عانس لقب مجــاني يحظى بــ»شرفــه« گثيرون
❊ في ركن خافت الإضاءة بإحدى قاعات الأفراح جلست »سوسن« وحيدة ترقب بعين حزينة مظاهر الفرح والابتهاج التي التمت حول عروسين تربعا على منصة انيقة..
فاليوم هو عُرس شقيقتها التي تصغرها بسبع سنوات وهي المرة الخامسة التي تودع شقيقةً لها ترحل مع فارس أحلامها.
توجه العروسان الى احد الفنادق الفخمة، وذهب الجميع أدراجهم وعادت سوسن إلى منزل والديها تجر قدميها وهي تندب حظها التعس..
ماجد عبدالحميد
^ يقول عبدالله مدرس اجتماعيات: إن مشكلة العنوسة ازدادت بشكل مخيف في الآونة الأخيرة، لكنه يرى أن أسبابها تعتبر مشتركة، فالجزء الأكبر منها يعود إلى بعض أولياء الأمور ممن خانوا الأمانة التي حملوها في بناتهم بمنعهن من الزواج من الأكفأ ديناً وخلقاً، بل وصل بهم الطمع والجشع إلى أن يعرض ابنته كسلعة للمساومة وتجارة للمزايدة على حد قوله.
ويضيف عبدالله: والآخر منها يرجع إلى الشباب والفتيات أنفسهم لما يتعلق بآمال وأحلام وخيالات وهمية، والبعض الآخر بحجة اكمال التعليم أو عدم وجود الشخص المناسب.
خيبة وعار
^ نجيب 28 عاماً- إب قال: قبل (5) أشهر عزمت على إكمال نصف ديني وكنت حينها معجباً بفتاة تقطن بنفس حينا، طرحت الأمر على أسرتها فأبدت موافقتها مشترطة بذلك معرفة رأي الفتاة باعتبار أنها حياتها والأمر يخصها.
ويضيف: احسست بالخيبة والعار عندما تفاجأت اليوم الثاني برفض الفتاة لي كزوج لها بحجتين الأولى مواصلتها تعليمها، أما الثانية انها لم تقتنع بي فهي لم ترى فيّ الفارس الذي كانت تنتظره طوال حياتها.!!
الطمع حوّ لها إلى سلعة
< أما (زينة. أ) 27 عاماً- تعز: فإنها تشكو من أن والدها دائماً ما يقتل فرصتها بسبب طمعه وكثرة طلباته التي حوّلتها إلى سلعة يبيع ويشتري بها..
وتواصل: عندما يأتي أحد لخطبتي يتفاجأ بوضع والدي مجموعة من الطلبات والشكليات التي من الصعب تحقيقها، حينها يشعر الشاب أنها تشكل عائقاً كبيراً بينه وبين إكمال نصف دينه فيصرف النظر تماماً عن الارتباط بي.
تقاليد تعيق الزواج
وتُحمِّل (س.ح) ذات الـ32 عاماً- إب- العادات والتقاليد مسئولية عنوستها حيث تقول: الناس ينظرون إلينا نظرة دونية بسبب مهنة والدي وانه لايحق لنا الارتباط بطبقة أخرى غير طبقتنا فهم يعتبرون أننا أسرة ناقصة أو بدون أصل!!
وتضيف: لتلك الأسباب لم يتقدم أحد لخطبتي، لهذا فلن أتزوج إلاَّ إذا جاء من هو من نفس مستوى عائلتي، متسائلة لماذا يتمسك المجتمع بهذه العادات المخالفة تماماً لما جاء به ديننا الحنيف الذي لايفرق بين الناس إلاَّ بالتقوى وليس بالأصل والفصل، وتقول هل سيأتي اليوم الذي يتخلص فيه مجتمعنا اليمني من تلك التقاليد الزائفة؟!
خوف مسبق
< سماح 28 عاماً ترفض- أي عريس يتقدم لها رغم محاولات اهلها اقناعها على الموافقة، مبررة ذلك بما واجهته اختها الأكبر من متاعب كثيرة مع زوجها كانت نهايتها الطلاق..
وتقول سماح: ما يخيفني في الزواج هو ذلك المصير الذي قد يلحق بي إذا تزوجت، فأنا الآن مرتاحة البال في منزلنا، وذلك أفضل من أن يأتي شخص ويتحكم بي ولا يحترمني وقد يتخلى عني ببساطة في يوم ما.
عُقدة الأصغر
^ ويعاني (ن.م) 35 عاماً: من عُقدة بسبب زواج أخيه الأصغر منه سناً الذي ساعدته ظروفه المالية الجيدة على ان يسبقه فهو يجد في ذلك سبباً كافياً للاعراض عن الزواج، ويقول: لقد سبب لي هذا الأمر احراجاً كبيراً أمام زملائي وكافة أقربائي.
مستدركاً: إلاَّ أن ذلك لايعني انني أحمل الحقد والكراهية لأخي، بل كنت سعيداً كل السعادة لزواجه حتى ولو كان الأمر (محرجاً) لي.
أسباب متعددة
^ الدكتور/ حمود العودي- رئىس قسم الاجتماع بجامعة صنعاء- مدير مركز دال للدراسات والأنشطة الثقافية والاجتماعية يرى أن لهذه الظاهرة أسباباً سلبية متعددة قد تؤدي تبعاتها ونتائجها إلى فتح المجال للرذيلة والفساد الأخلاقي وانتشار الانحلال والعلاقات المشبوهة وغيرها، مضيفاً: تعتبر المغالاة في المهور من أهم الأسباب التي أدت إلى تفاقم هذه المشكلة..
كما يرى رئىس قسم الاجتماع ان البعض يساهم متعمداً في عنوسته من خلال تأخر زواجه من أجل تحديد النسل منتقداً من يقومون بذلك، في الوقت نفسه على انه بإمكان من يلجأون إلى ذلك العمل على تنظيم النسل بدلاً من تأخير الزواج.
وبخصوص مشكلة عزوف الشباب والفتيات عن الزواج بغرض مواصلة التعليم يتساءل الدكتور العودي: متى كان الزواج عائقاً عن التحصيل العلمي بل اثبتت التجارب والواقع العلمي ان الزواج الموفق يعين على تفرغ الذهن وصفاء النفس وراحة الفكر وأنس الضمير، ويقول: ما جدوى الشهادة العليا للمرأة إذا بقيت عانساً وفاتها ركب الزواج، ولم تسعد في حياتها بزوج وأولاد..
موضحاً: أنه كم من امرأة فاتها قطار الزواج وذهبت نضارتها وذبلت زهرتها وتمنت بعد ذلك تمزيق شهادتها لتسمع كلمة الأمومة على لسان وليدها.
ويضيف الدكتور العودي: نحن بحاجة إلى توعية كبيرة وخطوات جادة لحل هذه المشكلة وتشخيصها داءً ودواءً بحلول عملية تطبيقية لانظرية فحسب.
دراسات وأرقــام
< تشير إحدى الدراسات إلى أن نسبة العنوسة زادت في اليمن لأسباب تتعلق بارتفاع نسبة المغالاة في المهور والبطالة، ورغبة الفتيات في مواصلة التعليم الجامعي، في حين أوضحت دراسة اعدتها جمعية يمنية تعنى بشؤون الأسرة والزواج ان نسبة الإناث اللواتي لم يتزوجن من الفئة العمرية 30-49 قد ارتفعت من 7.3٪ في الثمانينيات إلى 11٪ عام 2001م.
^ وكشفت دراسة اجراها مركز الدراسات الاجتماعية الميدانية في مصر ان »ثلث« الفتيات العرب عانسات ففي قطر والبحرين والإمارات والكويت بلغت نسبة العنوسة 35٪، بينما تنخفض النسبة إلى 25٪ في كل من اليمن والسعودية وليبيا و20٪ في السودان والصومال، 10٪ في عمان.
^ وقد اجريت دراسات في بعض الدول العربية حول الزواج المتأخر أفادت بأن 50٪ من الشباب يرون ان الشروط التعجيزية التي يضعها الأهل لتقف حجر عثرة في طريق اتمام الزواج، كما أن 40٪ من الفتيات يرين ان الشباب حريصون على الزواج مهما كانت الظروف، و65٪ من الشباب يقولون ان الفتاة تؤجل الموافقة على الزواج انتظاراً للأفضل.
|