سمير النمر -
< جرت العادة في أي شعب من الشعوب التي عانت من الديكتاتورية أن تقوم بثورات ضد الاستبداد والتسلط من أجل العيش بكرامة وحرية من خلال ممارسة حقها في رسم ملامح مستقبل شعبها عن طريق الديمقراطية باعتبارها الخيار الحقيقي لترجمة إرادة وحرية الشعوب في التاريخ الحديث والمعاصر، ولهذا فقد استطاعت الكثير من دول العالم الثالث أن تنتقل من مرحلة الديكتاتورية الى المسار الديمقراطي بدرجات متفاوتة وفقاً للظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في كل بلد من هذه البلدان، واليمن تعد إحدى بلدان العالم الثالث التي استطاعت أن تخوض المسار الديمقراطي الذي اتخذته نهجاً وطريقاً للوصول الى الحكم منذ إعادة تحقيق الوحدة في مايو 1990م الى أن هب علينا ما يسمى بالربيع العربي في عام 2011م، والذي شكل مرحلة فاصلة في تاريخ اليمن المعاصر للتحول والانتقال من مرحلة الديمقراطية الى اللاديمقراطية.
ولاشك أن ما يمر به اليمن اليوم من أوضاع مأساوية وفوضى شاملة واختلالات أمنية وفساد ممنهج على كافة الأصعدة ما هو الا نتيجة حقيقية لإفرازات الربيع المشؤوم والذي كان من أهم أهدافه القضاء على التجربة الديمقراطية في اليمن واستبدالها بصيغة حكم مشوهة قائمة على التوافقات والمحاصصة الحزبية، التي لم يشهد التاريخ قديمه وحديثه أن حُكم بلد بهذه الطريقة التي يُحكم بها اليمن والتي لا تستند الى أية شرعية دينية أو سياسية أو عرفية، سوى شرعة الاخوان المفلسين، وأسيادهم من دول الغرب الذين رأوا أن الديمقراطية في اليمن ستكون خسارة كبيرة بالنسبة للاخوان وأسيادهم نظراً لعدم امتلاكهم أي رصيد شعبي أو نضالي يمكنهم من الوصول الى الحكم بطريقة ديمقراطية، وبالتالي ستبوء كل مخططاتهم بالفشل في حال تطبيق الديمقراطية، ولهذا كان تشكيل حكومة الوفاق بتلك الطريقة القائمة على التوافق والمحاصصة، إضافة الى تطويل فترة الحوار الوطني وعدم تحديد فترة زمنية لتنفيذ مخرجاته وكذا محاولة التمديد لهذه الحكومة التي ارتكبت أسوأ الجرائم والفساد في حق الشعب اليمني، ما هي الا محاولات صريحة وواضحة لدفن الديمقراطية والانقلاب عليها من أجل تمكين الاخوان وتغلغلهم في مختلف مفاصل الدولة في إطار عملية انقلاب طويل النفس يجري العمل فيه على قدم وساق وبرعاية أممية من قبل دول كبرى ترى في الاخوان القدرة على تنفيذ مشروع مايسمى بالربيع العربي الذي فشل في مصر وتونس ونجح في اليمن.. ومن هنا وأمام كل هذه الشواهد والمعطيات التي تعبر عن نفسها لتؤكد أن استمرار الحكومة الحالية التي فقدت شرعيتها يعد خيانة وطنية عظمى وتفريطاً بكل القيم والمبادئ الوطنية للشعب، ويضع الجميع سواء أكانوا أحزاباً سياسية أو اجتماعية أو منظمات مجتمع مدني أمام امتحان حقيقي لابد أن يحددوا فيه موقفاً واضحاً تجاه هذه الحكومة وما تمارسه من عبث وتدمير ممنهج لكل مكتسبات الشعب، بعيداً عن لغة النفاق والتدليس السياسي التي أصبحت فارغة من أي معنى، لأن الواقع المرير الذي يتجرعه الشعب كل يوم يحتم على الجميع اتخاذ موقف واضح، إما بالموافقة على استمرار الحكومة أو بالرفض، حتى يتضح للشعب من الذي يقف في صفه ومن يضع نفسه كعدو له، فالأمر جد خطير.. وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون..