د.علي العثربي -
< لم يدرك البعض من الشباب أن القوى الانتهازية التي استفادت من الحركة المطلبية الحقوقية للشباب وجعلت منهم سلّماً للوصول الى مواقع اتخاذ القرار من أجل ممارسة المزيد من الفساد، ولم يدرك ذلك البعض أن شعار الدولة المدنية الذي رفعه الشباب لم يكن واقعياً فاستفادت منه تلك القوى وحولته الى مجرد وسيلة تدغدغ به عواطف الشباب واستقدمت من أجل تخدير الشباب المنظرين الذين لم يقل أحد منهم الحقيقة ولم يبصر الشباب بالتعريف الاجرائي لهذا المصطلح، الأمر الذي جعلهم يعيشون في الخيال، وجعلت تلك القوى الانتهازية من اليوتوبيا هدفها الاستراتيجي الذي تستطيع من خلاله أن تجعل الشباب مجرد وسيلة يعيشون الوهم، وعندما كنا ننصح ونقول الحقيقة كنا ننعت بالصفات التي عبر من يطلقونها بأنهم لا يمتلكون أخلاقاً، لأنهم جعلوا من منهج ميكافللي الأمير منهجهم المقدس، وباتت الغاية لديهم تبرر الوسيلة المجرمة والمحرمة شرعاً وقانوناً وعرفاً.
إن الخبرة والتجربة التي افتقدها الشباب كان الباب الذي دخلت منه القوى الانتهازية لتحقق به أهدافها العدوانية على مقدرات الشعب، وفرض الانتقام من الشعب الذي حجب الثقة عن تلك القوى الانتهازية في الاستحقاقات الديمقراطية عبر الانتخابات، وأدركت تلك القوى التي لا تؤمن الا بمصالحها ان الانتخابات الديمقراطية الشفافة لم تعد الوسيلة التي تحقق لها أهدافها المتعلقة بالسيطرة على مقدرات البلاد والعباد، ولم يكن أمامها غير الانقلاب كوسيلة وحيدة للوصول الى مواقع اتخاذ القرار، ولما شهدت نجاح المشروع التدميري الصهيوني الفوضوي الذي غايته النهائية القضاء على القوة العربية ومنع توحد العرب الذين يجعلون من العروبة جسداً والاسلام روحاً احتضنته بعض العناصر واعتبرته وسيلة مباحة طالما انه يحقق غايتها الشيطانية، وأعلنت تبنيها للشعارات غير الواقعية من أجل استقطاب الشباب ونفخ نار الفتنة وأباحت كل شيء في سبيل كسب الشباب والتسلق على أكتافهم، ليس من أجل المطالب الحقوقية والدستورية وإنما من أجل أهداف القوى الانتهازية فقط.
لقد أدرك الكثيرون أن ما حدث من الفجور في القول والفعل كان كارثة على مكارم الاخلاق ولكن الفساد من الفتك بالوطن ومقدراته، وقد صبر الخيرون من كل أطياف الوطن من أجل تجاوز هذه الأزمة، وقدم الخيرون والشرفاء التنازلات من أجل حقن دماء اليمنيين وصون السيادة الوطنية ومنع العدوان الخارجي الذي كان ينتظر اليمن من أجل القضاء على أعظم كتلة بشرية تتمتع بالاندماج السياسي الذي تفتقر اليه معظم أقطار الوطن العربي الكبير، والقضاء على إلهام الوطن العربي بأهمية الوحدة، وقد كان المؤتمر الشعبي العام ورئيسه الزعيم علي عبدالله صالح يدركون خطورة المشروع العدواني المعد لتدمير المقدرات القومية للأمن القومي العربي فبادر الى كل فعل يحقن الدم اليمني ويحفظ أبناء اليمن الثروة الحقيقية لليمن، وقال إذا كانت السلطة والتخلي عنها ستحقن دماء أبناء اليمن فأنا أولى بالحفاظ على كل قطرة دم ووقع على المبادرة الخليجية من أجل تسليم السلطة وأصر على أن يكون التسليم عبر الانتخابات الديمقراطية من خلال صناديق الاقتراع، ثم واصل المسيرة صوب الحوار الوطني الشامل وبذل كل ما في وسعه لإنجاحه رغم الإدعاءات والزيف والزور والبهتان الذي تمارسه القوى الانتهازية التي تسلحت بالفجور.
إن انطلاق الحوار الوطني من أعظم أهداف الوطن الذي سعى اليه المؤتمر الشعبي العام وقد أثبتت الاحداث قوة تمسك المؤتمر بالحوار من أجل سلامة الدم اليمني ومن أجل وحدة الأرض والانسان والدولة بإذن الله.