فائز بن عمرو -
يبدو ان العرب وخاصة اليمنيين مكتوب عليهم المعاناة والنكد والحياة الضنكة ليوم الدين ، فشكوى الشاعر الجاهلي النابغة الذبياني :
كلينيِ لِـهَمٍّ يـا أُمَيْمـَةُ نَاصـبِ.. وليل أقاسيه بَطِيء الكـواكـبِ
تطاولَ حتى قلتُ: ليـس بـمنقضٍ.. وليس الذي يرعى النجوم بـآيبِ
هي حال كل مواطن في حضرموت كل طفل اشتد صراخه في ظلمة الليل ولهيب الحر، كل طالب يعاني الأمرين استعداد لاختبارات حاسمة تقرر مستقبله واتجاهه في الحياة، من كل أم تحمل هموم أسرتها وأطفالها لعدم وجود ماء وكهرباء وابسط الخدمات الضرورية ، من كل أب يبات يناجي النجوم سهراً خوفاً على نفسه وأسرته من النهب والسلب والتعدي ، من كل مارٍ بطرقنا وشوارعنا يخاف على نفسه سطوة الدرجات النارية قتلا وصدما ، من كل شيخ مريض وعاجز يعاني الأمرين إذا زار المستشفى ليكابد ألمه ومعاناته اليومية ؟!
لا يوجد شعب يعاني ويكابد منذ ان يصحو إلى ان يستلقي مغشيا عليه من النكد والتعب أكثر من مواطنينا وأهالينا في هذا البلد ـ الذي سمى زورا وبهتانا ـ اليمن السعيد ، إذا تابعت التلفاز تجد القتل والدم يعكر صباحك ويحرق دمك ويفسد مزاجك ، وإذا اطلعت على وسائل التواصل ستجد السب والشتم والتخوين وسيلة تحاور وتخاطب، وان أسعفتك رجلاك المتعبتان لبلوغ الشارع ستجد الفوضى وانعدام القانون السائد والمسيطر على حياتنا ، فصاحب الحافلة والباص يقف بشكل طبيعي واعتيادي قاطعا الشارع ليمازح صديقه أو ليطالع عمله والصفوف متراكمة من بعده تنتظر ان يفرغ الشارع لتقضي حوائجها .
لقد فقدنا كل قيمة حضارية وإنسانية وإسلامية من حياتنا وسلوكنا اليومي ، فالصوت المرتفع وسيلة تخاطبنا ، وقلة الأدب والاحترام الموضة الرائجة بين شبابنا وبعض عقالنا للأسف ، والكل يشتم الظلام وينتقد ولا يبحث عن الحل في إصلاح نفسه وتقويم سلوكه ومعاملته والقيام بعمله وواجباته الأسرية والمجتمعية والدينية ، والانكأ من كل ذلك حين تريد الإغاثة والحل من خطيب الجمعة ستجده يتحدث في كوكب آخر ويحدثك عن المسلمين في بورما وروسيا ؟! ، ويشتم أمريكا وإسرائيل ، وآخر يدعو لعلاج شعب الصين الذي يعاني من الإمراض النفسية ؟! .
الحمد لله المعروف عن شعبنا ومواطنينا بأنهم اشد الناس إيمانا وشكرا لله واستجابة لأحكامه وأقداره ، فهم يتحملون الأعباء ونكد الحياة ووطأتها بنفس وقلوب راضية مؤمنة ، لكن هذا التسيب والانفلات والمعاناة اليومية المستمرة تتطلب من المسؤلين والسلطة المحلية القيام بعملهم وواجباتهم ، على الأقل نطلب من مؤسسة الكهرباء تخبر المواطنين عن فترات الانقطاع ليستعدوا لها ، أو على اضعف الإيمان ان يكون هذا الانقطاع مبرمجاً ويصيب الناس بالتساوي ، لكنك تتفاجأ منطقة تنقطع عنها الكهرباء لعشر ساعات ، ومنطقة أخرى تنعم بالاهتمام والحظوة ، وأخرى نصيبها طفي لصي حتى يكره الناس الكهرباء ويسبونها لأنها تسببت في مآسيهم وتعطيل أجهزتهم الكهربائية والالكترونية؟!
هل من مجيب أو مغيث لهذا المواطن المطحون المسكين الذي يعاني في كل ساعة ودقيقة وحياته النكدة أم ان الشكوى لغير الله مذلة؟!