسورية المحتلة عام 1967 . وفي آذار الماضي تعهد الرجل بأن ينقل "عددا من الحقائق إلى أصدقائنا العرب منها مثلا أن حق إسرائيل في الوجود والعيش بأمان غير قابل للتفاوض وأن الإرهاب هو عدوهم الحقيقي" . وطبقا للواشنطن تايمز يوم السبت الماضي صدم ساركوزي مجموعة من السفراء العرب التقاهم مؤخرا بإبلاغهم أن "أولويته في السياسة الخارجية كرئيس ستكون صياغة علاقة أوثق مع إسرائيل" . إن الترحيب الحار بفوز ساركوزي باعتباره أكثر رئيس فرنسي مؤيد لإسرائيل منذ تأسيس الجمهورية الخامسة عام 1958 من قبل المسوولين والقادة الإسرائيليين والمنظمات اليهودية والصهيونية العالمية ، خصوصا "كريف" الفرنسية و"ايباك" الأميركية ، وفوزه بأكثر من 90% من أصوات الفرنسيين الذين يعيشون في إسرائيل ، أكثر من الأصوات التي حصل عليها في بلدته الفرنسية نويللي سور- سين التي كان رئيسا لبلديتها ، ما هي إلا نتائج متوقعة لمواقفه المعلنة المؤيٌدة لليهود والدولة العبرية . وقد اقتبس العديد من وسائل الإعلام اليهودية والإسرائيلية قوله في مقابلة عام 2004: "هل ينبغي أن أذكٌركم بالارتباط العميق بين كل يهودي وبين إسرائيل كوطن ثان ؟ لا شيء مستهجنا في ذلك" ، أي أن ساركوزي يرى في الولاء المزدوج لليهود لأوطانهم الأصلية ولإسرائيل معا أمرا طبيعيا غير مُستهجن وفي ذلك تشجيع واضح للهجرة إلى إسرائيل ولدعمها ، ليناقض نفسه عندما يتشدد في اشتراط ولاء المهاجرين إلى فرنسا ل"الهوية الوطنية" واللغة الفرنسية . لقد أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود أُولمرت في بيان رسمي أن ساركوزي سوف يزور إسرائيل بعد تولٌيه مهام منصبه رسميا بفترة وجيزة وأنه تعهد لأُولمرت قائلا: "إنني صديق لإسرائيل وتستطيع إسرائيل دائما الاعتماد على صداقتي" ، وكان قد زارها قبل انطلاق الحملة الانتخابية ليعلن أن أمن إسرائيل "غير قابل للتفاوض " . وقبل حوالي ستة أشهر رعى ساركوزي وصديقه الشخصي الإسرائيلي الليكودي المُتطرٌف بنيامين نتنياهو "اثنتي عشر ساعة للصداقة الفرنسية الإسرائيلية" في حدث تجمٌع فيه خمسون ألف يهودي فرنسي بباريس لتأييد إسرائيل . إن انحدار ساركوزي من أسرة يهودية عريقة من جهة أمٌه ليس هو الخلفية الصحيحة للانتقادات العربية له ، خصوصا وأنه هو نفسه ليس يهوديا بل إنه كاثوليكي أثار العلمانيين الفرنسيين بكثرة تكراره الاعتزاز بكاثوليكيته التي ورثها عن جدٌه لأمه الذي هاجر من اليونان إلى فرنسا يهوديا لكنه اعتنق الكاثوليكية وغيٌر اسمه من أرون إلى بينيدكت ، فالقادة العرب يتعاملون سياسيا منذ فترة طويلة مع مسوولين وقادة أجانب يهود كثر دون أي تعقيدات دينية ، كما أن العواصم العربية والإسلامية التي تخلو من وجود جاليات يهودية مزدهرة كانت وما تزال معدودة على أصابع اليد . إن ما ينبغي أن يثير قلقا مشروعا هو الخلفية "الصهيونية" للأسرة التي ينحدر منها ساركوزي وامكانية تأثيرها في نشأته على مواقفه السياسية . وإذا كان في الإمكان فهم عداء ساركوزي القويٌ والمُعلن ل"العداء للساميٌة" بهروب عائلته "الملاٌح" من محاكم التفتيش الإسبانية إلى مدينة سالونيك اليونانية عبر فرنسا قبل خمسمائة عام وبهروب أبيه الأرستقراطي المجري من هنغاريا في العهد النازي وقتل النازي لما لا يقل عن 57 من أفراد عائلته ، فإن نشاط هذه العائلة في الحركة الصهيونية هو الذي ينبغي مراقبة تأثيراته في الأداء السياسي للرئيس الفرنسي الجديد . ففي اليونان أصبح العديد من "أخواله" قادة بارزين في الحركة الصهيونية أوائل القرن العشرين الماضي . فقد كان خاله أرون ملاٌح حاخاما معروفا وصهيونيا عريقا أصدر عام 1898 ورأس تحرير "إيل أفينير" أهم الصحف الصهيونية في اليونان . وفي عام 1912 ساهم خاله آشر ، السيناتور في البرلمان اليوناني ، في تأسيس جامعة التخنيون في حيفا بفلسطين لينتخب في سنة 1919 أول رئيس للإتحاد الصهيوني اليوناني ونظم هجرة اليهود إلى فلسطين في ثلاثينات القرن العشرين قبل أن يهاجر هو نفسه إليها عام 1934 . وبعد إنشاء دولة إسرائيل أصبح خال آخر له ، هو بيبو ملاٌح ، أول سفير لإسرائيل لدى اليونان. صحيح أن هناك مجموعة من الأسباب التي لا تسوٌغ التسرٌُع عربيا في الاستنتاج بأن مثل هذا الانقلاب المتوقع في السياسة الخارجية الفرنسية تجاه القضايا العربية قد أصبح أمرا واقعا مفروغا منه يسوٌغ أيضا النقد الواسع الذي تعرٌض ويتعرٌض الرجل له من كتٌاب الرأي والمحللين والمراقبين العرب منذ الحملة الانتخابية التي حملته إلى سدٌة الرئاسة في بلده ، وليس أقلٌ هذه الأسباب الاستقطاب الحادٌ الذي أثاره برنامجه الاقتصادي بين فقراء ساحة الباستيل وبين أثرياء ساحة الكونكورد وهو استقطاب من المتوقع أن يتفاقم بسياسة الخصخصة التي يعد ناخبيه بها والتي تهدٌد الإنجازات الرئيسية التي راكمها الاشتراكيون الفرنسيون والمتمثلة في ملكية الدولة للثروات والخدمات العامة التي مكٌنتهم من تطوير نظام الرعاية الاجتماعية السائد منذ الحرب العالمية الثانية . إن هذا الاستقطاب وتفاعلاته المتوقعة سوف تشغل معظم وقت الرجل على الأرجح ومما يرجٌح ذلك أن قضايا السياسة الخارجية ، حسب المصادر الفرنسية ، لم تلعب إلا دورا ثانويا في حسم توجهات الناخب الفرنسي خلال الانتخابات الأخيرة مع أنها في النظام الفرنسي من اختصاص الرئيس ، بالإضافة إلى سياسات ساركوزي المعلنة للحدٌ من الهجرة إلى فرنسا خصوصا هجرة المسلمين والعرب والتي استنفرت ما لا يقل عن خمسة ملايين مسلم وعربي فرنسي ضد انتخابه ، خصوصا بعد وصفه المهاجرين المغاربة ب"الأوباش" في أعقاب احتجاجات الضواحي العام الماضي . ومن الأسباب الأخرى التي تحُول دون ساركوزي وانتهاج سياسات خارجية تنقلب على السياسة الفرنسية التقليدية تجاه القضايا العربية أن الأولوية الخارجية بالنسبة له هي حماية مركز فرنسا ودورها في الإتحاد الأوروبي . كما أن عليه التغلب على أجيال من البيروقراطيين والخبراء في السياسة الخارجية التي تعجٌ بهم مؤسسة وزارة الخارجية ممن تتهمهم وسائل الإعلام الإسرائيلية واليهودية بالممالئين للعرب وقضاياهم . ثم أن براغماتية الرجل لا يمكن إلا وأن تفرض عليه أن يأخذ في الحسبان المصالح الواقعية لبلاده التي لا بد وأن تتأثر بسلسلة واسعة من الاعتبارات التاريخية والإستراتيجية والسياسية والاقتصادية . لكن أيا كانت الحكومة التي سيؤلفها ساركوزي وأيا كانت السياسات التي سينتهجها ، فإن الدرس الأهم الذي يعيه القادة العرب منذ مدة طويلة لكنهم لا يأخذون به هو أن المراهنة على حسن النوايا الأجنبية ، خصوصا المراهنة على أميركا ومن يرون رأيها من أمثال ساركوزي ، لم تُوٌرث العرب وفي مقدمتهم الفلسطينيون غير الخسران والندامة وأن رصٌ الصفوف الوطنية والقومية والإسلامية وراء هدف مُوحٌد سوف يظل دائما هو الضمانة الحقيقية لحماية المصالح العربية والدفاع عن قضايا العرب العادلة . *كاتب عربي من فلسطين . [email protected]
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "مقالات"

عناوين أخرى

الافتتاحية
حوارات
جريمة الرئاسة
مقالات
في زيارتي للوطن.. انطباعات عن صمود واصطفاف ملحمي
اياد فاضل*

هم ونحن ..!!
د. عبد الوهاب الروحاني

اليمن يُغيّر مفهوم القوة
أحمد الزبيري

مسلمون قبل نزول القرآن الكريم.. فقه أهل اليمن القديم
الباحث/ عبدالله محسن

الأقلام الحُرة تنقل أوجاع الناس
عبدالسلام الدباء *

30 نوفمبر عيد الاستقلال المجيد: معنى ومفهوم الاستقلال الحقيقي
عبدالله صالح الحاج

دماء العرب.. وديمقراطية الغرب؟!
طه العامري

ترامب – نتنياهو ما المتوقَّع من هذه العلاقة؟!
ليلى نقولا*

أين هو الغرب من الأطفال الفلسطينيين السجناء وهو يتشدَّق دوماً بحقّ الطفل؟
بثينة شعبان*

صراع النملة مع الإنسان ولا توجد فرص أخرى للانتصار!!
د. أيوب الحمادي

دغيش.. البرلماني الذي انتصر للوحدة حتى المَنِـيـَّة
خالد قيرمان

جميع حقوق النشر محفوظة 2006-2024 لـ(الميثاق نت)