محمد علي الجعاشي* - لا تختلف كثيراً ما تفعله العصابات الاجرامية في عموم اليمن عما تفعله «بوكو حرام» في نيجيريا، ذلك البلد الافريقي الذي يعد من اكبر دول افريقيا من حيث عدد السكان والتنوع الثقافي والديني والعرقي واللغوي، غير أن الجرائم التي ارتكبتها «بوكو حرام» خلال السنوات القليلة الماضية وصولاً الى سبي الفتيات وخطفهن من مدارسهن، بات يهدد العلاقات بين مسلمي نيجيريا وشــركائهم في المواطنة، وربما تفتح لحرب اهلية بينهم لا تبقيولا تذر.
لم تكن اليمن بعيدة عن مسرح احداث البوكو حرام فلها ارواحها التي تناسخت في اليمن وشقيقاتها التي تكاثرت، وجحورها التي فيها اختبأت، لكي تنفث منها سمومها وحقدها على اليمن، واليه ارسلت ابنها وحفيدها الفاتح الجهباذ «عمر» النيجيري ليقوم بتلقيح الاشجار والاحجار لكي تلد البوكو حرامات في كل مكان من اليمن، إضافة الى ما هو موجود لدينا اصلاً من بوكو حرامات، يمنية الطبع والمنشأ والجهل والتخلف وتحمل نفس الجينات والخصائص والمواصفات والموديل والطراز، ثم فجأة يغادر هذا الفاتح العظيم الى اماكن اخرى ومدن اخرى من بلاد العالم ليؤدي فيها رسالته الجهنمية وشره المستطير، ولكن ولحسن الحظ- والحمد لله- تم القاء القبض عليه على متن احدى الطائرات المتجهة الى قارة امريكا وتحت قدميه رسائل الموت والدمار، فسلم الله الناس سواء الذين كانوا معه على متن الطائرة، او الذين كان ذاهباً اليهم متأبطاً معه العذاب الأليم والشر الجسيم.
وها هم اليوم أبطال القوات المسلحة والأمن الميامين يتصدون لإرهابيي البوكو حرام في سيئون ودفنهم تحت الرمال ودحرهم على اعقابهم خاسرين وملاحقتهم أينما كانوا وحيثما ذهبوا حتى يتم تطهير اليمن من شرهم واجتثاثهم من على ترابه الطاهر والى الابد، وكما فعلوا قبل ذلك بالتصدي لأمثالهم في عزان وشبوة والمحفد وابين، فهم نفس العقلية المتخلفة ونفس الفكر الظلامي المنغلق، وإلا فما الذي جاء بكل هؤلاء الفلول والشراذم من كل حدب وصوب الى بلد موصوف بالإيمان والحكمة، كان ابناؤه في طليعة من نشر الاسلام في كل القارات، وان ما يربو على مائتي مليون مسلم في اندو نيسيا وضعفهم في الهند خير شاهد على ذلك، فمن سيئون وتريمها مدينة الصالحين الذي دعا الصديق لأهلها بأن يكثر الله فيها الصالحين ويبارك في اهلها ومائها ولا يطفيء لها نارا، وان تبقى سـيئون ومدنها وقراها حية وعامرة، حتى ان الزائر لسيئون تأخذه المهابة والجلال عندما يرى بأم عينيه اضرحة الصالحين وقبورهم، الذين عاشوا فوق ارضها الطاهرة ينشرون دعوة الاسلام ويبنون دور العلم والمساجد، حتى انه قيل لقد عاش فيها مائتا فقيه في وقت واحد، ويوجد فيها الكثير من المعالم التاريخية والدينية، وعلى سبيل المثال لا الحصر فعلى بعد 80كم يقع قبر النبي هود عليه السلام وكذلك قبر الشاعر كعب بن زهير، وقبر الصحابي الجليل عباد بن بشر الذي بنى حفيده احمد مسجد الوصل ومسجد نفيع الذي بناه احمد ابن نفيع الذي ارسله ابو بكر مع جيش المسلمين لمحاربة المرتدين، ويرقد في ثراها الطهور السيد احمد بن عيسى المها جر الذي جاء لاحقا اليها هربا بدينه.. وأخيرا فيها دار المصطفى والحبيب عمر بن حفيظ الخ... إذا، فما الذي جاء بكل هؤلاء الشراذمة الحاقدين الى سيئون؟، هل من اجل نشر الاسلام؟، وهم كما قلنا اهل الاسلام وداره ومن نشره في ارجاء المعمورة، في اندونيسيا والهند وجزر الملايو وسنغافورة وافريقيا الخ.. طواعية وتقبله الناس منهم بعد ان وجدوا فيهم الامانة والصدق والخلق وحسن السلوك، وليس بالسيف او فوهة البندقية او بالذبح والقتل والتفجير كما يفعل هؤلاء القتلة المجرمين من البوكو حرام واخواتها.
إن في نيجيريا أو لقطائهم في اليمن أو في غيرها من البلدان، وقيامهم بتفجير المساجد على رؤوس المصلين وهم يؤدون صلواتهم وعباداتهم، ويهدمون المســتشفيات على رؤوس المرضى والأطباء بطريقة بشعة و همجية يندى لها الجبين ولم يشهد لها التاريخ مثيلاً، بل ويرددون مع تفجيراتهم وقذائفهم وراجماتهم نداء «الله اكبر» جاعلين من اسم الله الأعظم مضغة في افواههم القذرة التي تـتـمضمض وتتوضأ بدماء المسلمين، ولا نجد في كل ما مر عبر التاريخ من هم على شــاكلة هؤلاء المجرمين الذين أســاؤوا الى الاسلام والمسلمين بل وللإنسانية جمعاء مما يجعل العالم المتحضر اليوم ينفر من الاسلام عندما يشاهدون بالصوت والصورة هؤلاء المجرمون وهم يرفعون راياتهم السود يحزون الرؤوس ويمضغون قلوب الضحايا واكبادهم ويطحنونها بأسنانهم، ويمارسون عقود النكاح كما يحلو لهم، ويخطفون طالبات المدارس كما حصل في نيجيريا كرهائن او كسبايا ويهددونهن بالقتل أو بيعهن جوار، وأن من شر البلية ما يضحك من جهل هؤلاء، فقد هدد رئيس عصابة البوكو «حرام!» هذه بقتل المسز تاتشر والبابا بولس الثاني، اللذين ماتا وشبعاموتا.
ولهذا فانه يتوجب اليوم على كل المسلمين وفي كل مكان إعطاء العالم الصورة الحقيقية عن جوهر الاسلام السمح، والابتعاد عن المغالطات والمزايدات والتطرف، الدخيل على الفكر الوسطي للاسلام الذي تعايش طيلة القرون التي خلت مع حضارات العالم ومعتقداتهم.
• يمني مقيم في المملكة العربية السعودية
|