تحقيق : منصور الغدره -
للمرة الثانية يوقف العمل في طريق الحسينية- ذمار، مما يعني ان الطريق لن تنجز نهاية الشهر المقبل كآخر موعد زمني حدده عقد العمل الموقع بين الحكومة اليمنية والشركة المقاولة ممثلة بشركة الرحاب - اليمنية-والشركة المنفذة نوراك- التركية- بثلاثين شهراً بدأت مطلع عام 2005م وتنتهي الشهر المقبل، كطريق استراتيجي بطول 254 كيلومتراً وكلفة 38 مليون دولار بتمويل من الصندوق العربي.. وفي الاسبوع الماضي تلقت »الميثاق« صورة من رسالة المناشدة التي رفعها مشائخ وأعيان واعضاء مجلس النواب والمحلي بمديريتي وصابين، فآثرت مناقشة هذا الملف ميدانياً مع الاطراف ذات العلاقة..
الدكتور عبدالحكيم صوفان- رئيس شركة الرحاب- الشركة المقاولة الذي اتصلنا به أحالنا إلى شركة نوراك التركية- الشركة المنفذة وشريك رئيسي للرحاب في هذا المشروع.
^ المسئول الأول لشركة نوراك نور الدين اصان - الذي تحدث بلكنة غاضبة جمعت ثلاثي اللغات العربية، والتركية، الانجليزية قائلاً :
- فلوس اليمن كله راح هدر.. هذا حرام.. نشتي نسوي طريق كويس، طريق نظيف تمام.. وأنتم - وزارة الاشغال- تريدون طريقاً مايمشي فيها أعمى البصر وأعمى البصيرة.. هكذا بدأ حديثه ثم يضيف :
الطريق الذي يريدها استشاري وزارة الاشغال ايمن نوح - هو طريق لسيارة »كروز« وليس لقاطرة - ضيق جداً- نحن نقول لابد ان يكون عرض الخط 30 متراً واستشاري الوزارة يقول اعملوها فقط 9 أمتار.. كيف يعقل هذا ان نسوي منعطف »رون« بعرض 9 أمتار وكيف تسير قاطرة بطول عشرين متراً في هذا الطريق..؟ ويضيف نور الدين قائلاً :
- اذا كانوا يريدون أن ينجزوا مشروع الطريق عليهم اولاً ان يصدقوا نياتهم - الاشغال- ويخلصوا العمل لبلدهم.. هذا حرام ومش كويس لليمن..
لاتوجد تصاميم
وحينما قاطعته متسائلاً : هل هذا هو السبب؟ اجاب :
- هناك مشاكل كثيرة اهمها ان الطريق لاتوجد له تصاميم تحدد احداثيات مسار الخط، بحيث يتم العمل وفقها.. وكذلك لاتوجد دراسات وتحاليل جيولوجية وهيدروكلوريكية توضح التربة الصالحة للخط، بحيث لاتحدث انهيارات للطريق مستقبلاً.. والتصاميم التي قدمت لنا عند البدء بتنفيذ الطريق اتضح انها اجريت قبل عشرين سنة ولم يعد هناك اي وجود لعلامات نقاط مسار الطريق.. وعندما اردنا تطبيقها على الارض وجدناها غلط وغير سليمة، فمثلاً التصاميم على الورق تحدد مرور الخط في الوادي وعلى الارض نجده قد مر بثالث جبل من الوادي وهكذا.
فأصبحنا نعد التصاميم والدراسات الجيولوجية ثم التنفيذ بالأعمال الانشائية من الشق والردم وبناء الجدران والعبارات والاسفلت.. لكن استشاري الوزارة يحاول عرقلة العمل...
الوزارة لم تدفع
ويؤكد المسئول بشركة نوراك التركية ان المشكلة الثالثة عدم تسديد المستخلصات »المستحقات« المالية للشركة المنفذة من قبل وزارة الاشغال منذ ستة أشهر.. رغم انهم استقدموا شركة خاصة لإعداد التصاميمم واجراء الدراسات الجيولوجية، لكن الوزارة لم تفِ بدفع مستحقات هذه الأعمال الاضافية.. حيث ان هناك 100 كيلومتر تقريباً 80٪ انجزت تصاميمها، وهناك في القطاع الثالث »مشرفة الحسينية« 40 كيلومتراً انجزت كافة الأعمال فيها بما في ذلك الاسفلت، وفي قطاع وبداية الطريق من جهة ذمار هناك 37 كيلومتراً انتهت عملية الردم فيه ويتم حالياً بناء جدران الحماية والعبارات، وفي منطقة عتمة انتهينا من ردم 32 كيلومتراً من 42 كيلو متراً والآن يتم بناء الجدران والعبارات.
نور الدين يقول ساخطاً :
آليات معطلة
احضرنا لأجل تنفيذ الطريق 400 آلية معدة ثقيلة جديدة بقيمة 30 مليون دولار.. اضطررنا الى ان نعمل وسط ظروف صعبة لأنه حرام ان نعود بها كما هي دون ان نستفيد منها في المشروع، خاصة ان اجرة نقل هذه المعدات كلفتنا 3 ملايين يورو الى ان وصلت ميناء الحديدة، وحوالى 1100 مابين مهندس ومصمم وعامل وموظف منذ ثمانية اشهر والجميع نائمون في الموقع والمعدات متوقفة دون عمل..
ومضت سنتان وبضعة أشهر ونحن على هذا الحال.. التصاميم اللي اعطوها لنا لايمكن ان تتعامل معها حتى وان كنت اعمى، وان كنت بصيراً اصبت بالعمى.. مضيفاً :
- هذا الطريق خرَّب بيوتنا.. خسارتنا الى الآن 10 ملايين دولار وما استلمناه من مستحقات 7 ملايين دولار فقط.
اردنا ان نصلح طريقاً كويساً نخالف الطريقة اليمنية المعتادة لكننا لم نستطع فعل ذلك.. واستغرب نور الدين من الطريقة اليمنية في انجاز المشروع بعشوائية وجودة متدنية ومواصفات رديئة، وقال يفترض باليمني خاصة المسئول ان يكون الاحرص في اتقان العمل ويرفض أي تلاعب او خلل.. لكن هنا في اليمن رأيت عكس هذا.. ويؤكد نور الدين: ان العمل في المشروع لم يتوقف وانما متعثر..
السر الغائب
^ ويتفق معه في الرأي المهندس عبدالعزيز العماري المهندس في المشروع - من قبل الشركة المنفذة.. لكنه يضيف الى ذلك بقوله :
- هناك اشخاص لايريدون لهذا المشروع النجاح بسبب ان دراسة الجدوى الاقتصادية التي كان قد اعدها في السابق المهندسون المخضرمون بــ»55« مليون دولار والشركة التركية قدمت عطاءها بــ38 مليون دولار.. وهو السعر الطبيعي لتنفيذ مشروع الطريق.. وبذلك تضررت مصالح الكثير ممن كانوا »راكنين« من الفاسدين ان يكون لهم نصيب من فارق السعر، كما انه تحدى وزارة الاشغال ان تثبت ان لديها مهندساً جيولوجياً واحداً..
يريدون رشوة
وقال: الكل في الوزارة يعترضون حتى »الاطفال«، لأنهم يريدون »زلط« رشوة ونحن نرفض ذلك لان هناك في العقد - الاتفاقية - بنداً يمنع الرشوة، وينص اذا اكتشفوا ان هناك رشوة قدمت من قبلنا يتم توقيف مستحقاتنا والتعامل معنا لاحقاً.. ونص العقد هنا يتنبأ باحداث المستقبل - الحالي- بشأن مشروع طريق الحسينية- ذمار ويقول: ان ترخيصاً لاستيراد الديناميت لاستخدامه في التفجير لم نحصل عليه إلاّ بعد ثمانية اشهر.. مضيفاً ان الوزارة بعثت لهم برسالة تطالبهم بإعداد تصاميم جديدة وتغيير الاحداثيات التي عملت قبل عشرين سنة.. لكنهم لم يدفعوا المستحقات مقابل هذا العمل.. ويؤكد العماري : ان هناك تبادل رسائل بين الوزارة والصندوق العربي حول المشروع اكتشفنا منها مؤخراً ان الصندوق العربي أبلغ الجانب اليمني من المرة الاولى لاطلاعه على دراسة المشروع بأنه ينقصه الكثير.. لكن الوزارة اصرت وطلبت من الصندوق الموافقة على مسئوليتها، ماعقب الصندوق على ذلك في رسالة له قال فيها : اي اعمال اضافية او تعديل او تغيير لن نمولها.. هذه الرسالة مع الاسف اكتشفناها في وقت متأخر.. ويقول: لذلك رفض الصندوق في وقت لاحق التمديد لفترة تنفيذ المشروع وتمويل التعديل والاضافات الجديدة مقابل اجراء الدراسات الجيولوجية والتصاميم، وبالتالي لابد وان تتحمل هذه المبالغ وزارة الاشغال، كونها قدمت دراسة للمشروع ناقصة، وأيضاً طلبت منا القيام بالدراسة الجيولوجية وإعداد التصاميم الهندسية..
مدة اضافية
ويقول العماري : نحن بحاجة الى »30« شهراً مدة إضافية لانجاز المشروع لان المقاول المنفذ تحوّل الى مصمم ومحلل جيولوجي ومنفذ.
^ منصور عبدالجليل محافظ محافظة ذمار من جانبه حمَّـل مسئولية تعثر وبطء العمل في المشروع وتوقف التنفيذ من قبل المقاول- وزارة الاشغال- التي قال: لم تف بدفع ما التزمت به من مستحقات مالية مقابل الأعمال الاضافية والمقدرة بـ3 ملايين دولار.
^ في حين يرى الدكتور اسماعيل الجند - الذي كلف من رئىس الجمهورية بالمتابعة والاشراف على سير العمل في المشروع عقب توقف العمل في المشروع في شهر اغسطس العام الماضي.. ان الخطأ في الموضوع حدوث تجاوز للاتفاقية من البداية من خلال التغيير في بنودها تعديلاً واضافة بنود جديدة دون الرجوع الى الطرف الممول للمشروع »الصندوق العربي«- اذ ان التصاميم التي قدمت من وزارة الاشغال للشركة المنفذة والتي تمت الموافقة بالتمويل على اساسها لم تكن صحيحة وسليمة عندما اراد المقاول التنفيذ على أرض الواقع بموجبها.. وبالتالي استدعى ذلك الى تكليف المقاول - الشركة التركية - باعداد التصاميم والدراسات الجيولوجية واصبحت هذه البنود الجديدة ضمن الاتفاقية، ونشأ مقابلها حقوق مالية للمقاول، إضافة إلى أن هذا الأمر يتطلب إلى تمديد فترة اضافية للتنفيذ عن الــ30 شهراً المحددة في الاتفاقية.
نقاط الخلاف
لكن الصندوق العربي رفض الاثنين - التمويل الاضافي وتمديد الفترة- واصبحت هنا اشكالية موجودة بين المقاول ووزارة الاشغال.. فأوقف المقاول العمل في المشروع، وبعد ذلك كُلِّفت من قبل فخامة الرئيس بالبحث عن حلول وانهاء المشكلة ومواصلة العمل في المشروع.. وعند الاستماع الى الطرفين - المقاول ووزارة الاشغال - اتضح ان هناك خمس نقاط محل خلاف بين الطرفين فعملنا على حلها، والتزمت وزارة الاشغال بموجب ذاك الاتفاق على دفع المبالغ الاضافية للمقاول.
إلاّ ان الوزارة للأسف لم تنفذ أي شيء مما اتفق عليه، وهو الأمر الذي اضطر المقاول الى توقيف العمل مرة أخرى في مشروع طريق الحسينية - ذمار، بعدما كان قد شهد العمل فيه تحركاً وانتعاشاً كبيرين في انجاز السفلتة للمقطع الثالث.. الحسينية - مشرفة- وتكثيف اعمال الشق والاعمال الانشائية في مناطق مغرب عنس وعتمة، وبدأت السفلتة من عتمة باتجاه وصاب، وهي كانت أعمال كلها متعثرة.. ومع ان المشروع يحظى باهتمام ومتابعة شخصية من قبل فخامة الرئيس مباشرة.. إلاَّ أن الأشغال لاتعير ذلك اهتماماً ويتضح ذلك من عدم التزامها بالحلول التي وضعت رغم موافقة وزير الاشغال، والآن العمل في المشروع متوقف لأسباب كثيرة منها ما ذكرته آنفاً وأيضاً تأخير صرف المستحقات.
واضاف الجند قائلاً : المقاول لديه حق في بعض مايقوله.. حرصاً منه بألاّ يجري شق إلاّ بعد اجراء الدراسات الجيولوجية لأنه يحرص بألاّ تحدث تساقطات وانهيارات وانزلاقات مستقبلية.
الاشغال خارج النطاق
^ وحاولت الصحيفة الاتصال بوزير الاشغال ونائبه ووكيل الوزارة ومدير عام الطرق والجسور بالوزارة.. لكن جميعهم لم يردوا عــــلى الاتصالات المتكررة عدا نائب الوزير الذي قال : ان الملف مرتبط بالوزير شخصياً ولايمكن لأحد ان يتحدث بشأنه سواه.
| 
«الميثاق نت» تنقب في مشروع تعثر:طريق الحسينية - ذمار.. حلم السنين وأدته الادارة السيئة
