د. عبدالعزيز المقالح -
لا أدري لماذا تعتريني حالة من التشاؤم والقلق تجاه كل اجتماع يتم عقده في شرم الشيخ سواء أكان ذلك الاجتماع مؤتمراً أو قمة أو ندوة، وهل تلك الحالة ناتجة عن أن هذا المكان البديع منتجع سياحي للراحة والاستجمام وليس مكاناً لتدارس هموم الأمة والبحث عن حلول حقيقية لإشكالاتها المتصاعدة وقضاياها المزمنة؟ أم لأن هذا المنتجع قريب من الكيان الصهيوني وعلى مرمى حجر من تحصيناته، وكأن تلك الاجتماعات تتم في حمايته وبموافقته ولتحقيق الأهداف التي تخدمه، ولذلك كله فإنه ليس المكان المناسب على الإطلاق للخروج بأي حلول من شأنها أن تخدم القضايا العربية الصغيرة فضلاً عن القضية التي كانت ولا تزال توصف بالمركزية.
ولا أدري كذلك - وقد سبق لي أن تساءلت عن هذا مراراً - لماذا تتجاهل الدولة المصرية القاهرة، وتسعى إلى تهميش عاصمتها الكبرى لكي تجعل من هذه القرية الصغيرة “شرم الشيخ” مكاناً تتجه إليه الأنظار وتتداول اسمه إذاعات العالم وفضائياته وصحافته؟ وهل ذلك نوع من الدعاية السياحية لهذا المكان أم أنه احتقار للقضايا التي يتم طرحها في المؤتمرات واللقاءات السياسية والاقتصادية التي تنعقد فيه وقد تكاثرت ولم تعد تعرف التوقف، ولا ننسى أن البعض يشير إلى أن هذا المنتجع أكثر أمناً من العاصمة المصرية، وهي إشارة لا صحة لما تذهب إليه، فقد تعرض هذا المنتجع لمجازر هي الأبشع في تاريخ مصر وستبقى القاهرة بملايينها أكثر أماناً من أي مكان على أرض مصر العربية.
إن المتشائمين أمثالي يرون أن الزمن الجميل للقاهرة قد انتهى، بعد أن كانت ملتقى كونياً للمؤتمرات العربية والإفريقية والآسيوية والعالمية، وأن هذا تم بعد انحدار المواقف السياسية، ولعل هذا هو الأمر الذي دفع بصانعي القرار في أرض الكنانة إلى حماية اسم القاهرة من أن تصدر باسمها أو فيها القرارات الميتة والتافهة التي يتم إصدارها في هذا الشرم السياحي، انطلاقاً من اعتقاد راسخ بأن الاجتماعات المتلاحقة في هذا المنتجع لا تخرج بشيء يستحق أن ينسب إلى مصر أو إلى عاصمتها العظيمة. ومن هنا فإن القادمين إلى شرم الشيخ يكون همهم الأول والأخير هو الفوز بإجازة سياحية والاستمتاع بالبحر ونسيان القضايا الرئيسية أو المرور بها مرور غير الكرام.
إن قمة الأربعة التي انعقدت في الأيام القليلة الماضية لم تنجح سوى في أنها اكتفت بإطلاق التأييد المطلق للسيد أبو مازن رئيس السلطة الفلسطينية التي لا وجود لها إلا على الورق من جهة، وإحكام الحصار على غزة بعد أن أصبحت رسمياً في قبضة حماس بعد أن كانت كذلك شعبياً منذ عقدين من الزمن من جهة ثانية. ورحم الله الشهداء الذين قدموا أرواحهم بسخاء نادر في سبيل تحرير فلسطين واسترجاع الحقوق المغتصبة وليس من أجل سلطة مجالس بلدية فارغة من أي معنى ومحتوى.
الخليج