كلمة الثورة -
لولا الديمقراطية لما أمكن لأحد أن يرفع صوته بالاحتجاج ويطالب بما يراه حقاً له، وهي الممارسة التي يكفلها الدستور وينظمها القانون.
والديمقراطية أعظم انجازات الوحدة اليمنية.. وهما على علاقة ارتباط شرطي في الوجود.. ويعد نوعاً من التعدي على الوحدة أن يعمد البعض أو يتعمد استخدام المتاح الديمقراطي في إباحة المساس بالوحدة الوطنية في حالتها السياسية وواقعها الاجتماعي.
ويندرج مثل هذا الاستخدام السيئ في إطار الخروج على الأحكام الدستورية والقانونية ناهيكم عن كونه نوعا من التجرد القيمي والسقوط الأخلاقي الذي لا يرعى فضلاً ولا يقيم وزنا لاعتبارات الوفاء والعرفان.
ووفقاً لكل الأعراف والمواثيق الحقوقية فمن غير الجائز، بل من المستهجن، أن تجرى المطالبة بالحق الخاص على حساب الحق العام.. والوحدة والديمقراطية في المقدمة.. وليس من حق أحد أو طرف بمفرده أن يخوض في موضوع الوحدة ويتناوله بمفردات تعبير ارتدادي.
ويزداد الأمر سوءاً ويفصح عن ضحالة ورداءة من يتبنونه وهم يطلقون الدعوة للارتداد إلى ماض لا حق فيه لأيًّ كان أن يطالب بحق، والتصفية مصير من يشكو ظلما.
ولا وجه للمقارنة والتفضيل بين ما مضى وواقع الحال.. حيث أن للتظلم والحصول على الانصاف أبوابه وقنواته المفتوحة على أوسع نطاق.. وباب دار الرئاسة أولها حيث تلقى كل شكوى كل التجاوب من الأخ الرئيس علي عبدالله صالح -رئيس الجمهورية- وأحدث الأدلة على ذلك توجيهاته المشددة، والتي دخلت طور التنفيذ، حول معالجة وحل مشكلة العسكريين المتقاعدين.
وأبواب السلطتين التشريعية والقضائية مفتوحة لاستقبال التظلمات وتتم متابعتها والبت فيها، والحق أن الجميع أبدى تفاعلاً وتجاوباً مشهودين.. ولم يتوقف بهم الحال عند رد الفعل الذي يكتفي بإبداء التفهم والتعبير عن التعاطف، وزد على ذلك أن الأخ الرئيس علي عبدالله صالح، ولشدة انحيازه لقضايا الحقوق والحق في التعبير عنها والمطالبة بها، كان المبادر ومن موقع صناعة القرار إلى الدعوة بل التوجيه لتخصيص مواقع تكون ساحات للحرية في العاصمة والمدن الأخرى لمن يريد الخطابة والتحدث بما يريد.
وبالنظر أيضاً إلى التعددية الصحفية القائمة نلمس حجم التجسيد الواقعي الكبير لإمكانية التعبير عن الرأي والدفاع عن الحقوق.
ونرى الجغرافيا أو الساحة اليمنية بأكملها مفتوحة أمام إمكانية بلوغ التطلعات السياسية والمشاركة في صناعة القرار والوصول إلى السلطة، وليس مجرد التعبير عن الرأي من خلال ممارسة الحق الانتخابي الحر والمباشر.. وبفضل الديمقراطية صار للمواطن شأنه ودوره في تحديد شكل التكوين السياسي ونوعية الصلاحيات وكيفية ممارستها في مختلف مؤسسات السلطة.. من أعلى مستوياتها المركزية وأشمل نطاقاتها اللامركزية ممثلة بمجالس السلطات المحلية.
وصار المواطن اليمني ممثلاً على الصعيدين المركزي والمحلي، وحاضرا بفعالية في اتخاذ القرار وإجراء التنفيذ، ونحن على موعد مع الاستكمال الديمقراطي للنموذج المحلي للمشاركة في تحمل المسئولية الوطنية سياسيا وتنمويا بالخطوة القادمة لانتخاب المحافظين ومدراء المديريات.
ومن شأن إتمام هذه الخطوة المتقدمة أن تقضي على آمال وفرص من يتمصلحون من وراء ترديد الدعاوى المناطقية والانفصالية والترويج لأفكارهم الظلامية.
ولذلك يستميتون في استغلال أجواء الديمقراطية لإيقاف مسيرتها الظافرة.. ومن صور هذا الموقف التآمري استغلال معاناة الناس.
على كل مواطن أن يحتاط من الوقوع فريسة وضحية للمستغلين الجدد المتمرغين في أوحال المفهوم التدميري "أنا ومن بعدي الطوفان".