محمد أنعم - يظل الحديث عن المستقبل يعني الحديث عن الحياة.. إننا أمام مناسبة 17 يوليو.. ومن جديد أمام حاجة اليمن للرئىس علي عبدالله صالح لقيادة المعركة ضد الفساد.. هذا هو همُّ الوطن.. للحفاظ على كل المكاسب التاريخية العظيمة ليمن الـ22 من مايو 1990م.
لقد فر بالأمس الكثير من تحمل مسؤولياتهم الوطنية.. وتركوا اليمن.. عندما كان الفساد السياسي يمزق شطري اليمن..
وبالأمس.. وأمام مواجهة الفساد.. فضَّلت قيادات حزبية سلامة الأرواح..
ومن جديد ها نحن أمام 17 يوليو.. واليمن أمام معركة مع الفساد.. ومن أجل بناء: »يمن جديد ومستقبل أفضل« هاهو الزعيم الوطني علي عبدالله صالح يقود المعركة ضد الفساد، وهذه هي بعض ملامح خطته..
بات مؤكداً أن الرئىس علي عبدالله صالح لايتحدث عن الفساد أحاديث عامة لمجرد التحذير أو بغرض التخدير، وإنما صار الفساد تحدياً وطنياً وشخصياً له، ولذا نجد أن لديه عزماً قوياً لاجتثاث هذا الوباء دون تراجع.. وما تعريفه الفساد وتسمية كل نوع من أنواعه إضافة إلى تهيئة المجتمع بمختلف شرائحه لاستشعار مسئولياتهم الدينية والوطنية والوقوف جنباً إلى جنب لاجتثاث هذه الظاهرة الخطيرة على مجتمعنا إلاَّ تأكيد على صحة هذا التوجه.
ولقد وضع الرئىس رؤية شاملة لمكافحة الفساد تكشف عن جهد عظيم واهتمام كبير بذله لتشخيص هذه الظاهرة إلى درجة أنه صار يتحدث عن أدق التفاصيل والتي لايدركها إلاَّ المتخصصون بدراستها أو الذين يمضون جزءاً من حياتهم في بحث الأسباب التي تولد بؤر الفساد في المجتمع..
وليس هذا فحسب بل نجد انه وبحكمته السياسية وخبرته القيادية الفذة يستنهض المجتمع ويحدد مهام كل فئة من فئات الشعب ودورهم في هذه المعركة وبأسلوب سياسي محنَّك، حيث تتصاعد لغته الهجومية يوماً بعد يوم ضد الفساد بهدف تهيئة وتعبئة جماهير الشعب وترسيخ قناعاتهم عبر خطاب تحريضي سياسي ونفسي تحذيري وتهديدي في آن واحد، وبذلك استطاع ان يخلق ايماناً وقناعات لدى الإنسان اليمني خلال فترة قصيرة بقداسة المعركة ضد الفساد، من أجل الحفاظ على مكاسبنا الوطنية.
وفي ذات الوقت نلاحظ ان توجيهاته للحكومة تزداد صرامة لاستكمال برنامج الإصلاحات الاقتصادية وتجفيف بؤر الفساد.
والشي الآخر والملفت للانتباه هو ان الرئيس استطاع ان يخرج الجهات الرقابية من حالة الخمول والجمود واستنفارها لأداء مهامها بشفافية وعلنية والانتقال بعملها الرقابي ليواكب التوجه الوطني ومتطلبات هذه المرحلة.
من يدير المعركة؟
^ وعلى اعتبار ان المعركة ضد الفساد تعد من أصعب وأخطر المعارك التي ترتجف أمامها قلوب وأقدام العديد من الزعماء والحكومات في عالم اليوم، إلاَّ أن الرئىس علي عبدالله صالح وبالمنهاج الذي يتبعه يثبت للجميع أنه يدير المعركة ضد الفساد عبر جبهات متعددة لكنها تعمل جميعاً بتناغم وتكامل من أجل انتصار الوطن على هذه الظاهرة.
ففي قراءة متواضعة لخطابه السياسي خلال الأعوام الأخيرة المنصرمة نجد أمامنا جملة من الحقائق التي تؤكد تطور وتقدم إدارة الرئىس في قيادة هذه المعركة وإحكام الحصار على بؤر الفساد أكثر وأكثر.
وتتجلى حنكته بأنه يقود المعركة وفق استراتيجية شاملة تم الإعداد والتهيئة لها وضبط تحرك جبهاتها بتوقيت متلازم يضمن تحقيق الأهداف المرجوة من خوضها، مدركاً أن أي تفكير مغامر في إدارة هذه المعركة أو خطأ بسيط سيكلف اليمن وأبناءها خسائر ستظل تدفعها أجيال المستقبل قروناً.
ولهذا نجد الرئيس علي عبدالله صالح مدركاً ومستوعباً لكل هذه المحاذير.. وما يؤكد ذلك هو صحة الرؤية العلمية التي وضع على ضوئها خطة المكافحة، ففي قراءة متواضعة لبعض خطاباته نكتشف ان هذه الخطة قد تم وضعها مبكراً، ومن ذلك أنه يسمي بعض جيوش جبهاتها غير المسلحة ويحدد مهامها، وأهمية تموضع كل قوة منها وأدوارها في عملية استئصال الفساد.
قلوب ترتجف
^ طبعاً نجده يحدد مسئوليات لكل جبهة وماهو المطلوب منها بطريقة علمية وعبقرية قيادية، ولا يريد أن تخاض المعركة ضد الفساد بالطابع الفوضوي فتخسر البلاد، وهذا ما تنبه إليه الرئىس علي عبدالله صالح، ولا اعتقد ان هناك مَن سبقه إلى ذلك.. ويحسب له أيضاً أنه استطاع ان يحدد جيوشاً غير مسلحة ويكشف لنا أنها هي فعلاً القوة الوحيدة المؤهلة دون سواها لخوض هذه المعركة نظراً لما تمتلكه من أسلحة أشد وأخطر من الأسلحة التقليدية المعروفة لدى الجيوش المتعارف عليها، وهذا ما كانت تراهن عليه معظم الزعامات في العالم وفشلت رهاناتها.
هذا لايعني أن الرئىس حصر قيادة المعركة ضد الفساد.. وإنما الطبيعة المعقدة لها اعطت قناعة لديه بأن الجبهات التي يراهن عليها هي الوحيدة القادرة على خلق وعي عام ومسؤولية وطنية لدى أبناء الشعب، وتهيئة أكبر حشد شعبي لحسم المعركة..
هذه ا لجبهات الضاربة هي القوة التي يراهن عليها فعلاً لمن يطلب نصراً..
وبصراحة هذا التجييش الفريد يجعلنا نقف مذهولين أمام عبقرية قيادية نادرة نستلهم من متاريسها وجود أشد الأسلحة فتكاً لخوض معركة شعبنا ضد الفساد، باختصار ومنها:
المساجد ضد الفساد:
انطلاقاً من الإيمان العميق بأن منابر المساجد تعد من أعظم المنابر التربوية والتوعوية والتوجيهية التي تسهم في عملية خلق جيل نافع لدينه ووطنه ومجتمعه متسلحاً بالقيم والمبادئ العظيمة لديننا الإسلامي الحنيف، فقد ركز الأخ علي عبدالله صالح رئىس الجمهورية على العلماء ودورهم الهام الذي يجب أن يقوموا به باعتبار أن منابر المساجد تعد من أهم وأقوى المنابر المؤثرة في وجدان الإنسان اليمني..
وقد خاطبهم قائلاً: »إننا مطالبون في وطننا الغالي وأكثر من أي وقت مضى إلى خوض الجهاد الأكبر المتصل بجهاد النفس، وجهاد بناء الحياة وتحقيق النهوض الحضاري لوطننا، والتصدي لكل السلبيات التي تعيق تقدم مسيرة البناء والتنمية نحو تحقيق غاياتها المنشودة، والمضي قدماً نحو إنجاز المزيد من الإصلاحات الشاملة كمنظومة واحدة ومتكاملة، وعلى مختلف الأصعدة الاقتصادية والمالية والإدارية والقضائية والقانونية وغيرها«.
ونجده في فترة لاحقة ينتقل إلى طور جديد من عملية التعبئة الشعبية لمواجهة الفساد حيث قال الرئىس: »على الخطباء التزام الحصافة وان يتبينوا ماهو الفساد وما أنواعه.. فهناك فساد مال عام.. وفيه فساد سياسي.. وفيه فساد أخلاقي.. فكلمة فساد كلمة واسعة.. عندما نتحدث عن الفساد.. هل الفساد الأخلاقي؟ أم الفساد المعرفي؟.. فالفساد متشعِّب.. تكلم عن الفساد مستنداً إلى البيانات وليس لمجرد رفع الشعارات..«.
فهنا نلاحظ ان الرئىس حدد بعض أنواع الفساد.. وفي نفس الوقت يشدد على عدم توظيف هذه الظاهرة للمزايدات، بل أن يتم التعامل معها بمصداقية وأن تكون المواجهة ضد الفساد قائمة على أدلة يستند إليها الخطيب والمرشد والذين حثهم على القيام بدورهم في إصلاح الأمة بقوله: »عوارض الدنيا تعالج وتصلح عندما توجد قلوب صادقة من الحاكم والمحكوم، من العلماء والأمراء.. فإذا صلحوا صلحت الأمة وإذا خربوا خربت الأمة..«.
ويشدد على أنه لايمكن أن نواجه الفساد بالصياح أو النياح.. أو بإطلاق الإشاعات المغرضة أو المغالطات والمعلومات غير الصحيحة.
بل لقد وضع الرئىس قواعد وأسساً لهم للانطلاق منها لمكافحة الفساد ومن ذلك:
- الالتزام بالمصداقية والتحري من صحة المعلومة.
- عدم التأثر بالأهواء، والتمسك بالحقائق.
- تقديم النصيحة الصادقة كما أمرنا الإسلام بذلك.
- حث الناس على السير في طريق الخير وتجنب طريق الشر.
- ضمان إيصال المعلومة للناس بهدوء والابتعاد عن التشنج والصياح.
- التحذير من مخاطر الفساد وتبعاته على الأسرة والمجتمع والاقتصاد الوطني.
- حث الناس على ترشيد الإنفاق.
❊ مختصر من دراسة للكاتب غير منشورة
|