كتب/ محمد أنعم -
< مضى اسبوع على انطلاق مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وعلى الرغم من أن المتحاورين لم يبدأوا الخوض في القضايا الشائكة والمعقدة المطروحة أمام الحوار إلا أن الأيام القلائل الفائتة حملت رسائل عدة ولعل أبرزها ان المخاوف التي ظلت تقلق الشارع اليمني حول الحوار قد تبددت خصوصاً وأن القرار الجمهوري بشأن المشاركين في مؤتمر الحوار لم يتضمن أسماء مثل/ علي سالم البيض، حيدر العطاس، عبدالرحمن الجفري، وغيرهم.. وما فاقم من هذه المخاوف أكثر هو انسحاب حميد الأحمر، ومحمد اليدومي، وتوكل كرمان، ومحسن باصرة، وكلهم من القيادات البارزة في حزب الاصلاح.
وهذا ما جعل المشهد في الساحة اليمنية يبدو مخيفاً.. بعد أن ظهر معسكران متعارضان.. معسكر يرفض الحوار الوطني ويضم جزءاً من قيادات في الاشتراكي وجزءاً من قيادات في حزب الاصلاح، وبالمقابل انطلق المناضل عبدربه منصور هادي -رئيس الجمهورية- ليدشن أعمال مؤتمر الحوار الذي ضم معسكراً مؤيداً للحوار الوطني يضم أغلبية الأحزاب والتنظيمات السياسية والتكتلات الوطنية والمنظمات المدنية وغيرها ويحظى بدعم داخلي وخارجي منقطع النظير.
المراقبون الخارجيون للشأن اليمني ساورتهم نفس مخاوف الشارع اليمني.. فقد كانت اللحظات حرجة وعقارب الساعة تسير ببطءٍ كالسلحفاة، في صبيحة يوم الاثنين 18 مارس 2013م.. والجميع في حالة توجس وقلق خشية من حدوث أية مفاجأة غير سارة خطط لها، أو جاءت بها الأوقات الضبابية التي تجعل من الضعفاء يغيرون مواقفهم كالحرباء وخصوصاً في لحظات تتداخل فيها المصالح وتهتز المواقف.
أمام هذا المشهد، ظهر الأخ المناضل عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية رئيس مؤتمر الحوار الوطني الشامل واعياً تماماً لحقيقة هذه التحديات التي لا تهدد الحوار وإنما حاضر ومسقبل اليمن واليمنيين.
لذا كان من الطبيعي أن نقرأ في وجهه يومها ليس تلك الملامح التي اعتدنا عليها دائماً في صورة عبدربه منصور هادي رئيس الجمهورية، وإنما ملامح ذلك القائد البطل الذي قاد انتصارات شعبنا اليمني في الشمال والجنوب دفاعاً عن الوحدة في تلك الملحمة البطولية التي بدأ بتسطيرها في معركة مكيراس.. وفعلاً لقد حسم الموقف لصالح الشعب ومصلحة اليمن وأوقف ذلك الهرج الذي حدث يومها عندما وجه تلك الرسالة الشجاعة للداخل والخارج عندما قال مخاطباً من حاول إثارة الفوضى: «من لا يريد الحوار الباب مفتوح..»، حديثه المقتضب حمل مضامين ومواقف وطنية شجاعة وواضحة حول الحوار والتسوية أكدت أن رئيس الجمهورية وكل القوى السياسية يقفون صفاً واحداً متمسكين بالحوار وسيتصدون لكل من يحاول عرقلته.
بالتأكيد الاشقاء والأصدقاء أقلقتهم تلك التطورات.. وليس أدل على ذلك إصرار الدكتور عبداللطيف الزياني الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي الذي قام يومها بعمل فدائي عندما قرر التضحية بروحه الغالية من أجل إنقاذ اليمن واليمنيين من هذه الأزمة الطاحنة.. لقد اصر على حضور افتتاح أعمال مؤتمر الحوار بعد أن كاد خلل فني بالطائرة استمر بضع ساعات أن يودي بحياته.. غير أن فرحته كانت أعظم بذلك الحضور الرائع الذي ترجم من خلاله حقيقة الحب والوفاء والاخوة الصادقة والتي يكنها الأشقاء في دول الخليج لشعبنا اليمني.
لقد كانت الرسالة التي حملها الدكتور الزياني على درجة عالية من الأهمية عكست حقيقة الموقف الصريح والواضح والقوي لقادة دول مجلس التعاون الخليجي تجاه الشعب اليمني وقضية الحوار، وأيضاً لأولئك الذين يقفون ضد الحوار الوطني والتسوية السياسية.. ولذلك كان لابد أن يحضر الزياني افتتاح مؤتمر الحوار مهما كان ثمن تلك الرحلة والمجازفة الى صنعاء.. لأنه لو غاب عن افتتاح المؤتمر فسيكون له نتائج سلبية، ومن ذلك اعتقاد البعض أن عدم حضور الدكتور الزياني هو تعبير عن موقف يؤيد حميد الأحمر أو العطاس وأصحاب جماعة اجتماع دبي الذين رفضوا الحوار.
وفي الوقت ذاته جاءت مباركة دول العالم للحوار وفي مقدمتها الدول الراعية للمبادرة حاملة رسائل تحذيرية لمن يحاولون عرقلة الحوار.. أو يقفون معارضين لقيادة الرئيس هادي لمسيرة التسوية والحوار.
وهكذا نجد أن الرسائل السياسية التي حملها الاسبوع الأول من الحوار قد أكدت أن الشعب وفي المقدمة الأحزاب والتنظيمات السياسية والمنظمات المدنية وغيرهم يتمسكون بالحوار لحل القضايا الخلافية، وان من يقفون ضد الحوار هم قلة جداً، وقد أصبحوا مكشوفين للداخل والخارج..
وأظهر في الوقت ذاته مؤتمر الحوار أن أكثر من 80% من المشاركين يمثلون قوى الحداثة والتغيير ويراهن عليهم الشعب اليمني لرسم خارطة جديدة لليمن وحل مشاكله بأساليب حضارية وطرق علمية.. فيما يلاحظ أن القوى التقليدية والمتنفذة لم تعد اللاعب الرئيس في الحوار ولن تستطيع أن تتحكم أو تتلاعب بمخرجاته أو إعادة إنتاج نفسها من جديد.. ويبدو ذلك واضحاً في المواقف والرؤى التي يطرحها المتحدثون في الجلسات العامة للحوار.