|
|
|
عبده محمد الجندي- الميثاق نت - لقد حولوا صلاة الجمعة الى سياسة وحولوا السياسة الى هرجلة وعمالة.. وأفقدوا الشعوب جوهر القداسة الروحية والايمانية للتوحيد والعبادة لله وحده الى لحظات دنيوية وتآمرية تستبدل عشق الله بعشقهم المجنون للسلطة والثروة والقوةعبده محمد الجندي -
(قرانع) الإصلاح يهددون بإسقاط السماء
في الوقت الذي أعلن مؤتمر الحوار الوطني اختتام أعماله بالمصادقة على مجموعة من القرارات والتوصيات المعبرة عما توافقت عليه المكونات السياسية والحزبية المتحاورة وتنفس الشعب الصعداء لهذه المخرجات التي نقلت اليمن من مرحلة الحوار النظري الى مرحلة التطبيق العملي، على طريق بناء الدولة المدنية الحديثة دولة النظام وسيادة القانون والعدالة والمساواة بين ابناء الشعب بمختلف تكويناتهم الأسرية والعشائرية والقبلية.. وبمختلف انتماءاتهم وقناعاتهم السياسية والايديولوجية والمذهبية، المناطقية، والجهوية والطائفية في إطار دولة اتحادية تشاركية متعددة الأقاليم ومتعددة الأحزاب والتنظيمات السياسية ومتنوعة المنظمات والفعاليات الجماهيرية والحقوقية الابداعية والنقابية والمهنية والانتاجية الحاكمة والمتشاركة في السلطة بإرادة دولية ووسائل وفاقية واتفاقية ومراحل انتقالية لا مجال فيها لأغلبية تحكم وأقلية تعارض لا مجال فيها للأساليب والوسائل الانتخابية والديمقراطية والتداول السلمي للسلطة، بعد تجربة ديمقراطية وانتخابية مريرة لا نتذكر عنها سوى الأزمات والصراعات والحروب الأهلية، أكدت بما لا يدع مجالاً للشك عدم اقتناع الأحزاب الشمولية بالتداول السلمي للسلطة.. كما هو سائد في بلدان الديمقراطيات الليبرالية الناضجة والناشئة على السواء..
أعود فأقول إن مثل هذه الاعتصامات والمظاهرات والاحتفالات المهرجانية ذات الشعارات المكتوبة بلغة الإرهاب والتهديد والوعد والوعيد بالثورية المتطرفة تؤكد على عدم اقتناع بعض الأحزاب والتنظيمات الشمولية بتنفيذ مخرجات الحوار الوطني الواعدة بيمن جديد بما تفتعله من الأزمات المنتجة للصراعات والحروب المذهبية الدامية والمدمرة لما تبقى من الأمن والاستقرار والوحدة الوطنية والمؤثرة سلباً على ما لدى الحكومة من الخطط والبرامج الاقتصادية والاجتماعية الواعدة بمستقبل أفضل.
لقد شكلت هذه الاعتصامات والمظاهرات بشقيها المؤيد والمعارض للحكومة مناخات متوترة ناتجة عن ارتخاء القبضة الأمنية للدولة وانشغالها بهذه الاختلالات والاضطرابات ساعدت الإرهابيين على تنفيذ ما لديهم من المخططات الدامية والتدميرية المروعة السابقة واللاحقة التي كررت في اليمن نفس ما حدث ويحدث في مصر وليبيا ولبنان وسوريا وتونس وغيرها من البلدان العربية التي أصيبت بهذا النوع من العواصف الثورية المتطرفة والمندفعة بشهوة الطمع في السلطة والثروة الى درجة الخلط بين الأساليب التنظيمية والاساليب الفوضوية تحت شعارات جهادية تسخر الدين لصالح السياسة بأساليب جهادية شكلاً، إرهابية مضموناً، مع جوهر الدين الاسلامي الحنيف دين الحياة والحرية والحق والعدل والأمن والسلام والتقدم الاقتصادي والاجتماعي المحقق للازدهار والرقي والسعادة.
أقول ذلك وأقصد به إن انشغال القيادة السياسية في تسكين الحروب القبلية والمذهبية والحركات الانفصالية يجعل التفرغ لتطبيق المخرجات الحوارية عملية صعبة ومرتبكة لأن تنفيذ المخرجات الحوارية مسئولية جميع المكونات وفي مقدمتها الاحزاب والتنظيمات السياسية الفاعلة المتمثلة بالمؤتمر الشعبي العام وبالتجمع اليمني للاصلاح والحزب الاشتراكي وانصار الله والسلفيين.. الخ، الأمرالذي يحتم على القيادة السياسية اعطاء الأولوية لإزالة عوامل التوتر من خلال انتهاج السياسات العقلانية عبر مواقف تجعلها على مسافة متساوية من الجميع نظراً لما هي بحاجة اليه من الثقة المستمدة من سياستها العقلانية المتوازنة التي تبديها عن سوء الظن المثيرة للشك.. لأن اعتقاد طرف بأنه الأقرب الى القيادة السياسية يخلق بالطبيعة والنتيجة شبهة الاعتقادات المضادة عند غيرها من الأحزاب والتنظيمات السياسية المشاركة في مخرجات الحوار، وحتى لا يحدث مثل هذا السلوك المعيق للتطبيق لابد من اتباع سياسة اعلامية متوازنة في وسائل الاعلام الرسمية المرئية والمسموعة والمقروءة تميز الخطاب الرسمي عن الخطابات الحزبية لأن مواقف القيادة السياسية قد تتقارب مع هذا الخطاب الحزبي أو ذاك ولكنها لا ينبغي أن تتطابق على نحو يجعلها متهمة بشبهة الاقتراب من طرف والعداء لغيره من الأطراف.
أما أن تجيز لنفسها الحق في الهجوم على طرف معين الى حد الخلط بين ما هو حزبي وما هو رسمي فذلك بالتأكيد من الاخطاء الموجبة لسرعة المراجعة بدافع الحرص على حماية العملية السياسية لاسيما من خلال المواقف والتصريحات والخطابات والمصطلحات المحسوبة على رئيس الجمهورية التي يعدها موظفون رئاسيون قد يكونون متعاطفين أو منتمين الى هذا الطرف أو ذاك من الأطراف السياسية والحزبية.
صحيح أن المصلحة الوطنية تحتم على الأحزاب المشاركة في حكومة الوفاق الوطني وغير المشاركة فيها الابتعاد عن المزايدات والمناكفات الحزبية في تعاملها مع القيادة السياسية حتى لا تجد نفسها مشاركة في مواقف سياسية ودعائية تخدم المنافسين لها أكثر من خدمتها لأحزابها.. إلاّ أن الأصح من ذلك أن يظل الخطاب الاعلامي والسياسي الرسمي متزناً ومعتدلاً وموجهاً لمصلحة الوفاق والاتفاق.. لأن الاستقواء بشبح الخوف من العقوبات الدولية قد يتحول من النقيض الى النقيض بصورة تؤدي الى حدوث الازمات المنفرة الناتجة عن اعتقاد خاطئ مستوحاة من طبيعة الخطابات السياسية والاعلامية المرتجلة وغير المدروسة.. أقول ذلك واقصد به أن التطابق بين خطابات الاصلاح وقنواته ووسائله الاعلامية الحزبية المعادية لأنصار الله أو للمؤتمر الشعبي العام أو للحزب الاشتراكي أو للحراكيين أو للسلفيين وغيرهم وبين ما تنشره القنوات والصحف الحكومية يباعد بين شركاء العملية السياسية ويجعل التوافق عملية شبه مستحيلة على نحو يتضرر منه الوطن والمواطن ولا يستفيد منه سوى الاعداء لأن القيادة السياسية محسوبة على جميع الأحزاب والتنظيمات والتكوينات السياسية المعنية بتطبيق وتنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني بدون استثناء..
وطالما كانت المخرجات محسوبة على الجميع فإن من مصلحة الجميع أن يحرروا خطاباتهم ومواقفهم السياسية من الشبهات التي تجعلهم بعيدين من القيادة وتجعل خصومهم في موقف الأقرب والأكثر استفادة من القرارات والسياسات التي تتخذها القيادة السياسية الوفاقية المستندة الى دعم خارجي اقليمي ودولي كبير هدفه انجاح الجهود السياسية والاقتصادية للدولة، وصولاً الى المنافسات الانتخابية الرئاسية والبرلمانية المزمعة..
وفي هذا الاطار تستوجب المصلحة الوطنية التقريب بين المشترك وشركائه وبين المؤتمر الشعبي العام وحلفائه من جهة والتقريب في وجهات النظر بين انصار الله وبين الاخوان المسلمين والسلفيين من جهة مقابلة لأن تفاقم الروح العدائية الى حد التناقض والتضاد يؤثر سلباً على ما تقوم به القيادة السياسية من جهود وفاقية وتوفيقية، ولا يفوتنا في هذا المجال الإشارة الى أهمية اعادة تشكيل حكومة الوفاق الوطني على أساس اشراك حقيقي لانصار الله وللحراك السلمي، بقيادات لها تأثيرها على صنع القرارات المتوازنة والحريصة على وحدة اليمن وأمنه واستقراره كخطوة لابد منها لتخفيف هذا النوع من الاضطرابات الناتجة عن المظاهرات والاعتصامات المقلقة للأمن. لأن عدم إحداث تطورات محسوسة وملموسة خلال المرحلة الانتقالية الجديدة قد يجعل النجاح في تطبيق المخرجات الحوارية عملية صعبة وقد يجعل العملية الانتخابية والديمقراطية عملية شبه مستحيلة خلال السنة الواحدة المتفق عليها.
لأن تكرار المراحل الانتقالية ستكون هي الأخرى عملية مستحيلة.. الأمر الذي يحتم على الجميع مراجعة خطاباتهم ومواقفهم السياسية المتناقضة والمتضادة لأن حجم ما تحصل عليه من التأييد والدعم الاقليمي والدولي سيكون مهدداً بالضعف قد يصل حد الزوال والهروب منه الى التفكير بارتباطات وكيانات تدفعها الى اقامة الدويلات المستقلة.. لأن الآمال الديمقراطية المعلقة على التجربة اليمنية ستكون قد وصلت الى طريق مسدود في شتى مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والأمنية.. على نحو يضعف الدولة الاتحادية ويجعلها عاجزة عن إحكام سيطرتها على الاقاليم الستة ذات الحكومات والبرلمانات والمحاكم المحلية، إذا عجزت عن تنمية ما لديها من الموارد المحلية الكافية وظلت مثلها مثل المحافظات والمديريات التابعة تعتمد على دعم الحكومة الاتحادية.
أعود فأقول إن من أهم التدابير العملية التي يجب المسارعة في انجازها الشروع الفوري في مراجعة الخطابات والمواقف والعلاقات السياسية بين الأحزاب والتنظيمات السياسية المعنية بتنفيذ المخرجات الحوارية وعدم انتهاج المواقف المزدوجة من قبل قيادات وقواعد الأحزاب والتنظيمات السياسية ووقف مسرحيات تكتيكية وهزلية متعددة التسميات تارة باسم شباب الثورة وتارة باسم المرأة وتارة ثالثة باسم منظمات المجتمع المدني في سلسلة من المناورات التي لها بداية وليس لها نهاية، نظراً لما عُرفت به من قبل.. تذكرنا بتلك الأساليب والوسائل التقليدية التي تجاوزتها المتواليات الزمانية.. نعم نسمع اليوم شباب الاخوان وكهولهم رجالهم ونساءهم وخطباءهم وعلماءهم يكثرون من اعادة المشاهد الثورية الباهتة لتحقيق المكاسب المادية تحت التهديد بإعادة الحيوية والحياة للساحات البائدة.. وكأنهم يقولون لشركائهم إما أن تتخلوا عما حصلتم عليه من نصيب لشباب الثورة وإما ننصب المشانق ومحاكم التفتيش.. إما عزل انفسكم والاستسلام لما ينتظركم من الهزائم عبر سلسلة من الاقصاء والالغاء وإلاّ وقعت عليكم الواقعة وسقطت السماء فوق رؤسكم المكابرة.
وبصورة تذكرنا بما تفكر به عصافير «القرانع» التي تتحدث عنها الأساطير في قصص خرافية مسلية يقال في الأمثال: إن هناك نوعاً من العصافير التي توهم نفسها عند كل مساء أنها حاملة للسماء بلا أعمدة حتى لا تقع على الأرض بإرادة إلاهية منحتها هذه المهمة الخارقة للعادة لأنها تنام على ظهرها وتمد أرجلها الى الأعلى متخيلة أنها بمثابة أعمدة حاملة للسماوات السبع.. وعند كل صباح تطلق صيحة تحذير وانذار تقول فيها «أيها الناس ادركوا سماكم سماكم فلت ضوء الضوء ما عليَّ درك انتبهوا لما فوقكم من سماوات بلا عمد كما القرانيع جازعة».. وهكذا على مدار الليالي والأيام والأسابيع والأشهر والاعوام.. الخ.. فلا هي كفت عن التحذيرات والانذارات ولا الناس اتعظت من كثرة التحذيرات والانذارات المملة..
القصة نفسها تكررها عصافير «قرانع» الاصلاح في لعبتها مع الشعارات الثورية الطنانة برئاسة الشخصية العالمية والدولية الحاصلة على جائزة نوبل للسلام وقد لبست زي المحاربين.. ما برحت في كل يوم وفي كل مساء تكرر معزوفة الشعارات المملة.. لا حصانة لقاتل.. استعيدوا الأموال المنهوبة.. اطلقوا الثوار القتلة.. استكملوا أهداف الثورة.. الخ..
وهي غارقة حتى نخاع العظم في عملية قتل ونهب وسلب لا تنتهي حتى تستكمل الثورة أهدافها.
قيل لي: إن احد أهم القيادات الثورية تمتلك مئات الآلاف من الهكتارات والأراضي المنهوبة متناسية أنها موغلة في الاستيلاء والسطو على وظائف الناس ومناصبهم القيادية في عملية ظلم واقصاء تصل حد الغاء الآخر واستبعاده من كل الحسابات على قاعدة الشراكة في الوظائف والمواقع السياسية والمواقع القيادية والفنية الخاضعة وغير الخاضعة للشراكة السياسية والحزبية وفق مبدأ وما الأرض إلاّ لنا وحدنا ولا نرى لكم إلاّ الدخول في طاعتنا العمياء والتنفيذ لأوامرنا دون مناقشة.
وفي عُرفهم وشرعهم القتلة ثوار لا يجوز حبسهم ومساءلتهم بأي حال من الاحوال الشرعية والقانونية.. ويجب اخراجهم فوراً من المعتقلات الجنائية دون محاكمة.. والقضاة ورؤساء واعضاء النيابات إما أن يكونوا من قوى الثورة فيحكموا بإخلاء سبيل الثوار فوراً ودون مناقشة أو مرافعة قانونية.. وإما أن يكونوا من القوى المضادة للثورة فيتبعوا ما يملي عليهم شرع الله وسيادة القانون فيعرضون انفسهم لتهمة العمالة للنظام القديم.
وما يصدر عن المظاهرات والاعتصامات من سخط وغضب الساحات الفوضوية المتطاولة على الأحرار حتى يتبين لهم أن النفوس قد بلغت الحناجر وأن البطون قد أصبحت تأكل نفسها وهي لا تجد ما تأكله من اعتصاماتهم الضحلة.. وشعاراتهم الفارغة.. وتهديداتهم الغوغائية التي أصبحت تذكرنا في كل لحظة من كل وقت وحين بما اعتادت عليه عصافير القرانع مفرقين بين صدق الأولى المعبر عن حسن النية وعدم صدق الثانية المعبر عن سوء النية.. لقد آن الأوان أن نقول لإخوان اليمن المتورطين بسرقة الثورة نفس ما قاله الشعب المصري العظيم لإخوان مصر المتلبسين بسرقة الثورة..
قد يقول البعض إن هذا النوع النادر من قرانع العصافير يفتقد الى قدر مقبول ومعقول من الشجاعة والمهارة فيما أظهرت معاركهم القريبة مع انصار الله من الضعف والهشاشة التي تحولوا فيها من نسور وصقور الى عصافير وقرانع سهلة الاصطياد والسقوط بأقل قدر من القوة.
لقد حولوا صلاة الجمعة الى سياسة وحولوا السياسة الى هرجلة وعمالة.. وأفقدوا الشعوب جوهر القداسة الروحية والايمانية للتوحيد والعبادة لله وحده الى لحظات دنيوية وتآمرية تستبدل عشق الله بعشقهم المجنون للسلطة والثروة والقوة.. وجعلوا للصلاة ظاهراً إيمانياً يخفي خلفه باطناً يتنافى مع جوهر العبادات المشدودة لنيل رضا الله قولاً وفعلاً وليس مجرد كلام للخداع والدجل والكذب على الله؟!
مؤكدين بذلك انهم نوع من الصقور والنسور المتوحشة، ولكن يظاهرون ببساطة وبراءة عصافير القرانع الحاملة للأوتاد والأعمدة السماوية؟ |
|
|
|
|
|
|
|
|
تعليق |
إرسل الخبر |
إطبع الخبر |
معجب بهذا الخبر |
انشر في فيسبوك |
انشر في تويتر |
|
|
|
|