د. عبدالعزيز المقالح -
يرى المتابعون لأحداث المنطقة أن نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني كان قد زار بعض الأقطار العربية قبل الحرب على العراق، وأن زيارته تلك كانت لإبلاغ من التقاهم في هذه الأقطار بانتهاء الاستعداد العسكري وبدء الغزو. ويرى هؤلاء المتابعون أن زيارته الأخيرة تشبه في مهمتها تلك الزيارة التي سبقت الهجوم على العراق، وأن إيران هي الهدف الراهن، وأن الزيارة تسبق التحرك بأيام أو أسابيع، فاستياء الإدارة الأمريكية من المواقف الإيرانية بلغ أقصى درجاته وصارت الحرب على إيران قاب قوسين أو أدنى.
هكذا يقول المتابعون للشأن الإيراني الأمريكي. وسواء كانت هذه الأقوال صادرة عن معلومات دقيقة أو من باب التكهنات فإن العلاقات الإيرانية الأمريكية وصلت إلى درجة الانفجار، لكنه من المستحيل أن تقوم حرب في المنطقة والحرب الأولى أعني الحرب على العراق لم تنته بعد، بل هي في أوج اشتعالها، لذلك ستظل إيران وغير إيران في مأمن ما دامت الحرب في العراق مستمرة ولم تتوقف، وما دام الجيش الأمريكي يواجه أعتى مقاومة ويزداد غرقاه في المستنقع الذي اختارته الإدارة الغبية، ولم تستطع بعد أربع سنوات العثور على منفذ للخروج والاحتفاظ بماء الوجه، وهذا هو ما يدركه الجميع وتتحدث به دوائر البيت الأبيض همساً وبقدر كبير من الخجل.
إن المسرح معد للحرب، والطبول تدق. لكن ذلك كله لا يعدو أن يكون من باب الضغط على إيران وبعض الدول العربية، والأهم أن إيران تدرك هذه الحقيقة، لذلك فهي تواصل لعبتها السياسية وتضغط بدورها على أعصاب السياسيين الأمريكيين، وإذا استمرت القوات الأمريكية في العراق ولم تجد المخرج المناسب فإن الكاسب الوحيد سيكون إيران لا غيرها، وبورقة العراق وحدها والتلويح بواقع الجيش الأمريكي الأسبر في المستنقع العراقي تستطيع إيران أن تنتزع من البيت الأبيض ما تريد، وسوف يحقق لها البيت الأبيض ذلك ولو على مضض، وهذا ما بدأت بوادره تلوح في الأفق. والأيام القليلة كفيلة بفضح المستور.
ويبدو أن العالم في حالة ابتهاج غير معلن بالورطة التي وقعت فيها الإدارة الأمريكية، وأنه على غير استعداد ليمد لها طوق النجاة، بل هو على استعداد ليزيد من توريطها، دفاعاً عن نفسه ضد جنون الإدارة التي تسيرها مجموعة من المتطرفين والحاقدين، وعلى رأسهم نائب الرئيس ديك تشيني نفسه، رسول البيت الأبيض إلى المنطقة بقصد أن تتولى الفضائيات العالمية تصويره وهو يرسم ابتسامته الصناعية التي تخفي الكثير من القلق والأرق، وتعلن عن حالة فظيعة من الفشل المتلاحق، فقد كان هو الوحيد الذي هيأ لحرب العراق مدعياً وجود أسلحة دمار شامل فيه، وكان هو الوحيد أيضاً الذي رأى أن الحرب على العراق نزهة قصيرة تخرج منها الإدارة الأمريكية وقد ربحت بترول المنطقة إلى الأبد، والآن فما عليه وبقية الطاقم المتطرف الذين أوقعوا الولايات المتحدة في المأزق الكبير إلا أن يتحملوا نتائج الفشل وما يترتب عليه من سقوط امبراطورية الأوهام.
نقلا عن الخليج الإماراتية