محمد علي عناش -
< الطائرات الأمريكية بدون طيار باتت تقصف في مديرية وصاب بمحافظة ذمار تحت ذريعة استهداف أعضاء تنظيم القاعدة، وهو الحادث الذي لقي استنكاراً كبيراً، لما يحمله من إفراط أمريكي في الانتهاكات، في ظل صمت حكومي مريب.
لقد أصبحت الأجواء اليمنية فضاء مباحاً لتحرك الطائرات الامريكية بدون طيار وقصف أهدافها من أعضاء وقيادات تنظيم القاعدة، والذي تميز في الفترة الاخيرة بالدقة المتناهية في اصطياد أهدافها بسهولة، ما يؤكد اتساع النشاط والتنسيق المخابراتي بين الجانبين الامريكي واليمني، لكن أن يصل القصف إلى وصاب وبدون سابق إنذار، فإن الأمر مبالغ فيه ويضع أمام هذا الحادث أكثر من علامة استفهام، حيث كان بالإمكان استخدام قوات مكافحة الإرهاب اليمنية في إلقاء القبض على عناصر القاعدة بسهولة لمعرفة حكاية القاعدة التي ظهرت فجأة في وصاب، كمنطقة جديدة أخذ التنظيم يتحرك وينشط فيها، خير من استخدام القتل والاستهداف المباشر وعبر أدوات أمريكية، الا إذا كان هناك رغبة في إخراج سيناريو القاعدة من اليمن بهذا الشكل، كي تظل فصول كثيرة من الحكاية مجهولة وغير مدركة.. وإذا كنا نرفض الانتهاك الامريكي فإننا ندين صمت الحكومة تجاه هذا الأمر المتكرر دونما رد فعل، يحفظ لليمنيين قرارهم ويصون سيادتهم، فإننا في نفس الوقت يجب أن نقف موقفاً جاداً تجاه مشكلة القاعدة التي أخذت تتمدد على طول البلاد وعرضها بحرية مطلقة.
لم تعد محافظة أبين هي ساحتها الوحيدة، فقد تمكنت أن تجد لها موطئ قدم في أكثر من محافظة، فمن البيضاء الى الجوف الى صنعاء، وها هي تصل الى مديرية وصاب بمحافظة ذمار، هناك من لا يريد أن يفهم الحقيقة ولا أن يستوعب حكاية تمدد هذا التنظيم وشبكته العنكبوتية، كي يسدل الستار عن فصول مهمة وخطيرة في هذه الحكاية، كما حصل القاضي في سنحان، أحد أهم المقربين من اللواء علي محسن الأحمر لتطوي معه أسراراً وعلاقات وملفات خطيرة.
الباحث في شؤون الحركات الاسلامية عبدالرزاق الجمل نشر على صفحته في الفيسبوك عقب حادثة وصاب بساعات قليلة أسماء القتلى في هذه الغارة الامريكية بينهم قيادي بارز يدعى العماد، ليسدل الستار عند هذه النتيجة التي يحققها الامريكيون بامتياز، بينما لا يعنيهم استمرار سقوط ضحايا المسدسات كاتمات الصوت الذين يسقطون على قارعة الطريق وفي كل مرة تقيد القضايا ضد مجهول.
الحقيقة المؤكدة التي لا يجب أن نغفلها أو نغض الطرف عنها، في زحمة القضايا والمشاكل اليمنية الراهنة أن هناك تنظيماً إرهابياً ينشط في اليمن بشكل كبير وعلى جميع المستويات، وتتسع خارطته بصورة لافتة وغير طبيعية، ما يدل أنه لا يتحرك من ذات نفسه وبإمكانياته الخاصة وإنما بضوء أخضر ويحظى بدعم لوجستي كبير من أطراف الداخل، وأن هناك حاضنات اجتماعية وتنظيمية يترعرع فيها وينطلق منها.
بعض الصحف تناولت مؤخراً أن تنظيم القاعدة أخذ ينشئ له معسكرين في منطقة سواخ التابعة لمديرية كعيدنة بمحافظة حجة، وأن الامر له علاقة بالحرب الدائرة في سوريا التي انشئت فكرة الجهاد للالتحاق بجبهة النصرة فتمكنت أن تستقطب لها آلاف اليمنيين وكانت محافظة حجة ساحة استقطاب لهؤلاء المتطرفين.
إذا ما صحت الاخبار عبر إنشاء معسكر للقاعدة في حجة فإن الأمر يحمل دلالات وأبعاداً كثيرة ليست فقط مسألة الجهاد في سوريا وإنما أيضاً له علاقة بالتطورات السياسية في المحافظة والتطورات مع الجارة السعودية.
فهل ستأخذ المسألة محمل الجد أم أن هذه المحافظة التي ظلت في منأى عن أحداث القاعدة ستصبح مجالاً حيوياً لقصف الطائرات الأمريكية بدون طيار؟