محمد الجرادي -
بالتأكيد.. لن يكون موضوع التنمية الثقافية.. أو موضوعات ذات صلة بالمعنى الثقافي وبمدلولاته وأبعاده في حسبان »المشروع الحزبي المشترك« في حسبانه طبعاً بالمعنى الإيجابي المفترض إظهار أدواره وتفاعلاته على الشكل الذي تتعزز قيم الاتجاه نحو تنمية ثقافية، تحقق في إطارها الحفاظ على الخصوصية أو الهوية الثقافية للبلد واستشعار أهمية تأصيل ثقافة الانتماء وثقافة الوحدة الوطنية في الفكر والتفكير والسلوك.
^ فقط في حسبان هذا »المشروع الحزبي المشترك« الاشتغال على السياسة، واستمراء انتاج الفشل في الأداء والممارسة.. والخروج في أحايين كثيرة عن تجسيد السلوك السياسي الحقيقي.. والممارسة الديمقراطية الحقة.. إلى اثبات اختزال فهمها للممارسة السياسية في مواقف الكيد والمكيدة مالم تحقق مصلحتها الحزبية أو الشخصية!!
ليست محاصصة حزبية
^ والمسألة الثقافية هي واحدة من عشرات المسائل والقضايا التي ربما لايرى فيها »المشترك« ما يمكن أن يؤدي إلى محاصصة حزبية أو يرى فيها مناطق لاتدفع إلى تلبية رغبتها في التأزيم والتصعيد السياسي.. وبمعنى أوضح فهي تعتقد بأن هذه القضايا ليست من الأهمية لتستشعر جزءاً من المسؤولية تجاهها.. بالرغم من أن برامج أحزاب هذا المشروع »المشترك« لاتخلو من عناية بها وإن بدت بائسة وضحلة.
^ وبالإشارة إلى برامج هذه الأحزاب وتعاطيها مع المسألة الثقافية.. فإنها تحاول مغالبة رؤيتها الهشة في الأساس تجاه الهم الثقافي، وبالتالي تظهر في كثير من الظروف والمواقف، على انفصامية حادة.. وتغابي إن لم نقل غباء في التفريق بين ماهو سياسي وثقافي، خاصة وهي تتعامل مع قضايا تحمل أبعادها الثقافية مظاهر خطيرة داخل جسد المجتمع بشكل عام!!
انصاف!!
^ وبالأنصاف لانغمط هذه الأحزاب بعض أدوارها »النظرية« بالطبع.. في ما يتصل بهموم وقضايا الثقافة.. ففي برامجها ما يشير إلى مقومات الثقافة.. ويلمح إلى الاهتمام بالآثار والتراث والموروث الثقافي.. ويؤكد على خلق ثقافة حقيقية تسهم في تحقيق التنمية والنهوض الشامل.. و.. والخ.
^ لكن دعونا نقترب من الواقع.. ونتساءل: متى كانت هذه الأحزاب فاعلة ومتفاعلة مع متطلبات تحقيق الوعي بأهمية الثقافة والحفاظ على المنتوج الثقافي، أكثر من حضور تفاعلها مع مايمكن استغلاله من مظاهر أو حالات تعود بالإساءة إلى المشهد وإلى صورة الوطن.
^ بوضوح أكثر.. لم يحدث مثلاً أن قضية تهريب الآثار والعبث بها كانت بالقضية التي تستحق من هذه الأحزاب المناقشة والطرح المسؤول انطلاقاً من كونها قضية تمس في صميم الهوية الثقافية والحضارية للبلد..
إبداع مشترك!!
^ وبعيداً عن الآثار، لم يحدث أيضاً أن هذه الأحزاب أقدمت عملياً على تنفيذ ولو حتى حلقة نقاشية حول قضية ثقافية ما.. أو ثبت حضورها في مناشط ثقافية وإبداعية على سبيل المشاركة أو المساهمة!!
^ كلنا يتذكر كم كانت مناسبة »صنعاء عاصمة للثقافة العربية في العام 2004م« مدعاة لهذه الأحزاب في تنشيط ذاكرتها وتفكيرها ثقافياً وإبداعياً على نحو ارادت ترجمته فعلياً في خطابها الإعلامي باختزال اسهامها في التركيز على »بالوعات صنعاء«!! وبراميل المخلفات الطافحة بالعفن!!
^ وحين تساءل كثيرون يومها عن دور هذه الأحزاب في هذه الاحتفائية الوطنية والثقافية، لم تكن من اجابة عدا ما يتزايد في أوعيتها الإعلامية من احتفاءٍ بـ»النتانة« و»القاذورات«!! والعزف على أوجه القصور فقط من كل ذلك الاشتغال الرسمي على القيام بهذه المهمة.. والتقليل من أوجه الانجاز التي فاقت بحق ما كان في حدود التوقعات.
وحدة.. وانتماء!!
^ جانب آخر لصيق بإدعاءاتها التي تدحض مصداقيتها في الوقت ذاته عبر الممارسة.. ويتمثل في ثقافة الوحدة والانتماء الوطني..
ولعل هذا الجانب أكثر وضوحاً وبروزاً في أداء هذه الأحزاب، وهو أكثر ما يكشف عن تناقضها بين الإدعاء والفعل.. ويجسد خلل تفكيرها السياسي.. ومداومتها على تصدير ثقافة اللاانتماء واللاوطنية.. من خلال خطاب سياسي وإعلامي يستند إلى تفكير ما ضوي شطري وطائفي ومناطقي وتعزيز ذلك بخطاب تحريضي مناهض لقيم السلام والحوار والاختلاف البناء والتسامح.
^ فضلاً عن ذلك كله.. تراهن هذه الأحزاب على امتلاكها مشروعاً وطنياً شاملاً، في حين لاتتردد من تعريض »الوطن المشروع« كما لايحتمله من إساءات وتشهير متعمد.. وتلذذ وضعه على »طاولات المنظمات الخارجية« في صيغ لغوية ثقافية لاتتوقف عند حدود »المنهوب« و»المفترى عليه« و»......«!!
»مَعَ« و»ضد«!!
^ وتتساوق أفكار هذه الأحزاب بل تتجاوب مع أفكار تظهر على النقيض من كل ما من شأنه أن تعزز ثقافة الوحدة الوطنية وتجنب الوطن ثقافة الفتنة والصراعات.. بينما يتبدى واضحاً معرفة هذه الأحزاب وإدراكها لخطورة هذه الأفكار ومروجيها بالعنف والمواجهة من حيث المبدأ.. لكنها ليست على قدرٍ من المسئولية- ربما- أو الشجاعة في أن تحدد موقفاً وطنياً تجاه ذلك..
^ وهذا ما لاتزال تثبته الآلة الدعائىة الإعلامية لأصحاب المشروع المشترك حتى اللحظة في تعاملها مع احداث الفتنة وعناصرها الإرهابية في اجزاء من مناطق صعدة..
ففي الوقت الذي يتأكد للجميع خطورة مايحدث على المستوى الثقافي قبل السياسي، باعتبار أن مايحدث هو نتاج تفكير ونتاج ثقافة- تصر هذه الأحزاب على تجاهل الأمر، والاستغراق في ذات الوقت في خطاب يتساوق أو يتوازى مع الأفكار ذاتها التي تحمل السلاح في مواجهة الدولة والأبرياء.
^ ولاتجد هذه الأحزاب حرجاً في تبرير ثقافة »العنف« بالتمنطق على مصطلحات ومفاهيم فارغة ولا معنى لها!!
^ وختام هذه العجالة.. لابد من القول احتمالاً: مثلما تتكئ هذه الأحزاب على اتهامات السلطة تبني ثقافة الإقصاء والكراهية والعنف.. هي مطالبة بتقديم نفسها كأنموذج لثقافة الحوار والتسامح وثقافة الديمقراطية التي تقتضي التعددية البناءة والاختلاف الموضوعي في إطار من المسئولية الوطنية..
وتصبحون على وطن هو همنا المشترك.