موقع المؤتمر نت



موقع مايو نيوز



موقع معهد الميثاق


ارتفاع عدد الشهداء في غزة إلى 35456 - النواب يستمع لمذكرة بخصوص قانون شركة التعدين - مجلس النواب: قمة البحرين "مسرحية هزلية" - صنعاء.. توجيه رئاسي عاجل للحكومة - رئيس المؤتمر يعزي بوفاة الشيخ رشاد أبو أصبع - الثروة السمكية تحذر من مخالفة قرار "حظر الجمبري" - صنعاء.. حشد جماهيري كبير مع غزة ولا خطوط حمراء - إسقاط طائرة أمريكية في أجواء مأرب - بيان هـام صادر عن وزارة الإتصالات - أبو عبيدة: مستعدون لمعركة استنزاف طويلة -
مقالات
الأحد, 20-مايو-2007
الميثاق نت -  عبدالباري عطوان -
يبدو واضحا، ومن خلال التشكيلة الجديدة للحكومة الفرنسية، ان الرئيس نيكولا ساركوزي يريد شطب الارث السياسي الديغولي، وضم بلاده الي المحور الانجلو ساكسوني بزعامة الولايات المتحدة الامريكية، منهيا بذلك الهوية المستقلة لهذا البلد وسياسته ليس في اوروبا فقط وانما في المنطقة العربية ايضا.
فاختيار برنار كوشنير وزيرا للخارجية في هذه الحكومة، والتصريحات التي ادلي بها وخطأ فيها الحكومة السابقة لرفضها الانضمام الي المعسكر الامريكي اثناء الحرب علي العراق، يوحيان بان ساركوزي يريد ان يكون الحليف الاوثق للادارة الامريكية الحالية في اوروبا، والدخول في منافسة مع رئيسة الوزراء الالمانية انجيلا ميركل، ورئيس الوزراء البريطاني القادم غوردون براون لاحتلال المكانة الاكبر في قلب الرئيس بوش.
كوشنير ابدي اسفه لعدم وقوف فرنسا الي جانب الامريكيين في الحرب علي العراق، وانتقد الدبلوماسية الفرنسية بشدة التي نأت بنفسها عن الولايات المتحدة وحلفائها في المرحلة الحرجة التي سبقت الحرب، ولكن اسبابه لم تكن مقنعة علي الاطلاق، خاصة قوله بان السبيل الوحيد لوقف الحرب كان الوقوف الي جانب الامريكيين للتوصل الي حل حازم .
نفهم هذا الموقف لو ان الولايات المتحدة انتصرت في هذه الحرب، وحققت اهدافها في قيام عراق ديمقراطي مستقر ومزدهر، ولكن الولايات المتحدة، او ادارتها الحالية، لم تنتصر في العراق، ووجدت نفسها في مأزق خطير لا تستطيع الفكاك منه، فانسحاب قواتها مشكلة، وبقاؤها مشكلة اكبر.
كوشنير يمكن ان يأسف لو ان الحرب اعطت ثمارها في العراق، والمنطقة باسرها، لان فرنسا في هذه الحالة لن تشارك في اقتسام الغنائم الدسمة، وجري حرمانها من دور كبير، ومشاركة اوسع في قرار ادارة العالم، وتقسيمه الي مناطق نفوذ يكون لها فيها نصيب. ولكن ادارة بوش لم تنتصر، وتواجه معارضة من الكونغرس، وعاقبها الشعب الامريكي في الانتخابات النصفية للكونغرس بالتصويت لصالح الديمقراطيين، فاين الخطأ في سياسة الحكومة الفرنسية السابقة وهي التي كانت تملك رؤية واضحة وصائبة في عدم المشاركة في حرب غير شرعية وغير اخلاقية جاءت نتائجها كارثية علي كل المشاركين فيها، حيث دفعت كل من بريطانيا واسبانيا ثمنا باهظا من امنها وسلامة مواطنيها بمشاركتها في هذه الحرب علي شكل تفجيرات هزت عاصمتي البلدين واوقعت عشرات الضحايا في حالة الاولي (بريطانيا) ومئات الضحايا في حالة الثانية اي اسبانيا.
ولعل ما يثير الاستغراب هو التحاق ساركوزي وحكومته بالعربة الاخيرة من قطار الادارة الامريكية الذي ينزلق الي هاوية الهزيمة في العراق وافغانستان بسرعة قياسية، في الوقت الذي يهرب منه الحلفاء، ويتبرأون من مغامراته العسكرية الفاشلة. فقد اسقط الاسبان حكومة ازنار اليمينية، وكذلك فعل الطليان بحكومة برليسكوني، وها هم البريطانيون يلحقون هزيمة كبري بحزب العمال الحاكم في الانتخابات المحلية الاخيرة قبل اسبوع.
لا نعرف ما هي الحكمة في انحراف ساركوزي وحكومته عن سياسة خارجية حمت فرنسا من الارهاب، وعززت استقلاليتها كدولة، وابرزت صورتها وخدمت مصالحها في مختلف انحاء العالم، وخاصة منطقة الشرق الاوسط والعالم الاسلامي.
السياسة البديلة التي يطرحها ساركوزي تهدد بنسف كل هذه الانجازات دفعة واحدة، ودون ان تحقق اي مكاسب حقيقية لفرنسا في المقابل، بل ربما تشكل تهديدا مباشرا لأمنها الوطني واقتصادها واستقرارها الداخلي دون اي مبرر حقيقي.
فهذه المواقف العدائية للعرب والمسلمين التي يمكن استشفافها من سياسة ساركوزي الخارجية المتوقعة، ربما ترضي بعض ابناء الجالية اليهودية الفرنسية الموالية لاسرائيل الذين صوتوا له في الانتخابات الاخيرة، والرئيس الامريكي جورج بوش ومجموعة المحافظين الجدد الذين خطفوا القرار الامريكي ووظفوه في خدمة مصالح الدولة العبرية ومجازرها في حق الفلسطينيين والعرب، ولكنها لن ترضي غالبية الشعب الفرنسي، وربما تستعدي اربعة ملايين مسلم وعربي يعيشون في فرنسا ويحملون جنسيتها، ويعاني الكثير منهم من سياسات اليمين المتطرف والعيش كمواطنين من الدرجة الثانية في بلد كان اول من رفع راية المساواة والحريات والعدالة الاجتماعية.
ما يقلق ان ملامح هذه السياسة الخارجية الفرنسية الجديدة والانقلابية، يمكن ان تصب في مصلحة الجماعات الاسلامية المتشددة التي تريد زعزعة استقرار فرنسا، واحياء النزعة الانتقامية فيها بالتذكير بماضيها الاستعماري والممارسات الدموية لقواتها في منطقة المغرب العربي، وخاصة الجزائر، بعد ان طويت هذه الصفحة نهائيا او كادت.
وكان لافتا البيان الذي اصدرته كتائب ابو حفص المصري، التي يقال انها محسوبة علي تنظيم القاعدة، وهددت فيه باعمال عنف وارهاب ضد فرنسا بسبب انتخاب شعبها لحكومة معادية للعرب والمسلمين، وموالية للولايات المتحدة وحروبها ضدهم.
اننا لا نجادل بحق الرئيس الفرنسي الجديد في عدم الخضوع لمثل هذه التهديدات عندما يعكف علي اختيار وزير خارجيته، ويرسم السياسة الخارجية لبلاده، ولكن ما نجادل فيه وبقوة هو ان تؤكد هذه السياسة علي مباديء وأسس راسخة جعلت من فرنسا صديقة لاكثر من ثلاثمئة وخمسين مليون عربي، ومليار ونصف المليار مسلم، وتحافظ علي رصيد كبير لها من المصالح والعلاقات الاقتصادية الوثيقة مع هذه الكتلة البشرية والحضارية التي تتربع علي ثلثي احتياطات النفط في العالم.
ساركوزي يجب ان يتذكر دائما انه يشارك العرب في حوض البحر المتوسط، حيث يوجد مخزون هائل من التطرف قابل للانفجار في اي لحظة بسبب الحرمان والفساد والحكومات غير الديمقراطية، وانعدام التوزيع العادل للثروة، وتفاقم الصراع الطبقي. وهذا المخزون ينتظر عود ثقاب لينفجر عنفا وموجات هجرة نحو الشواطيء المقابلة.
امريكا حليفة ساركوزي الجديدة لم تربح أيا من حروبها التي يأسف علي عدم مساندتها فيها، وخاصة الحرب علي الارهاب، فبعد ان كان العالم يواجه تنظيم القاعدة في جمهورية تورا بورا في افغانستان، بات يواجه استنساخا وتوالدا خطيرا لهذا التنظيم، فهناك القاعدة في العراق واخري في المملكة العربية السعودية، وثالثة في اوروبا، ورابعة في الصومال، وخامسة في المغرب الاسلامي علي بعد مرمي حجر من الشواطيء الفرنسية.
ما زال امام وزير الخارجية الفرنسي الجديد ورئيسه فسحة من الوقت للتأمل والتروي قبل الاندفاع في سياسات متعجلة وخطرة، والمأمول ان يتسلحا بالحكمة، ويستفيدا من اخطاء الادارة الامريكية، وسياستها الخارجية الفاشلة وحروبها المدمرة قبل ان يضعا سياستهما ويختارا حلفاءهما الجدد، وحتي لا ينطبق عليهما المثل العربي يذهبان الي الحج والناس راجعة .
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "مقالات"

عناوين أخرى

الافتتاحية
ذكرى الصمود التاسعة..و صوابية مواقف المؤتمر
فريق ركن دكتور/ قاسم لبوزة- نائب رئيس المؤتمر الشعبي العام

حوارات
جريمة الرئاسة
مقالات
الوحدة لا تتحمل أوزار الموحّدين
أحمد الزبيري

فلسطين ستكون حُرَّة
يحيى الماوري

عالم يقاتل مقاومة..!!!
د. عبد الوهاب الروحاني

الحياة مِرآة كبيرة لأفعالنا
عبد السلام الدباء

شِلّني يادِرَيْوَلْ تِجَمّل !!
عبدالرحمن بجاش

حَبّيت الحديدة وأشتي أعيش فيها
منى صفوان

الوحدة اليمنية: تحديات وآفاق في ذكرى مرور 34 عاماً
عبدالله صالح الحاج

الأفعال والمواقف السياسية حول أحداث غزة
إبراهيم ناصر الجرفي

الجامعات الامريكية !!
د. طه حسين الروحاني

عن (المركزية الأوروبية).. الإنسان (السوبرمان) !!
محمد علي اللوزي

التعليم.. لا إفادة ولا إجادة !!
د. يحيى الخزان

جميع حقوق النشر محفوظة 2006-2024 لـ(الميثاق نت)