كلمة الميثاق - كان وسيبقى 17 يوليو 1978م يوماً فارقاً في تاريخ اليمن المعاصر ذلك لأنه جاء بعد احداث دامية متسارعة وعاصفة كادت ان تضع اليمن في اتون ازمات وصراعات وحروب مدمرة، لم يكن ممكناً لاحد في ظل تلك الأعاصير التي كانت تتقاذف سفينته في الربع الاخير من سبعينيات القرن الماضي..اعاصير هوجاء يصعب على أيٍّ كان التنبؤ بمدى نهايتها والنتائج المترتبة عنها..ومما زادها قتامة أن طبول الصراع والاقتتال تقرع في بلد مشطر وشعب يحاول التقاط انفاسه ويسعى لتحقيق استقراره ومواجهة احتياجات ضرورات التنمية باستحقاقاتها الاساسية..
في ذلك الوقت العصيب الذي احجم فيه أكثر السياسيين المخضرمين الطامحين الى السلطة عن تحمل مسؤولية الوطن لأنها لم تعد بعدما حصل مغنماً بل مغرماً.. وفي هذه اللحظة العصيبة حمل الزعيم علي عبدالله صالح كفنه على كفه وتحمل المهمة متحدياً الاخطار في سبيل وطنه وشعبه حاملاً معه مشروعاً حضارياً متكاملاً لايخرج فقط اليمن من المحنة التي وجد نفسه في دوامة أعاصيرها.. بل ويعيد مسارات الثورة اليمنية «26سبتمبر و14 اكتوبر» الى سياقاتها التاريخية، محققاً الأمن والاستقرار بدلالاته وأبعاده اليمنية الشاملة.
وبحكمة وشجاعة الربان الماهر تبحر الزعامة الوطنية لليمن المعاصر بسفينة الوطن في البحر المتلاطم بأمواج الأزمات الهوجاء بالتعاطي الشجاع والحازم والحكيم المغلب للغة الحوار على أزيز الرصاص وهدير المدافع التي كانت ترعد حينها بين اليمنيين سواءً على الحدود الشطرية او المناطق الوسطى، متجاوزاً بالوطن وأبنائه كل مخاطر تلك المرحلة باستيعابهم على اختلاف توجهاتهم السياسية والفكرية وألوان طيفهم السياسي في اطار وطني جامع انبثق من حواراتهم، مملئاً بذلك الفراغ السياسي القائم في الساحة الوطنية من خلال إقرار وثيقة الميثاق الوطني وقيام المؤتمر الشعبي العام في أغسطس عام 1982م كمظلة انضوت في إطارها كافة التيارات السياسية والحزبية..
وهنا بدأ التحول والانطلاق نحو آفاق جديدة لتتوالى بعد ذلك الانجازات التي تحققت بفضل عطاءات الزعيم علي عبدالله صالح وما هيأه من مناخات الاستقرار والبناء وعلى أكثر من صعيد سياسي أو ديمقراطي أو تنموي أو ثقافي شامل ليتوج ذلك بإعادة تحقيق الوحدة المباركة يوم الـ22 من مايو 1990م والدفاع عنها كأعظم إنجاز وطني تاريخي واستراتيجي تلازم مع إقرار الديمقراطية التعددية السياسية والحزبية وحرية الرأي والتعبير، مواصلاً مسيرة الانجازات رغم كل المحاولات والمساعي الهادفة الى اعاقة مضي شعبنا على طريق 17 يوليو من قبل تلك القوى الماضوية التآمرية المتطرفة بنزعاتها الارهابية والانفصالية.. وعندما وضع أمام هذا الزعيم الاستثنائي -مرة اخرى- خيار دمار وخراب وتمزيق الوطن بعد ان اوصلته تلك القوى الى حافة الكارثة فكان يجد المنقذ لليمن وفقاً لمنهجية 17 يوليو المؤسسة على ان قضايا ومشاكل اليمن لا تحل الا عبر تسوية سياسية مبنية على الحوار والتفاهم والتصالح والتسامح الذي يصون ويحفظ اليمن موحداً وديمقراطياً على تلك الاسس والمبادئ والقيم التي جسدها الزعيم قبل 36 عاماً والذي يتوجب اليوم استلهامها من كل القوى السياسية الحريصة على حاضر ومستقبل الوطن وأجياله القادمة، بذلك سيذكر التاريخ ان الزعيم علي عبدالله صالح هو صانع الوحدة ومؤسس الدولة اليمنية الديمقراطية الحديثة وباني صرحها الشامخ وأنه رجل المبادئ والمواقف الوطنية ..وهو القائد الوطني والقومي الشجاع والرائد الذي لم يكذب أو يخذل أهله وأمته، مجسِّداً دوماً في نهجه وسلوكه ورؤاه أخلاق الفارس العربي الشهم النبيل في زمن ندر فيه الفرسان وهكذا سيبقى يوم السابع عشر من يوليو يوماً خالداً ومشرقاً وضّاءً في التاريخ الوطني لليمن المعاصر.
|