راسل القرشي -
دائماً ما يؤكد فخامة الأخ/علي عبدالله صالح، رئىس الجمهورية الدور التوعوي والتنويري الذي ينبغي على الخطباء والمرشدين والوعاظ تمثله واتباعه.. وعدم إقحام رسالتهم في إثارة النعرات والفرقة والخلاف وزعزعة أمن الوطن واستقراره.
نقول ذلك في الوقت الذي نسمع البعض من هؤلاء ومن على منابر المساجد يؤججون الخلافات بدواعٍ حزبية ضيقة، ويروجون لأفكار ومفاهيم مضللة تسهم وبشكل كبير في تنمية الغلو والتطرف ونشوء أشكال من الاجتهادات التي يكون لها الأثر السلبي على الخطاب الإسلامي الوسطي والمعتدل وعلى تعاليم ديننا الحنيف ورسالته التنويرية الخالدة.
إن رسالة المسجد اخترقت من قبل قليلي الخبرة والكفاءة.. ورغم الجهود التي تبذلها وزارة الأوقاف والإرشاد حفاظاً على هذه الرسالة من النأي بها، والسقوط في مستنقع السياسة وقاذوراتها؛ لايزال البعض من الخطباء يصرون على السير في ذات الاتجاه الهادف في المقام الأول إلى تسييس القضايا الحياتية بعموميتها واستغلالها لتمرير أهداف سياسية خالصة باسم الدين ولا شيء غيره.
المشكلة الرئىسية التي نعانيها في مجتمعاتنا المحلية تتمثل باستغلال رسالة المسجد من قبل جماعات غلب عليها الطابع السياسي والحزبي، ويجمعون لأنفسهم فضائل الدنيا والدين لا لشيء إلا لمزيدٍ من ترجيح الكفة والاستحواذ على عقول وقلوب المتلقين.. رغم امتلاكهم للكثير من المنابر الصحافية التي يتم توظيفها من خلال كتاباتهم لأغراض سياسية حزبية بحتة.
ضف إلى ذلك تقديم أنفسهم وكأنهم أصحاب حقيقة مطلقة لا يضاهيهم الآخرون فيها بتاتاً.
مشكلتنا الرئيسية تتمثل بسيطرة الخطيب «السياسي» على الكثير من منابر المساجد؛ الأمر الذي تسبب في بروز التصلب وما يدخل في عداده من أساليب التعصب والتشدد والتطرف والمغالاة.. وفي الوقت نفسه ضياع رسالة المسجد الحقيقية والمتمثلة بمعايشة واقع المجتمع وتلمس مختلف الظواهر والمشكلات وتعزيز وحدة المجتمع وغرس مفاهيم وقيم الولاء والانتماء الوطني.. والتكافل والتراحم والتآخي.. ونبذ الخلاف والعداء.
يقول الشاعر والمفكر الإسلامي/محمد محمود الزبيري: «إن من أشد ما بُلي به المسلمون في هذا العصر الحديث اختلاف أساليب الدعايات المغرضة التي تتخذ القدرة على تصريف الكلام ذريعة إلى الأغراض الشخصية، والمآرب والأهواء».
ويضيف: «الأمر الذي جعل مصير العقائد والأخلاق والاتجاهات الشعبية العامة، إلى حد كبير، في أيدي طبقة من الكتاب والخطباء والشعراء يسيطرون على عقول الجماهير وعلى مصائرها دون أن يتأكد المجتمع الذي يكيفون مصيره من الضمان الوثيق على إخلاصهم للأهداف السامية.. لهذا فقد يندفعون إلى اتجاه عظيم الخطر تدفعهم إلىه مآربهم الخاصة».
ذلك ما قاله الزبيري «رحمة الله تغشاه» قبل أكثر من خمسين سنة من الآن.. فماذا كان سيقول لو كان عائشاً بيننا اليوم وسمع ورأى ما يحدث من توظيف للدين في مآرب ما أنزل الله بها من سلطان!؟.
الحاجة إلى خطاب معتدل ووسطي في حياتنا اليوم، يجب أن يلبيها المسجد بصورة مؤكدة.. ذلك أن خطورة الخطاب المتطرف النزق، والتعبئة الخاطئة وإن كانت قد ظهرت للعيان وتمت مواجهتها ومازالت إلا أنها إذا لم يتمكن الخطيب من أداء رسالته الحقيقية المنبثقة من روح الإسلام الحنيف الذي ينبذ العنف والتطرف ويحبذ الاعتدال والوسطية.. وبعيداً عن أي تجيير سياسي أو إطلاق أحكام مسبقة شبيهة بـ«الفتاوى» سوف يشتعل أوارها ويصعب تصور عواقبها الوخيمة.
والحقيقة التي ينبغي التذكير بها هنا هي أن تأكيد القيادة السياسية الحكيمة ممثلة بفخامة الأخ/علي عبدالله صالح، رئيس الجمهورية على توجيه الخطاب الديني والإرشادي لما ينفع الناس والوطن، ويعزز من قيم العدل والتسامح والاعتدال، ينطلق أولاً وأخيراً من تعاليم ديننا الحنيف، ومن المصلحة الوطنية التي تحتم علينا العدل في النقد.. والحفاظ على الجماعة، والحذر من الخروج عليها
صحيفة الجمهورية