حوار/ فيصل الحزمي -
أكد الدكتور محمود البكاري الخبير في شئون الإرهاب ان الدعوة التي يطلقها البعض للحوار مع تنظيم القاعدة الإرهابي هي بمثابة حق يراد بها باطل.. مشيراً الى أن تنظيم القاعدة لا يؤمن بالحوار وقد تأسس على فكر ضال ومنحرف ولا يؤمن إلاّ بالقتل ويقوم بتنفيذ حرب بالوكالة ضد الإسلام.. معتبراً اجتثاث الإرهاب عملية صعبة اذا لم يتعاون المجتمع الدولي مع اليمن.
وعن هذه القضايا طرحتها «الميثاق» على الدكتور محمود البكاري فإلى تفاصيل اللقاء:
بدايةً من وجهة نظركم ما الاسباب التي جعلت من اليمن مقراً لتجمع عناصر تنظيم القاعدة ؟
- نستطيع القول ان هناك العديد من الاسباب التى تضافرت ومكنت تنظيم القاعدة الارهابي من اتخاذ اليمن تحديداً وكراً لممارسة اعماله الارهابية ونشر افكاره المتطرفة ومنها ازدياد حالات الفقر قي اوساط المجتمع حيث استطاع استقطاب العديد من الشباب العاطلين عن العمل الى صفوفه، ويضاف الى ذلك تشظي النسيج الاجتماعي والسياسي بسبب الصراعات السياسية حيث ان هناك من يعمل على تأمين الايواء والحماية لعناصر هذا التنظيم الارهابي المتطرف اضافة الى حالة الانفلات الامني بشكل واضح والتى ازدادت في الآونة الاخيرة من خلال اعمال القتل والاغتيالات وتنفيذ العمليات الارهابية والانتحارية ومهاجمة المرافق والمؤسسات الامنية والعسكرية.. واذا كانت المعلومات تشير الى ان 70% من عناصر هذا التنظيم المتواجدة في اليمن هم من جنسيات اجنبية بما في ذلك الجنسيات الاوروبية فإن السؤال المهم.. هو كيف دخلت هذه العناصر الى اليمن ومتى دخلت ومن الذي سهل دخولها وأين دور الاستخبارات والاجهزة الامنية في القبض على هذه العناصر في المنافذ الرئيسية برية وجوية وبحرية.. ونعتقد انه لو كانت هناك يقظة امنية لما تمكنت هذه العناصر من التسلل الي اليمن ولحسمت المعركة امنياً وبأقل التكاليف ومن اللحظات الاولى، ثم أليس من الغريب ان يكون من بين هؤلاء افراد ومن دول تمتلك امكانات كبيرة في مجال مكافحة الارهاب ولديها اجهزة استخبارات متقدمة..
برأيكم.. هل تمتلك الدولة الامكانات اللازمة لمواجهة خطر القاعدة وهل توقيت الحرب مناسب؟
- من حيث التوقيت نعتقد ان اليمن في الوقت الراهن يمر بظروف صعبة وبالغة التعقيد تجعل من هذه الحرب تمثل عبئاً اضافياً الى الاعباء التي يعاني منها على المستويات الاقتصادية والسياسية والامنية وكلها ازمات خانقة لاتقل في مستواها وتداعياتها عن خسائر وتكاليف الحروب.. فالكهرباء وانابيب النفط لاتزال عرضة لأعمال التفجير والتخريب المستمر، وكذلك مخرجات مؤتمر الحوار الوطني لم تؤدِ الى خلق اصطفاف وطني حقيقي يمكّن من تجاوز الازمات التى تكاد ان تعصف باليمن، اضافة الى تعثر برامج التنمية بسبب عدم تقديم المنح والمساعدات الدولية لليمن، فضلاً عن ان تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني خلال الفترة القادمة تتطلب امكانات كبيرة وخاصة ما يتعلق باعتماد نظام الاقاليم.. وبالتالي لو كانت هذه الحرب هي القضية الوحيدة التى يواجهها اليمن لكان الامر ميسوراً ومقدوراً عليه .
وللرد على الشق الآخر من السؤال اعتقد ان كلفة هذه الحرب ستكون باهظة، واليمن في الظروف الحالية لا يمتلك ما يمكن ان يساعده على حسم المعركة وبشكل نهائي دون ان يكون للمجتمع الدولي ودول الجوار الاقليمي الدور الاكبر في توفير هذه الامكانات.. بل من الممكن القول ان من المفترض ان تتحمل هذه البلدان نفقات هذه الحرب في اطار حربها على الارهاب، وستتضرر مصالحها الاستراتيجية بشكل كبير لو تمكن هذا التنظيم الارهابي من ترسيخ وجوده في اليمن فالمعركة مصيرية ومشتركة تتطلب تضافر الجهود الوطنية والدولية
خسائر اليمن
كيف تقيمون الاضرار التي لحقت باليمن من الارهاب؟
- من المؤكد ان الاضرار التى لحقت باليمن تفوق التصور سواءً على صعيد اعاقة حركة الاستثمار وضرب السياحة او على صعيد اعمال القتل والتفجيرات الارهابية او على صعيد الحرب المباشرة بين الجيش وتنظيم القاعدة العام الماضي في محافظة ابين والتي أدت الى تدمير المدن الرئيسية في هذه المحافظة بشكل شبه كلي، والمحافظة صارت بحاجة الى مليارات الدولارات لإعادة الاعمار وكنا نتوقع انه قد تم حسم المعركة بشكل نهائي مع تنظم القاعدة لكننا نفاجأ اليوم بأن المعركة لاتزال في بدايتها، وفي هذا السياق نستطيع القول انه لاتوجد اي دولة تكبدت من الخسائر من هذا التنظيم بقدر اليمن حتى الولايات المتحدة التى دشن هذا التنظيم الارهابي وجوده بضرب ابراج التجارة العالمية في نيويورك لا ترقى خسائرها الى مستوى خسائر اليمن.
الخطر الحقيقي
هل هناك خيارات متاحة للتعامل مع تنظيم القاعدة على سبيل الذكر هناك دعوات تطالب بالحوار مع القاعدة ؟
- نعتقد ان الدعوة التى يطلقها البعض للحوار مع هذا التنظيم الارهابي هي بمثابة حق يراد به باطل.. الحوار كمبدا عام مقبول ومطلوب وعلى قاعدة ان يسلم هذا التنظيم سلاحه ويتخلى عن العنف، لكن هذا التنظيم المؤسس على فكر ضال ومنحرف لايؤمن بالحوار وليس له قضية يمكن ان يحاور او يتحاور حولها غير القتل والتخريب فقط.. القضية التى كان قد اعلنها عقب هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001م على الولايات المتحدة الامريكية هي تحرير بلاد العرب (الجزيرة العربية من القواعد الامريكية) وما علاقة اليمن في ذلك اذا كانت هذة قضيته، وبعدها لم نعد نسمع له عن اية قضية غير انه يقوم بحرب بالوكالة ضد الاسلام اولاً واخيراً وباسم الاسلام وهذا هو الخطر الحقيقي على الاسلام اكثر من الخطر الصهيوني.. وبالمناسبة فإن من المفارقات ان الاحتلال الاسرائيلي لم يشكل أى مفردة من خطاب هذا التنظيم ولا هدفاً من اهدافه ما يثير اكثر من سؤال واكثر من علامة استفهام حول المقاصد الحقيقية لتنظيم القاعدة وهذا ما يعقد من مهام الحلول السلمية، كما ان مهمة اجتثاثه تبدو صعبة اذا لم يتحمل المجتمع الدولي مسئولياته في دعم اليمن وعلى كافة المستويات وبدون تلكؤ او تقاعس.. اضافة الى ذلك مطلوب تكثيف حملات التوعية المجتمعية بخطر الارهاب عموماً والخطر الذي يمثله تنظيم القاعدة على امن واستقرار وتطور اليمن عبر مختلف وسائل ووسائط التوعية الاعلامية الرسمية وغير الرسمية وبخاصة تفعيل دور منظمات المجتمع المدني.. اضافة الى ضرورة نبذ العنف في الحياة السياسية وان تلجأ الاحزاب السياسية الى تمدين سلوكها وان تتخلى عن ثقافة العنف واللجوء الى القوة في حسم منازعاتها لان العنف لايؤدي الا الى مزيد من العنف، وهذه هي البيئة التى يجد تنظيم القاعدة نفسه محصناً فيها ليمارس اعماله الاجرامية بكل يسر وسهولة..