محمد انعم -
جاء التقرير النهائي لفريق بناء اسس الجيش والامن والمقدم للجلسة الختامية لمؤتمر الحوار بمضامين تستحق التوقف امامها بجدية لخطورتها على مستقبل اليمن والاجيال ..
فالتقرير يتكون من 31 صفحة هي : المقدمة والاهداف ،وقرارات الفريق للجلسة العامة الختامية والتي شملت على :
اولا: الموجهات الدستورية .
ثانيا: المحددات القانونية .
ثالثا: قرارات تنفيذية لمعالجات انية.
رابعا: التوصيات:,, و 5 ملاحق .
وتضمن التقرير 19 قرارا اعتبرها مبادئ دستورية ، وكان لابد من التوقف حول ابرزها وباختصار ، ان وضع هذه المبادئ وبهذا العدد الخيالي يبعث على الاستغراب ، وعند التأمل في التفاصيل نكتشف العجب العجاب ..
ففي المقترح (1) جاء :(القوات المسلحة ملك الشعب ، مهمتها حماية البلاد ، والحفاظ على امنها ، ووحدة وسلامة اراضيها .. الى..... يحظر على اي فرد او هيئة او حزب او تنظيم او قبيلة انشاء اي تشكيلات او فرق او تنظيمات عسكرية او شبه عسكرية تحت اي مسمى .).
لكن الفاجعة هو اننا نجد في المقترح(2) النص التالي (يتم التمثيل في القوات المسلحة والامن والمخابرات في المرحلة التأسيسية 50 % شمال و 50% جنوب ، على مستوى المراتب القيادية ... ما عدا ذلك 50% سكان و50% جغرافيا ) .
هذه النثرة اليمن ليس بحاجتها الا اذا كان هناك توجه لتكرار تجربة جنوب السودان ..ففي مضامين المقترحين نلاحظ تعارض فج ، وتناقض واضح للمفهوم المتعارف عليه في العالم للجيش الوطني ، فهذه المناصفة كارثة للمستقبل وتمزيق الولاء الوطني في وعي ووجدان اجيال الغد بشكل ممنهج من خلال التقديس الواضح للانتماء الشطري على الانتماء الوطني.. وعندما نرفض هنا تكريس الولاء الشطري في الجيش والامن والمخابرات فهذا لا يعني معارضتنا لعودة اهلنا من ابناء المحافظات الجنوبية المسرحين من الجيش والامن والمخابرات والقطاع المدني لاعمالهم وتعويضهم ورد الاعتبار لهم .. انما لايجب التسييس الشطري للجيش اليمني ..
ومن الاشياء المضحكة والمبكية في التقرير وهي كثيرة جدا ومن ذلك مقترح (9) في المبادئ الدستورية الذي يطالب بنص دستوري لتحييد الجيش والامن والمخابرات عن اي عمل سياسي ويحضر عليهم المشاركة في الانتخابات . الخ .
ومهما بدا المقترح جذابا ويدغدغ العواطف للمتعصبين لاحزابهم اكثر من اليمن ، الا ان الحزبية والمشاركة في الانتخابات ليست بخطورة الشرعنة لبناء جيش وامن ومخابرات على اسس شطرية و مناطقية ، ونعتقد ان الاحزاب والتنظيمات السياسية ان لم تكن جميعها فمعظمها لا يمكن ان يكون فهمها لبناء جيش وطني هو بهذه الاسس الكارثية.. والمصيبة هو ان التقرير اواعضاء بالفريق يطالبون بنص دستوري يؤكد على شطرية الجيش ..وهذا يخالف الاهداف العامة لعمل الفريق والتي تؤكد في الهدف الاول على ( اسس بناء جيش وطني مهني )..
والمثير للسخرية هو تجريم الحزبية على منتسبي الجيش والامن وبالمقابل المطالبة بسن نص دستوري يقدس الانتماء الشطري على الانتماء الوطني..
طبعا التقرير لم يضع اية اسس او معايير تكون بمثابة منطلقات او قواعد او اسس كما هو مطلوب من الفريق لبناء جيش وطني ، ولكننا نجد انفسنا امام محاولة اعادة الشرعنة للقوى الجهوية في الشمال والجنوب للتحكم في الجيش والامن والمخابرات على المستويات القيادية والمعيار السكاني والمعيار الجغرافي .. وللحديث بقية.