عبدالفتاح علي البنوس -
نحتفل اليوم كيمنيين عامة وكمؤتمريين خاصة بذكرى غالية على قلوبنا جميعاً، ذكرى مثلت نقطة التحول الأولى في تاريخ اليمن المعاصر في المسار الديمقراطي لكونها أسهمت في بلورة الرؤى الوطنية الهادفة الى بناء الدولة اليمنية الفتية على أسس ديمقراطية وقيم ومبادئ وطنية تلبي الطموحات وتحقق الآمال والاحلام التي ينشدها كل أبناء الشعب، إنها ذكرى تأسيس رائد للأحزاب والتنظيمات السياسية اليمنية والمظلة التي استظل تحت ظلالها الجميع، وتعلموا من مدرسته ونهلوا من نبع عطائه المتدفق حزب المؤتمر الشعبي العام الذي تأسس في 24 أغسطس 1982م بمبادرة حكيمة من قبل الزعيم علي عبدالله صالح انطلاقاً من حرصه على تجميع كافة الجهود الوطنية لتصب في مصب واحد انبثق عنها الميثاق الوطني الذي رسم ملامح ومرتكزات الدولة اليمنية.
نحتفل اليوم بالذكرى الـ31 لحزب لطالما عُرف بأنه حزب كل اليمنيين، الحزب الذي جسد بنهجه وفكره أبهى وأروع صور الوسطية والاعتدال، وتمكن من تحقيق جملة من التحولات المشهودة في حياة اليمنيين، تحولات سجلها التاريخ بأحرف من نور في أنصع صفحاته، 31 عاماً من الريادة شهد معها المؤتمر تحولات عدة فرضتها المستجدات على الواقع، ومع تحقيق الوحدة المباركة في 22 مايو 1990 وعقب اقرار التعددية الحزبية ظل المؤتمر هو الرائد، وظل هو رأس الحربة وعمود التوازن للعملية السياسية، وظل المتصدر للمشهد السياسي تسانده في ذلك قاعدته الجماهيرية العريضة على امتداد ربوع الوطن، وتدعمه في ذلك خيارات وتوجهاته الوطنية، وقيادته الفذة والمجربة برئاسة الزعيم القائد علي عبدالله صالح.
31 عاماً قدم المؤتمر والمؤتمريون التضحيات الجسام، دفعوا خلالها ثمن انحيازهم للشعب ودفاعهم عن مصالحه، وحرصهم على المضي بسفينة الوطن الى بر الأمان، 31 عاماً دخل فيها المؤتمر في تحالف ثلاثي مع الاشتراكي والاصلاح عقب تحقيق الوحدة، ودخل في تحالف ثنائي مع الاصلاح عقب احداث صيف 1994م، قبل أن يحظى بالأغلبية البرلمانية التي جعلته ينفرد بالحكومةوادارة شئون البلاد، حيث جسد المؤتمر الشعبي العام خلال هذه المراحل المتعاقبة الروح الوطنية التواقة لبناء الوطن وتحقيق أعلى مستويات التطور والتقدم والنمو، هذه الروح القائمة على الشراكة الوطنية بعيداً عن الاقصاء والاستحواذ.
فكان المؤتمر الحضن الدافئ لكل العناصر التي أعلنت فرارها من جور أحزابها وتسلط قادتها، حيث عمل على الاستعانة بهم في ادارة شئون البلاد على حساب قيادات وكوادر المؤتمر، تجسيداً لمبدأ الشراكة الوطنية في الوقت الذي كان فيه المؤتمر حريصاً على أن تكون المصلحة الوطنية هي غايته المنشودة بعيداً عن الشمولية والنزعة الفردية التي كان البعض يظن بأنه سيمارسها عقب حصوله على الأغلبية البرلمانية وانفراده بالحكم..ولم يكن هذا الانفراد يعني اقصاء الآخرين واحلال عناصر المؤتمر كبديل لهم حيث ظلت كوادر الأحزاب حاضرة وبقوة في المشهد السياسي والعملية السياسية، حرصاً على التوازن والمشاركة الوطنية في صنع الغد المشرق للأجيال المتعاقبة، ومع ذلك كانت الانجازات تحسب للجميع، وكان المؤتمر بمفرده هو من يتحمل وزر الاخفاقات في معادلة غير صحيحة وفيها من الظلم والتجني الشيء الكثير، صحيح كان هناك اخفاقات يتحمل المؤتمر كامل المسئولية عنها، ولكن في المقابل كان هناك انجازات ومكاسب تحسب للمؤتمر وقيادته وحكوماته المتعاقبة، رغم كل العقبات والصعوباتوالعراقيل والأزمات التي كانت المعارضة تقوم بها من أجل اظهار فشل وعجز المؤتمر.
وإن احتفالنا اليوم بهذه المناسبة وفي ظل الظروف الراهنة التي يعيشها يمننا الحبيب يُعد رسالة تذكير لكافة القوى السياسية وجماهير شعبنا اليمني الأصيل بعظمة ومكانة هذا الحزب الوطني الرائد، وهي رسالة للداخل والخارج بأن المؤتمر الشعبي العام كان ومازال السباق في تقديم التنازلات والتضحيات من أجل المصلحة الوطنية بخلاف ما يتم الترويج له في فضائيات والفتنة، والصحف الصفراء ومواقع الدجل والتضليل، فالمؤتمر وقياداته برئاسة الزعيم علي عبدالله صالح كان صاحب الفضل بعد الخالق عز وجل في تجاوز الوطن لشبح الحرب الأهلية خلال الأزمة السياسية التي شهدها الوطن، فالمؤتمر صاحب الأغلبية البرلمانية والجماهيرية ومالك الشرعية الدستورية كان السباق في الموافقة على المبادرة الخليجية والتوقيع عليها، رغم أن الكثير من بنودها تعد اجحافاً في حقه، ورئيس المؤتمر رئيس الجمهورية المنتخب من قبل الشعب هو من حقن الدماء وحافظ على الوطن من خلال توقيعه على المبادرة وتنازله عن حقه الدستوري والتاريخ سينصف المؤتمر والزعيم علي عبدالله صالح، وسيفضح ادعياء النضال والتضحية والوطنية، وسيعري الأقزام التي تتطاول على المؤتمر وقياداته.
لا نريد شهادة علي محسن، أو باسندوة، أو اليدومي أو قحطان أو الآنسي أو حميد الأحمر وإعلام الاصلاح، لا نريد شهادة نصر طه ولا فارس السقاف ولا سمير اليوسفي ولا فيصل مكرم ولا مروان دماج ولا راجح بادي وبقية فرقة حسب الله.. لا نريد شهادة من أحد بوطنية المؤتمر وقيادته والتنازلات والتضحيات التي قدمتها للوطن فالله وحده هو الشاهد ومن ثم الشرفاء من أبناء هذا الوطن المعطاء، لقد تنازل المؤتمر عن السلطة وهو في موقع القوة، ولكنه لم يتنازل عن الوطن والشعب، كما يظن حزب الاصلاح والقوى التي لفظها المؤتمر وتخلص من ادرانها خلال الأزمة السياسية لقد تخلص المؤتمر من عناصر فاسدة عاثت في البلاد الفساد، وتطهر من فعائلهم وصنائعهم المشينة، والتي لطالما كانت أحد أبرز المآخذ على أداء المؤتمر الشعبي العام في السابق، ولم يعد هناك أي مبرر لقاء الفاسدين والاستغلاليين والنفعيين داخل المؤتمر بعد اليوم.
لقد صار لزاماً على قيادة المؤتمر ونحن نحتفل بذكرى التأسيس الـ31 العمل على اعادة تقييم مستوى الأداء خلال الفترة السابقة والعمل على تفعيل أداء فروع المؤتمر في المحافظات والمديريات، وتشبيب النشاط المؤتمري وضخ دماء شابة قادرة على التعاطي مع المتغيرات الراهنة، والوقوف أمام الاخفاقات لاصلاحها ومعالجتها وتفادي الوقوع فيها في المستقبل، الشفافية والمصداقية مطلوبة، من أجل الحفاظ على موقع ومكانة ودور المؤتمر في العملية السياسية المستقبلية ووفاء لتضحيات قيادات وكوادر المؤتمر، آن الأوان لترميم البيت المؤتمري من الداخل، والتفرغ العمل الحزبي المنظم بعيداً عن العشوائية والموسمية والاتكالية، الى هنا ويكفي ولنعمل سوياً على