فيصل الصوفي -
حرية الصحافة أصبحت عرضة للتهديد من جانب مسئولين حكوميين خلال الشهور الأولى من هذا العام، ويأتي رئيس الوزراء في مقدمة مصادر التهديد.. افتتحت وزيرة حقوق الإنسان عام 2013م برفع دعوى قضائية ضد موقع «المؤتمر نت» ورئيس تحريره الزميل عبدالملك الفهيدي، بذريعة نشر خبر يتضمن انتقاداً وجهته منظمات غير حكومية للوزيرة بسبب تهديدها نشطاء مدنيين وحقوقيين- حسبما جاء في الخبر- وكانت الوزيرة قد اختتمت عام 2012م برفع دعوى قضائية ضد الموقع ورئيس تحريره.
إلى جانب وزيرة حقوق الإنسان، رفعت ضد صحفيين وصحف دعاوى قضائية من قبل رئيس الوزراء ووزراء العدل والمالية والكهرباء ومسئولين كبار آخرين.. في منتصف فبراير كانت هناك دعوى أمام نيابة الصحافة على الزميل عرفات مدابش رئيس تحرير موقع « التغيير» قدمت باسم رئيس الوزراء ووزيري المالية والكهرباء، وفي 23 ابريل بدأت محكمة الصحافة محاكمة الزميلين محمد عايش رئيس تحرير صحيفة «الأولى» ومحمد العبسي، والتهمة هي الإساءة لجمعية الإصلاح الاجتماعي حسب الدعوى التي تقدم بها وزير العدل العرشاني، الذي يشغل أيضاً منصب رئيس الجمعية، وخلال الشهر نفسه مثل الزميل رئيس تحرير صحيفة «مأرب برس» أمام محكمة الصحافة بشأن دعوى رفعتها مصلحة الهجرة والجوازات على خلفية نشر خبر عن طباعة 50 ألف جواز غير مطابق للمواصفات.. وهذه ليست كل الدعاوى التي سجلت خلال الأشهر الماضية من العام، بل نماذج قليلة لضرب المثل.
سيقال: أمر إيجابي أن يلجأ رئيس الوزراء والوزراء وكبار الموظفين العموميين إلى القضاء لمخاصمة الصحف والصحفيين، ولا يمثل هذا تهديداً لحرية الصحافة، فالقضاء سيحكم في الأخير بالإدانة أو البراءة حسب الوقائع والأدلة.. وهذا كلام صحيح، ولكن فقط عندما تكون تلك الدعاوى غير كيدية، ولا تستهدف تقييد الحرية، وإنهاك المدعى عليهم.. ومن يرجع إلى دوافع ومبررات المدعين سيلاحظ أن أصحابها دعاواهم تتعلق كلها بالقلق من كشف الصحافة ممارسات الفساد.. كل هذه الدعاوى تتعلق بقضايا فساد فضحتها الصحافة بالوثائق، وليس في الأمر أي إساءة مقصودة.
كما تتعرض حياة الصحفيين وحرية الصحافة لتهديد حقيقي من قبل أطراف أخرى قد لا تكون على علاقة وثيقة بالحكومة، ولكن الحكومة لا تبذل أي جهد في ملاحقة أو مساءلة مصادر هذا التهديد، فعلى سبيل المثال قام أحد رجال المال- وهو ابن أمين عام حزب الإصلاح- بتهديد صحيفتي»الشارع» و»الأولى» بالإغلاق لأن الصحيفتين نشرتا تقريرا ورد فيه أن «عامر» استولى على مزرعة في «دار سعد»، كما هدد بإجراءات أقسى حسب شكوى الصحيفتين، ولم تعر الحكومة الشكوى أي اهتمام، وقبل أسبوعين أطلق( 3) مسلحين ملثمين النار على الزميل منصور نور في عدن، وبتر الأطباء رجله جراء الإصابة الخطيرة، ولم تحرك الحكومة ساكناً، وزرع مجهولون عبوة ناسفة تزن 400 جرام عند مدخل صحيفة «المصدر» فاكتفت الحكومة بإبطال العبوة فقط.