موقع المؤتمر نت



موقع مايو نيوز



موقع معهد الميثاق


الحديدة.. إصابة طفل بانفجار في الدريهمي - وحدة الصف الوطني.. الحصن المنيع لمواجهة المشاريع الاستعمارية - 43846 شهيداً منذ بدء العدوان على غزة - 6364 مهاجر أفريقي وصلوا اليمن في شهر - الرئيس/ علي ناصر يعزّي بوفاة النائب البرلماني الدكتور عبدالباري دغيش - تدشين خطة الانتشار الإسعافي على الطرق السريعة - النواب يجدد الثقة بالإجماع لهيئة رئاسته لفترة قادمة - صنعاء: انطلاق حملة للتبرع لمرضى الثلاسيميا - ارتفاع عدد شهداء غزة إلى 43 ألفاً و799 - مع غزة ولبنان.. مسيرة مليونية بصنعاء -
مقالات
الميثاق نت -

الأربعاء, 22-يناير-2014
محمد علي عناش -
< للإرهاب الفكري والمادي في مجتمعاتنا العربية والاسلامية تاريخ حافل بالكثير من الأحداث والوقائع كان ضحيتها علماء ومفكرون وأدباء وفلاسفة، لم تكن جريرتهم سوى أنهم أعملوا عقولهم وخالفوا الحاكم وفقهاء السلطة بآرائهم واجتهاداتهم ومواقفهم.
فمنذ البداية ارتبط الارهاب الفكري والحجر على العقول بالاستبداد الديني والارهاب السياسي ويؤصل له تاريخياً منذ أن أرغم الناس على عقد البيعة للخليفة أو الحاكم العربي بالقوة والسيوف على الرقاب، وبالتحديد منذ أول انقلاب تاريخي على مبدأ مهم وأصيل من المبادئ الاسلامية، وهو مبدأ الشورى والتشاور الذي يؤكده ويقره القرآن الكريم في أكثر من موضع قال تعالى: «والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم».
هذا الانقلاب الذي ارتكز على محدد العصبية، رسخ الوعي المتشظي والصراعي، وجزَّأ الأمة الواحدة الى عشائر وطوائف ومذاهب متناحرة، وكان انحرافاً خطيراً منذ البداية عن قيم ومبادئ الاسلام المتعلقة بشكل الدولة الاسلامية الذي يجب أن يتأسس على قيم العدل والمساواة والحرية والشورى، بمعنى أن الدولة الاسلامية باعتبارها دولة الكل وهوية الكل ضربت في العمق منذ هذا التاريخ.
كما أن الارتباط الذي حصل منذ البداية بين الحاكم كممثل للسلطة السياسية وفقهاء الحاكم بصفتهم ممثلين للسلطة الدينية أنتج علاقة براغماتية بين السلطتين بموجبها تم التوحيد بين الزمني والروحي «الدين والدنيا» بشكل مخل ومعيق للتطور، وبما يخدم فقط ديمومة هذا التحالف المصلحي، فتم توظيف الدين لتبرير مظالم الحاكم وحكمه الثيوقراطي، وأصبح معه المعارضون وكل صاحب رأي ينكل بهم ليس فقط بسبب آرائهم السياسية وولائهم ومطالبهم الاجتماعية، بل أيضاً بسبب اجتهاداتهم وأفكارهم وجعلهم من العقل الحجة الأولى في العبادة والمعاملة، وهو ما لم يقبل به الحاكم وفقيه السلطة لإدراكهم أن هذا سيهدد سلطتهم غير الشرعية وسيضع حداً لهذا الزواج الكاثوليكي القائم على المصلحة والتعصب والتطرف وتغييب الرعية عن واقعهم وحقوقهم، ولذا أصبح المنطق والفلسفة من المحرمات، ومقولة «من تفلسف تزندق» في حكم المأثور الديني في الوعي الاسلامي الذي جرى منهجته على الأخذ بظواهر الامور لا ببواطنها والتسليم بالنتيجة دون البحث عن السبب والعلة، والتعاطي مع قرارات واجتهادات الفقهاء كمسلَّمات مقدسة لا يمكن مناقشتها وإخضاعها للعقل والبحث، وما يعود بالفائدة والمصلحة للأمة كتاب تاريخي قائم حتى اليوم، عبر عن وعي اسلامي اختزل في دائرة ضيقة، وانطلاقاً من هذا التأسيس للتطرف والاستبداد، والانحراف عن قيم ومبادئ الدين السمحاء التي تدعو للتسامح والتعايش والأمن والسلام، تم التنكيل بالمعتزلة والزج بهم في السجون ومطاردتهم في كل مكان باعتبارهم مارقين وزنادقة، لأنهم قدموا العقل على النقل، وربطوا مسألة توحيد الله ومعرفته بالعقل، واعتبروا العقل الحجة الأولى التي يحتج بها الله تعالى على عباده، وأكدوا أن الانسان مخير لا مسيّر وأنه صانع أفعاله وسيحاسبه الله عز وجل على أفعاله التي قام بها بمحض إرادته، واتُّهم الحلاج بالزندقة والإلحاد بسبب آرائه فأعدم ومُثّل بجثته وإحراقها وذرها رماداً هنا وهناك.
أما حديثاً فقد تم اغتيال المفكر اللبناني هادي عامل والمصريين فرج فودة وحسين مروه، وتكفير سيد القمني والمفكر الاسلامي المجدد نصر حامد أبو زيد الذي تم التحريض عليه من قبل رجال الدين في أرقى مؤسسة دينية عربية (الازهر)، حيث تم تكفيره ومصادرة كتبه والحكم عليه بالتهجير من بلاد المسلمين، والتفريق بينه وبين زوجته، لم تكن جنايته سوى أنه باحث عن الحقيقة.. أعلى من شأن العقل والحرية وأبدع قراءة جديدة للنص المقدس تقوم على منهجية العلم والعقل، مبيناً أن الكليات في مقاصد الشريعة يجب أن تُدرك وتُفهم من خلال إدراك واستيعاب الجزئيات مطوراً بذلك رؤيتنا لمقاصد الشريعة المتضمنة المبادئ الكلية الخمسة التي حددتها المدرسة الشاطبية في «الحفاظ على النفس والعرض والدين والعقل والمال»، بإعادة صياغتها وصهرها في ثلاثة مبادئ كلية هي: «العقل والحرية والعدل» باعتبار أن العقل والعلم هو نقيض الجهل والحرية نقيض العبودية والاستبداد والعدالة والمساواة نقيض الحيف والجور، كمفهوم معاصر لمقاصد الشريعة، يستوعب المتغيرات الحياتية ويؤسس لمجتمع السلم والتعايش المشترك، والعلم والديمقراطية والتداول السلمي للسلطة، لا مجتمع التعصب والتطرف والارهاب والهويات المتناحرة.
هذه الكليات الثلاث تمثل جوهر الدين وجوهر فطرة الله التي فطر الناس عليها، لذا حرم الظلم والاعتداء والقتل، ونبذ الجهل وعدم التعقل، وأكد على السلم والمساواة والحرية والعلم والتنمية..
من هنا فالشخص الذي يحمل وعي التنمية وثقافة التسامح ويؤمن بالتعايش المشترك، لا يمكن أن يكون متطرفاً أو ارهابياً، لأن التطرف والارهاب من سمات الوعي الاقصائي غير الحامل لوعي التنمية.
في بلادنا بدأ التطرف والارهاب الفكري في مطلع الثمانينيات بتكفير اثنين من أهم رموز تيار الحرية والتنوير هما د/ عبدالعزيز المقالح والدكتور حمود العودي واشتدت الهجمة على رموز هذا التيار بالاحتساب والمحاكمة، الأمر الذي جعله ينزوي ويستكين ليتحرك بخطى حثيثة وينمو تيار التكفير والتطرف وخاصة في المؤسسات التعليمية، وها نحن نشهد اليوم أعمالاً انتحارية، جذرها الرئيسي تطرف ديني ووعي إقصائي مأزوم، فالارهاب والتفجيرات الانتحارية هي الابن الرسمي للتطرف وثقافة الاقصاء والتكفير التي صار من ضحاياها شباب في عمر الزهور، سيطر عليهم وهم الشهادة، ليكون منتهى أحلامهم، وتطلعاتهم أن يتطايروا الى أشلاء، من أجل لا شيء سوى تنفيذ فكرة ضيقة وقناعات مأزومة ملتبسة بالدين.. إنه العقل عندما يؤسر والروح عندما تتشوه والهدف السامي عندما يُنتقد ويغيب وعي الحياة والتنمية فيتحول الدين الى ظاهرة عدمية مدمرة بجدلية مقدسة.
أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "مقالات"

عناوين أخرى

الافتتاحية
حوارات
جريمة الرئاسة
مقالات
في زيارتي للوطن.. انطباعات عن صمود واصطفاف ملحمي
اياد فاضل*

هم ونحن ..!!
د. عبد الوهاب الروحاني

اليمن يُغيّر مفهوم القوة
أحمد الزبيري

مسلمون قبل نزول القرآن الكريم.. فقه أهل اليمن القديم
الباحث/ عبدالله محسن

الأقلام الحُرة تنقل أوجاع الناس
عبدالسلام الدباء *

30 نوفمبر عيد الاستقلال المجيد: معنى ومفهوم الاستقلال الحقيقي
عبدالله صالح الحاج

دماء العرب.. وديمقراطية الغرب؟!
طه العامري

ترامب – نتنياهو ما المتوقَّع من هذه العلاقة؟!
ليلى نقولا*

أين هو الغرب من الأطفال الفلسطينيين السجناء وهو يتشدَّق دوماً بحقّ الطفل؟
بثينة شعبان*

صراع النملة مع الإنسان ولا توجد فرص أخرى للانتصار!!
د. أيوب الحمادي

دغيش.. البرلماني الذي انتصر للوحدة حتى المَنِـيـَّة
خالد قيرمان

جميع حقوق النشر محفوظة 2006-2024 لـ(الميثاق نت)