الميثاق نت - أنموذج متطور لحال المرأة العربية تمثله أمة العليم السوسوة، التي تشغل الآن منصب مساعد أمين عام الأمم المتحدة ومدير مكتب الدول العربية لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، في ظل تزايد عدد الفتيات اللاتي يتمكن من الالتحاق بالمدارس في الدول العربية. حتى أن عدد الطالبات في جامعات عربية يتجاوز عدد الطلاب بكثير لكن الثورة المرتقبة لتحسين وضع النساء في البلدان العربية مازال أمامها الكثير.
قبل أن تصل أمة العليم إلى الأمم المتحدة كانت سفيرة لليمن لدى المملكة الهولندية ثم وزيرة لحقوق الإنسان في بلادها. ومن خلال خبرتها الطويلة تدرك مصاعب السباحة ضد التيار.
والدتها ترملت بعد وفاة زوجها وتخطت عادات المجتمع اليمني التقليدي حيث امتنعت عن العودة إلى منزل أهلها بعد وفاة زوجها لما تقتضيه التقاليد اليمنية وفضلت البقاء في المدينة ليواصل أبناؤها وبناتها دراستهم في المدرسة.
فضلا عن ذلك، فلم تمانع من ابتعاث أمة العليم للدراسة خارج البلاد لكنها لاقت الكثير من الانتقادات ومعارضة أقاربها. وعندما بدأت أمة العليم بممارسة عملها كصحفية في اليمن كان موقف والدتها صعبا للغاية حيث واجهت انتقادات لاذعة من الجميع لتشجيعها أمة العليم على ذلك.
في تلك الحقبة من الزمن قبل عدة عقود، كانت هناك عقبات كثيرة أمام الفتيات اليمنيات في الالتحاق بالمدرسة حيث كان عليهن البقاء في البيت. لكن من خلال معاناة والدة أمة العليم من الجهل وعدم تمكنها من القراءة والكتابة، كانت رغبتها في تجنيب بناتها نفس مصيرها مهما كلفها ذلك.
وصلت أمة العليم إلي منصب وزيرة حقوق الإنسان في اليمن كأول امرأة تصل إلى مثل هذا المنصب المرموق في بلادها بعد أن كانت سفيرة في هولندا وهي الآن مسئولة عن مكتب الدول العربية في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي.
تقول أمة العليم أنها تستمد العزم والدوافع لمواصلة مسيرتها المهنية من حياتها وتجاربها الخاصة، مضيفة بقولها: "من خلال تجارب الحياة التي عشتها، ومما أسمعه من بنات جنسي عن أنواع المعاناة التي واجهنها في حياتهن إلى جانب ما يتمناه الناس في منطقتنا من تطوير للحياة مثل كل الشعوب في العالم من أجل حياة سعيدة".
في نهاية العام الماضي، أصدر البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة تقريرا حول التنمية البشرية في العالم العربي، حيث ركز على الأوضاع الخاصة بالنساء في العالم العربي.
وعلى الرغم من أن عدد الفتيات اللاتي يدرسن في المدارس هو آخذ في الزيادة وفي بعض الدول العربية تجاوز عدد الطالبات عدد الطلاب، إلا أن التقرير خلص إلى استمرار عنف الأسرة ضد النساء في العالم العربي وإن نسبة الأمية في أوساط النساء أكثر بكثير من الرجال وأن تعثر نمو الاقتصادات العربية هو ناتج عن عدم القدرة على أشراك النساء في العمل.
تعتقد أمة العليم أنه يجب على الدول العربية أن تتحلى بالصبر لأن إحداث تغيير إيجابي يتطلب وقتا أطول قبل أن تجنى ثماره.
ومن ناحية، يسيطر الفقر في أحيان كثيرة على الأسر مما يجعلها عاجزة عن إرسال كل الأبناء والبنات إلى المدارس، فيكون الخيار أن يتم إلحاق الذكور فقط بالمدارس، فمن ناحية أخرى تحول العادات والتقاليد دون إرسال البنات للدراسة في المدارس. لكن أمة العليم تعتقد أنه أصبح هناك تقدم ملحوظ في تحسن الأوضاع لصالح دراسة الفتيات.
تقول أمة العليم: "في الماضي كانت الفتيات في اليمن يتزوجن في سن مبكرة، ولكن الآن أصبح الوضع يتغير تدريجيا بسبب إنشغالهن بمهام أخرى غير الزواج والإنجاب، مثل الألتحاق بالمدارس".
مازال هناك بعض الحكومات العربية التي لا تتعامل بجدية مع مؤيدي الحركة النسائية في بلادها، حيث تنظر إليهم بأنهم ينفذون أجنده غربية وأنهم معادون للعرب. أمة العليم لم تنف هذا الواقع لكنها تعتقد أن على الغرب أن يواصل تقديم المساعدات للحركات النسائية في العالم العربي.
أمستردام- موقع إذاعة هولندا
❊حقوق الترجمة محفوظة لصحيفة »الميثاق«.
|