عبدالفتاح علي البنوس -
< من حق حزب الإصلاح أن يطمح بالوصول إلى السلطة والحصول على الأغلبية البرلمانية التي تمكنه من تشكيل الحكومة وإدارة شؤون البلاد وذلك في إطار الممارسة الديمقراطية التي كفلها الدستور والقانون، وهذا طموح مشروع، ولكن غير المشروع هو استغلاله للأزمة وحصوله على سلطة القرار داخل الحكومة وامتلاكه لعناصر التأثير على القرارات في إطار المرحلة الانتقالية وذلك في سبيل تنفيذ مخططه الهادف الى أخونة الدولة وإحكام السيطرة على كافة مفاصلها وذلك استعداداً لتوظيف كل هذه الوسائل والأدوات من أجل الوصول الى السلطة وإحباط حلم اليمنيين بإقامة الدولة المدنية الحديثة، دولة المؤسسات والنظام والقانون.
فمن يشاهد الإصلاح اليوم بعد أن أصبح الشريك الفاعل في السلطة، يصاب بالذهول نتيجة السياسة الاقصائية التي ينهجها وحرصه على خدمة مصالحه الحزبية في الوزارات التابعة لهم والتي تحولت الى مؤسسات حزبية إصلاحية نتيجة السياسة الاستغلالية المتبعة..
وزارة العدل فرع للاصلاح
اليوم وزارة العدل التي يقودها رئيس جمعية الإصلاح القاضي مرشد العرشاني تحولت الى وكر للإصلاحيين من خلال التعيينات الحزبية وإقصاء بقية الكوادر الوطنية، ولأنهم يريدون السيطرة على القضاء وضمان أخونته في المستقبل، اخترقوا اللائحة الخاصة بنظام القبول بالمعهد العالي للقضاء والتي كانت تنص على اقتصار الالتحاق بالمعهد على خريجي كلية الشريعة والقانون من الحاصلين على تقدير جيد جداً فما فوق، ولأنهم ينشدون الدولة المدنية فقد عملوا على تخفيض معدل القبول الى جيد وفتحوا الباب على مصراعيه أمام خريجي جامعة الإيمان ذات المنهج الخاص والتي لا يدرس فيها الطلاب أي مواد قوانين على الإطلاق تتيح لهم حق الالتحاق بالمعهد، ولكنهم يريدون أن يسيطروا على المحاكم ويكون القضاء في أيديهم لكي يسهل لهم الوصول الى السلطة، حيث فتحوا المجال لما يقرب من 300 خريج من جامعة الايمان تقديراتهم جيد، في الوقت الذي حرم العديد من خريجي كلية الشريعة من أصحاب تقدير جيد جداً، لأنهم لا ينتمون للإصلاح وهذه واحدة من خطوات أخونة الدولة.
أخونة الداخلية
وفي وزارة الداخلية دشن الوزير قحطان مهامه بتجنيد عشرات الآلاف من الاصلاحيين من الساحات وقام بتوزيعهم على المحافظات، وعمل على تغيير كافة القيادات الامنية على مستوى المحافظات والمديريات وأضحت المناصب القيادية الأمنية خاضعة للانتماء والولاء الحزبي، ولم يتردد في إقصاء الكوادر الأمنية الوطنية التي لا تنتمي للإصلاح والقوى العسكرية والقبلية المتحالفة معه، حتى غدت وزارة الداخلية، وزارة إصلاحية خالصة، وهذه خطوة ثانية من خطوات أخونة الدولة.
إعلام المرشد
< وفي وزارة الإعلام انكشف المستور وتبخرّت كل التنظيرات التي كنا نسمعها فور توليهم مهام الوزارة، حيث تم استهداف القيادات الاعلامية، وإقصاء المذيعين الذين وقفوا مع الشرعية الدستورية، وعملوا على تحويل المؤسسات الإعلامية والفضائيات الرسمية الى أدوات لدعم مخططهم الهادف الى أخونة الدولة.. تسابقوا على تعيين عناصر إصلاحية إعلامية في مختلف الوسائل الإعلامية الرسمية، وقاموا بالسيطرة على قناة الإيمان، وفرضوا على الوسائل الإعلامية الرسمية سياسة إعلامية تتماشى مع السياسة الاخوانية، غير آبهين بالمصلحة الوطنية، وتحول الإعلام الرسمي الى إعلام مُعبّر عن سياسة وتوجهات الاخوان، وتبخرت مطالب الحيادية والحرص على المصلحة الوطنية في الهواء واتضح أنهم الأكثر ملكية وتعصباً واستبداداً واستغلالاً وعنصرية.. وهذه تعد من أكثر الخطوات على طريق أخونة الدولة.
التربية والمعاهد العلمية
< وفي وزارة التعليم تم تعيين قيادات الإصلاح في المراكز والمناصب الحساسة، في ديوان عام الوزارة ومكاتب التربية في بعض المحافظات والمديريات، وتم التوقيع على اتفاقيات مع مؤسسات استثمارية إصلاحية، وتم تعيين ما يقرب من 2500 عنصر من الإصلاح ضمن كادر قطاع تحفيظ القرآن الكريم، في الوقت الذي يتم فيه الإعداد لإحكام السيطرة على كل قطاعات التربية والتعليم وتسخيرها لخدمة الأهداف السياسية للحزب.
بيع الكهرباء
< وفي وزارة الكهرباء تحوّل سميع الى موظف مطيع لحميد الأحمر وعلي محسن والإصلاح، حيث حقق رقماً قياسياً في جانب أخونة الوزارة ومكاتبها في المحافظات والمديريات، فقد عمد الى إقصاء القيادات السابقة واستبدالها بعناصر إصلاحية على مرأى ومسمع الجميع، دونما خجل أو حياء، وسارع سميع الى رد الجميل لمن أوصلوه الى كرسي الوزارة وذلك بمنحهم امتياز الحصول على مناقصات عقود شراء الطاقة والتي تبلغ تكلفتها مئات الملايين، والتوقيع على عقود إعلانات في الصحف والفضائيات الاصلاحية بالدولار دعماً للحزب، علاوةً على الإعفاءات والتسهيلات التي منحها سميع لأرباب نعمته وكله من «ظهر الشعب» الذي صدّق بأن الإصلاح ينشد دولة النظام والقانون وأنه العدو الأول للفساد، وإذا به يُجسد الفساد في أقذر صوره على طريق أخونة الدولة والوطن.
< إن مشروع أخونة الدولة والوطن الذي يُعتمل اليوم من قبل حكومة باسندوة يمثل التهديد الأكثر خطورةً لمشروع الدولة المدنية الحديثة، فالاصلاح يهدف الى تطويع كافة أجهزة ومقدرات الدولة من أجل ضمان وصوله الى السلطة مهما كانت التضحيات والخسائر، ويريدون السيطرة على قيادة المحافظات والسيطرة على فروع اللجنة العليا للانتخابات، والسيطرة على كافة الأدوات المرتبطة بالعملية الانتخابية من أجل ضمان وصولهم الى السلطة بعد ضمان دعم ومساندة القضاء والأمن والإعلام، بالإضافة الى الإسناد والدعم الخارجي.. هذا ما يريده الإصلاح، وهو ما لا يريده المواطن الذي يحلم بيمن جديد خالٍ من الفساد.. يجب التصدي لهذا المشروع والعمل على وضع حد لممارسات الإصلاح الإقصائية.. والعمل على بناء اليمن الجديد الذي لا مكان فيه للمصالح الحزبية الضيقة، اليمن الذي ينتصر للشعب ومطالبه العادلة والمشروعة، اليمن الذي يقودنا نحو آفاق من التطور والتقدم والنماء.