إقبال علي عبدالله -
بعد أيام قلائل وتحديداً في الثلاثين من نوفمبر يحتفل شعبنا اليمني في الداخل والخارج بالذكرى السادسة والأربعين لجلاء المستعمر البريطاني من جزء غالٍ في وطننا.
من المحافظات الجنوبية والشرقية بعد أكثر من مائة وتسعة وثلاثون عاماً من الاحتلال وبعد عدة سنوات من الكفاح المسلح الذي خاضه شعبنا ضد هذا المحتل الذي كان يعرف بـ«الامبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس».. محتل جبار يمتلك من السلاح والعتاد والاموال المنهوبة من الدول التي كان يحتلها قبل غزوه عدن في العام 1839م عبر اكذوبة استعمارية عرفت بـ«داريادولت» وهي أكذوبة ان سكان عدن وأغلبهم من الصيادين الفقراء الذين لا يملكون السلاح سوى السكاكين والحجارة والعصيّ قاموا بسرقة الباخرة البريطانية التي يقودها القبطان هنس والقادمة من الهند لاحتلال عدن لموقعها الاستراتيجي المهم في المحيط الهندي الذي يربط الشرق بالغرب.. هذه الأكذوبة الاستعمارية البريطانية كانت بداية الاحتلال الذي قوبل حينها من سكان عدن وبعض المحميات المجاورة بمقاومة أذهلت جنود القبطان هنس الذي نتيجة تفوقهم في السلاح والعتاد تمكنوا من احتلال عدن في التاسع عشر من يناير عام 1839م.
هذه القصة التي بكل تأكيد يعرفها الجميع من أبناء شعبنا عبر تناقلها التاريخي بواسطة الاجداد وكذلك كتب التاريخ القليلة -بكل أسف- مع وجودها وكثرتها في خزانة الوثائق المعلوماتية البريطانية في العاصمة لندن، وبعض عواصم الدول الغربية.. أقول هذه القصة رغم أهميتها التاريخية ليس الغرض في تفاصيلها هو ما دفعني للكتابة اليوم عن ذكرى استقلال جنوب الوطن.. بل واعتقد أن ذلك يهم الكثيرين من المهتمين بجنوب الوطن الحبيب، الكتابة والحديث في مضمون سؤال: «ماذا قدم الرفاق الذين حكموا الجنوب منذ الاستقلال وحتى تحققت الوحدة المباركة في مايو 1990م، فترة ثلاثة وعشرين عاماً منذ يوم الاستقلال في الثلاثين من نوفمبر 1967م حتى الثاني والعشرين من مايو 1990م؟! ماذا انجزوا في هذا الجزء من الوطن؟!
الحقيقة التي لا يمكن نكرانها أو نسيان وقائع ما شهدته المحافظات الجنوبية والشرقية.. أقول الحقيقة لأن الكثير من هذه الوقائع عشناها ونتذكر مآسيها من قبل «الرفاق» في الحزب الاشتراكي الذين يصرخون ويبكون على ما شهدته وتشهده البلاد اليوم ويحنون على فترة حكمهم ويطالبون بعودتهم الى حكم الجنوب وكأنهم تناسوا أو يتعمدون التناسي أن شعبنا في الجنوب مازال يتذكر حكمهم وكيف كانوا يحكمون ويسيّرون البلاد.. حيث وهذا احد الشواهد بأن «الرفاق» ومن خلال مواسم دورياتهم القتالية فيما بينهم البين وتصنيف الناس بأن هؤلاء «يساريون» والآخرين «يمينيون» وكانت الاحكام الصادرة بحق المواطنين تصدر بأحكام حزبية.. حتى ان الحديث مع يمني من الشطر الشمالي جريمة وخيانة عقوبتها الاختفاء من الحياة.. ناهيك عن تخلف في شتى مجالات الحياة الخدمية والبُنى الأساسية.. حتى أن التنقل بين المحافظات الجنوبية أمر فيه الكثير من الصعوبات نتيجة عدم وجود الطرقات الرابطة بين المحافظات الى جانب التأخر في المجال التعليمي بكل مستوياته وكانت البعثات الدراسية وأكثرها للطلاب المنتمين للحزب الاشتراكي تذهب الى البلدان الاشتراكية.. حتى جاءت الوحدة المباركة وبدأ المواطنون ينتقلون الى المحافظات الشمالية وشاهدوا الفرق والحياة الكريمة التي يعيشها اخوانهم في هذه المحافظات.. كما شاهدوا والتمسوا الانجازات التي تحققها الوحدة والتي شملت كافة المجالات حتى أن الكثيرين قالوا حينها: «الآن نحن نعيش بعدما خرجنا من الظلمات الى النور»..
لدينا الكثير من القول والحديث حول ما شهدته المحافظات الجنوبية والشرقية بعد الاستقلال المجيد وحتى تحققت الوحدة المباركة.. ولكننا نكتفي اليوم ونحن نسمع بعضاً ممن لم يعرفوا «الرفاق» وسلوكياتهم يصرخون وبدوافع وتمويل خارجي داعين إلى الانفصال وعودة «الأصنام» الهاربة خارج الوطن.