إقبال علي عبدالله -
يجمع الناس في هذا الوطن المنكوب بأنه لا يوجد شعب حتى في جبال الهملايا يعذب من حكومته مثل شعبنا اليمني الذي كانت بلادنا تعرف بالسعيدة .. نعم لا يوجد شعب يُعذب مثلنا من قبل حكومة تعرف أو تسمى بالوفاق الوطني جاءت ليس بإرادة شعبية مثلما جاءت الحكومات السابقة، وأعني هنا عبر الانتخابات البرلمانية ، بل جاءت وفقاً للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية من أجل إنهاء الأزمة السياسية المفتعلة عام 2011م والتي هدفت إلى الانقلاب على الشرعية الدستورية .. حكومة الاسم أنها وفاق وطني ولكن الواقع المعيش يؤكد عكس ذلك حيث سيطرت عليها الجماعة المسلحة المعروفة بالإخوان وقبل الشعب بهذه الحكومة معتقداً أنها ستصلح الأمور كما كان كبار أعضائها يتحدثون أثناء الأزمة وقبل الانقلاب.. ولكن ونحن اليوم في العام الثالث تقريباً وأوضاع الناس والعباد من سيئ إلى أسوأ.. كل شيء تحول من جميل إلى قبيح .. انعدم الأمن والاستقرار المعيشي والسكاني وأصبح الخوف هو عنوان هذا البلد الذي عاش نحو ثلاثة عقود في أمن واستقرار وبجدية يشق طريقه نحو الازدهار الاقتصادي وتحسين معيشة الناس وخدماتهم .. واقصد الكهرباء والمياه والصحة والتعليم وتوفير الضروريات من المشتقات النفطية وغيرها .. وفوق كل هذه المصائب أصبح اليمن بدلاً من اليمن السعيدة بلد الإرهاب .. أصبح العالم كله حتى الأصدقاء قبل الأشقاء يعرفون بأن بؤر الإرهاب في بلدنا.. وصورتنا أصبحت اليوم سوداء ومخيفة بعد أن كنا في أنظار العالم وفي زمن حكم الزعيم علي عبدالله صالح من خير الشعوب التي تستقبلهم الدول.. صور كثيرة يعجز القلم عن الاسهاب بها ونحن في وضع أشبه بغابة حيوانات، القوي يأكل الضعيف.. ولكننا اليوم سنكتفي بالحديث عن الكهرباء والمياه والصحة والتعليم والدولة وتنهار الحكومة إن كنا مازلنا على اعتقاد بأن لدينا حكومة.. فالكهرباء التي وصلت بانقطاعاتها المستمرة إلى حد الجنون أصبحت مصدر تعاسة لغالبية أبناء الوطن ومصدر رزق للعصابات الاجرامية التي جاءت بعد الأزمة لتنهب كل شيء.. الكهرباء أصبحت -خاصة ونحن في هذا الشهر المبارك- نقمة على الناس كل الناس حتى الذين يملكون «الموترات» التي استوردها أحد أبرز مشائخ الإصلاح .. «الموترات» بدأ صوتها في الشوارع والبيوت يختفي لانعدام الديزل والبترول .. والمصيبة أن كل شيء مرتبط بالكهرباء حتى المستشفيات وهي طبعاً خاصة لأن المستشفيات الحكومية لا تستطيع أن توفر شيئاً للمريض.. أقول المستشفيات الخاصة رفعت الأسعار أضعافاً لأنها تعتمد على المولدات في إضاءة غرف العمليات والعناية وحتى الاستقبال .. هذا خلافاً لأزمة المياه فنحن في مدن ساحلية تكفي الحرارة الشديدة فيها للقضاء على الناس خاصة المرضى والأطفال وكبار السن.. كل شيء مخيف في السعيدة اليوم.
زد على ذلك الانفلات الأمني الذي وصل إلى خطف الأطفال واغتصابهم ثم ذبحهم وكأننا لسنا في مدينة هي كما كانت في زمن الزعيم علي عبدالله صالح عاصمة اقتصادية وتجارية.
سألني طفلي بالأمس: هل يا بابا فيه حكومة في البلد؟! قلت له: «لماذا تسأل؟!».. أجاب: فين الكهرباء، فين المياه فين التعليم ، فين العسكر، ويقصد (الشرطة)؟
أسئلة طفلي هي عنوان السعيدة اليوم فمتى يصحو الشعب ويسقط هذه الأوضاع؟! متى ستعود اليمن إلى عهدها السابق؟!!.. حتى هذا أصبح حلماً.