استطلاع/نجيب شجاع الدين -
تأتي الإجازة الصيفية ليودّع ملايين الطلاب استاذهم الأول في المدرسة.. ويذهب آخرون الى »استاذهم« القبيح -الشارع- الذي يعلمهم أساليب التسكع ومضايقة المارة وقد يقودهم الى أولئك اصحاب الهداية الهدامة.. وزراع الفتن.
تكثر المشاريع في خيال الطلاب لحظة بدء اجازتهم وفي كيفية قضاء أوقاتها.
في هذا الاستطلاع نغوص في رقائقهم ونبحث في تفاصيل الاجازة..
إجازة أعمال شاقة
ينبغي الاشارة إلى البدء أنه على مستوى الصغير والكبير هناك من ينظر لعطلة الصيف كمشكلة عويصة وشر لابد منه.. متمنين لو أن أيام الدراسة تستمر بلا توقف وتظل أبواب المدرسة مفتوحة أمامهم طوال العام.
فهذا الطفل اثناء الاجازة لا يعرف من أوقات الراحة والتسلية سوى النوم ولا يجيد من الألعاب التي يقوم بها من هُم في مثل سنه سوى مطالبة ركاب الحافلة بدفع الحساب، فيما ينتقل طفل من سجن المدرسة الى زنزانة فردية لمدة شهرين وهو قابع داخل دكان والده الصغير الى جواره يبيع ويشتري ويرتب البضائع.
وطفل ثالث.. يجلس في الهواء الطلق يفترش احد الأرصفة بكرتون مربع به أصناف وأشكال من العلب، وملخصاً بميكروفون عالي الصوت ما يود قوله: »عندنا سُم للفئران.. وقاتل للديدان.. وطارد لجميع الحشرات المنزلية«.
وهكذا هي الاجازة المدرسية، عندما سألت سائق الحافلة لماذا ابناؤه الصغار الثلاثة معه، أليس من حقهم اللعب والتمتع بالعطلة؟!
أجاب: أطفال هذه الأيام مصايب، جِنْ، لو تركتهم في البيت أرجع البيت وقد فعلوا مشكلة ولو سمحت لهم يخرجوا يلعبوا في الحارة، يرجعوا لي بمشكلة مع الجيران، خليهم معي أحسن، أنا مش فاضي لوجع الرأس أحسن لهم يتعبوا معي، ويعرفوا قيمة القرش »من حقي أعلَّم عيالي كيف ما أشتي«.. الحال نفسه ينطبق على الطالبات وصولاً الى الجامعة، إذ تشتكي إحداهن من الاجازة بأنها إقامة جبرية في المنزل والقيام بالكنس والطبخ فقط.
مراكز عامة ونوعية
غير أن الوضع ليس كذلك متروكاً بيد الشارع أو أن تكون الاجازة عنصر قلق للأسرة وغيرها، خاصة بعد ما قامت به الحكومة بناء على توجيهات فخامة الأخ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية والقاضية بالعمل على احتواء سلبيات الفراغ لدى الطلاب من خلال دعوتهم للالتحاق بالمراكز الصيفية التي تم تدشين نشاطها الأربعاء الماضي.
وأشار وكيل وزارة الشباب والرياضة معمر الارياني الى قيام ٠٠٧ مركز صيفي تقدم مختلف الأنشطة في كافة المجالات التدريبية والتعليمية والمسابقاتية.. الخ.
وأضاف الى جانب المراكز العامة التي تتوزع على مستوى الوطن بمعدل مركزين صيفيين في كل مديرية، تم توفير مراكز اخرى كالمراكز الكشفية والمراكز النوعية وهي تتعلق بمجالات تعليم نوعي مثل الحاسوب واللغات وكذا المراكز المهنية المخصصة للشباب الهواة وتدريبهم وتحفيزهم على اكتساب المهارات الحرة مثل النجارة والميكانيك.. وغيرها.
وعن موقع النشاط الرياضي قال وكيل الوزارة: بالتأكيد المراكز تشمل الجانب الرياضي والعلمي والاكاديمي.
كما تم في كل محافظة افتتاح مراكز رياضية نوعية تتضمن ممارسة جميع الألعاب الرياضية تحت شعار »الرياضة للجميع«.
وأكد الإرياني أن هذه المراكز ستعمل على احتضان الشباب خلال الاجازة، حيث يستوعب المركز الصيفي الواحد من ٠٠٣-٠٥٣ فرداً وستعمل المراكز على تنمية المهارات للشباب كلٌ بحسب النشاط والمجال الذي يستهويه، الى جانب حمايتهم من الاختراقات الفكرية الضارة بالوطن وبمستقبل جميع أبنائه.
لافتاً الى أنه سيتخلل برامج جميع المراكز الصيفية التي ستستوعب أكثر من ٠٥٢١ شاباً عقد محاضرات توعوية تدعو الشباب الى نبذ العنف والتعصب وترسيخ مبادئ الانتماء ومفاهيم حب الوطن في نفوسهم.
سفر
المراكز الصيفية فرصة لا تعوّض.. ولكن هل لدى الطلاب افكاراً اخرى لقضاء الاجازة؟! يرفض جمال -طالب ثانوية- فكرة الاستفادة من أوقات الاجازة بالالتحاق في احد المراكز الصيفية أو أخذ دورات قصيرة في المجالات العلمية المتاحة.
وقال الاجازة بالنسبة لي هي الذهاب الى القرية وممارسة حياتها الممتعة، منذ الصباح الباكر نخرج لزراعة الأرض، رعي الاغنام والتجول بحرية، هنا تشعر بقيمة وطعم الاجازة المدرسية والفرق بينها وبين الدراسة لتعود اليها بعد ذلك مفعماً بالنشاط والحيوية.
فأنا دائماً أقضي أيام العطلة في القرية ولا أغادرها إلاّ عند بدء الدراسة بأسبوع على الأقل.
بناء
ويحرص الشاب سامي -طالب ثانوية- على أن تخصيص الاجازة كمرحلة لبناء الجسم بعد فترة الثمانية الأشهر التي قضاها في بناء العقل وتوسيع قدراته العلمية.
يقول سامي: أنا أحب أن أخصص العطلة للانضمام لنادٍ رياضي وبالذات كمال الأجسام ولعبة الكاراتيه وقد سجلت في نادي الوحدة.. وهناك الكثير من الزملاء الذين أتمرن معهم يومياً.
تعليم
فيما يبدو على الأخ مراد تحمسه وانتظاره لبدء أيام الدراسة من جديد مشيراً الى أنه قام بشراء كتيبات تعليم انجليزية، وقال: لقد قررت الاستفادة من اخطائي السابقة وأن أجتهد كي أحصل على مجموع كبير في الصف الثالث الثانوي لا يقل عن ٥٨٪ وأنا أستعد من الآن وبدأت بتعلم اللغة الانجليزية لأني أخاف منها كثيراً، وأخاف أن أحصل فيها على درجات قليلة تؤثر على المجموع الكلي.
مراد يستغرب من نفسه قائلاً: لا أدري لماذا في أيام الإجازة أشعر بالنشاط والحيوية وبرغبة في التعلم والاستيقاظ مبكراً وفي أيام الدراسة يحصل عكس ذلك تماماً.
الكتاب.. خارج النطاق
أما عند موقع الكتاب في العطلة الصيفية وهل من جليس له؟! للأسف يبدو أن الطلاب خارج نطاق الكتاب المدرسي لا يقرأون شيئاً آخر، لو ذهبت الى دار الكتب ببيت الثقافة ستجد الرواد من فئة كبار السن وممن بلغوا سن الرشد.. ولعل هذا يعكس عزوف الشباب عن الذهاب الى المكتبات والاطلاع على العلم والعالم عن طريقها.
| 
الحگومة قررت «قطع» الوقت «بسيف» المراكز.. (٠٠٧) مركز صيفي على مستوى اليمن.. هل تستوعب طلاب المدارس؟
