علي عمر الصيعري -
(حُكِيَ أن أحمقين تصاحبا في طريق.. فقال أحدهما للآخر: تعال نتمنّ على الله، فإن الطريق تُقطع بالحديث ..فقال الأول: أنا أتمنى قطائع غنم أنتفع بلبنها وصوفها .وقال الآخر: وأنا أتمنى قطائع ذئاب أرسلها على غنمك، حتى لا تترك منها شيئاً قال: ويحك، أهذا من حق الصحبة وحرمة العشرة . فتصايحا، وتخاصما واشتدت الخصومة حتى تماسكا بالأطواق.. ثم تراضيا على أساس أن أول من يطلع عليهما يكون حكماً بينهما..فطلع عليهما شيخ بحمار عليه زِقَّانِ من عسل ..فحدثاه بحديثهما ، فنزل بالزقين وفتحهما حتى سال العسل على التراب.. ثم قال: صَبَّ الله دمي مثل هذا العسل إن لم تكونا أحمقين)..
يذكرني حال الأحمقين في هذه الطرفة بحال أحزاب اللقاء المشترك وكذا حال مكونات الحراك الجنوبي. فالأولى ، ومنذ أحداث 2011م إلى يومنا هذا وهي تضمر الضغائن لبعضها بعضاً وقلما هدأت افعالهم ومكايداتهم الداخلية وهذا منعكس بوضوح في خطابات قادتهم ووسائل إعلامهم، ومثلهم مكونات الحراك الجنوبي الذي لا يُفتأ يفرخ بين الحين والآخر مكونات جديدة ويقيم مؤتمرات مزاجية في الداخل والخارج، وآخرها مؤتمر القاهرة ولقاءات عمان وموقف بعضهم من مؤسس الحراك نفسه العميد «النوبة» الذي اتخذ هو ومجموعته مؤخراً موقفاً عقلانياً من المبادرة الخليجية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني.. هذا الحمق السياسي الذي هز صورة اليمن في المحافل الإقليمية والدولية وأعاق ،ولا يزال يعيق،مخرجات التسوية السياسية التي نتعشم فيها انتشال اليمن من الأوضاع الاقتصادية والمعيشية التي تزداد تردياً يوماً عن يوم ،لا يصب إلا في مصلحة اعداء الوطن ووحدته وسيادته.
أما الأحمق الثالث فهو يعكس حال حزب الإصلاح الذي على الرغم من أنه يمتلك حصة الأسد من بين شركائه وسعى ويسعى إلى الاستحواذ على الحكم عن طريق ممارسة الإقصاء والتفرد بأكبر حصة من الحقائب الحكومية والسلطات المحلية ، إلا أنه يصر على انعدام الأمن والاستقرار بخوض مليشياته المسلحة غمار حرب سابعة مع الحوثيين تصاحبها محاولات مستميتة لجر القوات المسلحة في حربه الشخصية وإلهائها عن مهمتها الحالية المتمثلة في تجفيف منابع الإرهاب التي استفحل خطرها في المحافظات الجنوبية، ناهيكم عن احتضانه لبؤر الفساد في حكومة الوفاق الوطني..
بل والتستر على الفاسدين من النافذين وعلى الخارجين عن النظام والقانون ودأب إعلامه على اشعال الحرائق في كل مناسبة وغيرها رافعاً عصا شعاره الأحمق القائل ( من ليس معنا فهو ضدنا ) مستعيناً بعلمائه ودعاته في تصدير الفتاوى الواحدة تلو الأخرى وآخرها فتوى الشيخ عبدالمجيد الزنداني التي اعترض بها على مشروع الدستور الجديد، في الوقت الذي تحتاج فيه اليمن إلى اصطفاف وطني مسئول يكون في مقدمته الأحزاب السياسية الكبيرة، وعلى وجه الخصوص الموقعة على نصوص المبادرة الخليجية ،غير أن الحمق السياسي الذي لم يبرح بعد عقليات قادة ذلك الحزب وشركائه هو الخطر الذي يهدد التسوية السياسية ويعرقل مسارها وفوق هذا وذاك يثور ويهيج من جراء أبسط اشارة لفعاله ومواقفه غير السوية مثلما هو الموقف الذي اتخذه من المبعوث الأممي جمال بن عمر لمجرد اشارته في تقريره الذي قدمه لمجلس الأمن الدولي نهاية الأسبوع الماضي والذي ألمح فيه إلى تورط هذا الحزب في اشعال الحروب الداخلية ولا تزال موجة الهجوم الإعلامي قائمة في وسائل إعلامه.. هذا إن دلَّ على شيء فإنما يدل على الحمق السياسي المترسخ في تلك العقليات التي تأبى أن تعرف أنها وبقية الأحزاب والمكونات السياسية والحراكية والمجتمعية في سفينة واحدة ومربوطة بمصير واحد لا أحد يعتقد أنه سيكون بمنجى عن الخطر القادم الذي يتربص باليمن .. وقانا الله شر هذا الحمق وما ينتج عنه من شرور..!!