عبدالفتاح الازهري - اختتمت الأربعاء الماضي بصنعاء وبمشاركة أكثر من خمسمائة من الخبراء والحقوقيين وممثلين لمؤسسات حكومية وغير حكومية، محلية وعربية واقليمية، معنية بقضايا الطفولة في مختلف مجالاتها، فعاليات »المؤتمر الاقليمي الثاني لوقاية الاطفال من العنف والاساءة والاهمال« وناقشت فعاليات المؤتمر أكثر من سبعين ورقة عمل.
المؤتمر الذي جاء امتداداً للمؤتمر الأول الذي عقد في المملكة الأردنية الهاشمية في أكتوبر ٤٠٠٢م، حث على دعم ومناصرة مبادرات وبرامج حماية الطفولة، وتنسيق الجهود والاستفادة من التجارب الرائدة على المستوى الوطني والاقليمي والدولي.
ورغم أن المسافة الزمنية بين عمّان وصنعاء تزيد عن ثلاث سنوات إلاّ أن القضية التي حملها عنوان المؤتمر ظلت على حالها مع تقدم طفيف يسجل في خانة الايجاب هنا أو هناك.
فالقضايا الخلافية حول الموضوع داخل كل دولة أو بين دولة وأخرى من الاقليم بقيت على ماهي عليه تبحث عن اجابة أو تفسير أو إجراء وتطبيق لازمين.. ذلك ما كشفته أوراق العمل والبحوث المقدمة وكذا النقاشات والمداولات بين المؤتمرين..وتؤكد القاضية أفراح بادويلان : »إن هناك الكثير من الاجراءات التي أقرت في اليمن أو في دول الاقليم والتي تركز على أهمية حماية الطفولة من العنف والاساءة والاهمال.. لكن التطبيق شيء آخر.. وقالت: نحن مازلنا نبحث عن طرق واجراءات عملية تحمي الطفل الذي يحتاج الى خصوصية في العمل المؤسسي للتعامل مع قضاياه، خاصة الاجراءات القضائية التي يجب أن تلزم وجود محامٍ معه، توفره الدولة في كافة الاجراءات والمراحل.. كما يجب وجود نيابات ومحاكم خاصة بالاطفال والأحداث وهو أمر مازالت الحكومات تتعامل معه كمجرد فكرة لا أكثر..
^ وتتفق معها الناشطة لمياء الإرياني -مديرة البحوث في المجلس الأعلى للأمومة والطفولة في قولها: »قوانيننا وتشريعاتنا فيها الكثير من التناقض.. وأن هناك إشكالية في المفاهيم حول قضايا الطفل.. وحول الاجراءات القانونية تجاه الطفل والحدث.. هذه الاجراءات كلها غير واضحة وتحمل شكلاً من الضبابية«.
تطور إيجابي
ويبقى الخلاف قائماً في قضية شائكة وحساسة فالدكتور هاني جهشان رئيس شبكة المهنيين العرب للوقاية من العنف ضد الأطفال، وعلي صالح عبدالله وكيل وزارة الشئون الاجتماعية والعمل، يعتبران الأوضاع تحسنت كثيراً وبشكل ايجابي خلال الفترة بين موتمر عمّان وصنعاء.. فجهشان يرى: »إن العالم العربي ودول الإقليم قد شهدت تطوراً ايجابياً في هذا الموضوع.. وارتفع الوعي العام بالمشكلة بما في ذلك المؤسسات غير الحكومية ومعها الجهات الحكومية ارتفعت بتعاملها مع المشكلة بجدية ومهنية رفيعة أفضل من السنوات السابقة«.أما علي صالح عبدالله وكيل وزارة الشئون الاجتماعية والعمل فيرى أن »الواقع يقول إن هناك جملة من الخطوات الايجابية في اليمن أو دول الاقليم.. ويكفي أن مؤتمر صنعاء جاء بأفكار وخبراء ومتخصصين أفضل من مؤتمر عمّان.. التوصيات حددت الأدوار والمسئوليات للحكومات ومنظمات المجتمع المدني وبقية الأطراف ذات العلاقة.. ولكن تبقى الاجراءات التطبيقية والعملية التي من شأنها معالجة قضايا العنف والاساءة ضد الاطفال في مجتمعاتنا«.
الحماية والتشبيك
ناصية الأداء الايجابي كان لافتاً الى أن المؤتمر قد حقق بعض أهدافه والمتمثلة في الاستفادة من تجارب دول الاقليم الناجحة وذلك ما تضمنته التوصيات والقرارات لاحقاً.
الدكتور ميسون الدوري عراقية الأصل وتحمل جنسية »اسكوتلندا« وتعمل فيها ضمن برنامج للمملكة المتحدة في قطاع يضم حوالي ٠٠٧ ألف طفل حيث قدمت أفكاراً حول »استراتيجية لحماية الطفل« وقالت: »إن الخطوة العملية الأولى تبدأ بتدريب العاملين في مجالات حماية الطفولة.. وتحديد -بصورة دقيقة- ما هو العنف ضد الأطفال وما هي أشكاله وكيفية التعامل معه من جميع الأطراف«.بدوره طرح الدكتور برنار جربانه من لبنان تجربتهم في اشراك المساجد والكنائس في التوعية والتأثير على المجتمع، اضافة الى عمليات التشبيك بين المنظمات وبينها والحكومة الى جانب اعتماد آليات صحافية وإعلامية للتثقيف والتوعية عبر ايجاد صحفيين متخصصين في الموضوع.. وكذا ادخال قضايا الطفل وحقوقه ضمن المناهج الدراسية في مراحلها المبكرة.
إدانة وبراءة
وبما أن الاقليم هنا يضم الدول العربية وإيران، فإن الجامعة العربية كانت حاضرة في المؤتمر وفي الجدال والخلاف والاتفاق.. وساد شبه اجماع من المؤتمرين على أنها لاعب أساسي يغيب عن الميدان بسلبية مفرطة.. لكن الأخ محمد عبده الزغير خبير الطفولة في جامعة الدول العربية وممثل أمانتها العامة في المؤتمر كان له رأي آخر في حديثه لـ»الميثاق«.. يقول: »إن الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى أولى هذا المؤتمر كما فعل مع سابقه عناية ومتابعة خاصة تنبع من حرص جامعة الدول العربية على دعم برامج وقضايا الطفولة التي تأتي ضمن أولويات العمل العربي المشترك.. ومؤتمر صنعاء عُقد متزامناً مع جهود لجنة الطفولة العربية في جامعة الدول العربية للتصدي ومنع العنف ضد الأطفال في المنطقة العربية.. كما أن الجامعة العربية قدمت خطوات عملية في هذا الموضوع، حيث أدرج كبند دائم في جدول أعمال لجنة الطفول العربية.. كما استعرض اجتماع مجلس وزراء الخارجية العرب سبتمبر ٦٠٠٢م توصيات المؤتمرات الاقليمية لمناهضة العنف ضد الاطفال، كما أقر مجلس الجامعة أهمية تنسيق مواقف الدول العربية عند مناقشة تقرير السكرتير العام للأمم المتحدة للدراسة حول مناهضة العنف ضد الأطفال خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة«.
تعزيز العمل العربي
توصيات وقرارات المؤتمرين بدأت بمسألة إقرار التشريعات اللازمة والكفيلة بتوفير البيئة الحامية للأطفال والعمل على متابعة تنفيذها.. ونشر الوعي بهذه المشكلة وفتح قنوات مع كافة الجهات الاعلامية والصحفية وتدريبها التدريب اللازم في هذا المجال.
وأظهرت القرارات أهمية دور جامعة الدول العربية في تجاوز هذه المشكلة، حيث أقروا دعوتها الى ايلاء قضايا تهريب الأطفال والمتاجرة بهم أهمية خاصة ومعالجة أسبابها بين الدول الأعضاء.. وأكدوا أيضاً على دعوتها تعزيز العمل العربي والاقليمي المشترك في مجال حماية الاطفال والتنسيق بين الأقطار العربية تجاه قضايا الطفولة المختلفة وتوفير الامكانات اللازمة البشرية والمادية لبرنامج حماية الأطفال.
واستفادةً من بعض التجارب العربية والاقليمية والدولية اتفق المؤتمرون على ضرورة انشاء مراكز رصد وتبليغ ومتابعة لأي انتهاكات تحصل هنا أو هناك، الى جانب انشاء خط ساخن في كل دولة عربية من أجل الاهتمام بمشاكل الاطفال وتوفير الحماية لهم من العنف والاساءة والاهمال.
ويظل التحدي الأكبر قائماً بين هذه الأطراف التي صاغت هذه القرارات، وتنفيذها واحالتها الى واقع عملي.. فالجميع تحدث عن هذه المعضلة وأسهبوا في طرح مبادرات من شأنها تجاوز ذلك.. ويبقى الجميع في حالة انتظار ما بين فريق متفائل وآخر متشائم حتى مؤتمر قادم يحمل الجديد الايجابي أو يعود بنا الى نقطة البداية بذات العناوين والأهداف ثم التوصيات.
|