عبدالفتاح علي البنوس -
< التركيز على حضرموت والسعي الدؤوب لمليشيات الإرهاب والتطرف إلى نشر الرعب والقلق في أوساط ساكنيها والمتواجدين فيها وتكرار العمليات الإجرامية التي تستهدف قوات الجيش والأمن المرابطين بها ومواصلة الهجمات على المنشآت والدوائر الحكومية والبنوك والمصارف يؤكد وبما لا يدع أي مجال للشك أن هناك مؤامرة قذرة تحاك ضد هذه المحافظة الهدف منها إحكام السيطرة عليها وفرض هيمنة قوى الارهاب والإجرام وتمكينها من البسط على كل ثرواتها ومقدراتها وتسخيرها لدعم أعمالها وجرائمها البشعة في حق الوطن والشعب.
مؤامرة تشترك في رسم ملامحها ونسج خيوطها قوى سياسية ودينية وعسكرية من أجل تنفيذ مخططات أعداء الوطن وخدمة لأهداف ومصالح سياسية وحزبية وشخصية تريد تصفية حساباتها مع قوى سياسية أخرى على حساب أمن واستقرار ومصلحة الوطن والشعب.. يكذب على نفسه وعلى الله وخلقه من يريد أن يبعد خيار المؤامرة في الأحداث التي شهدتها وماتزال محافظة حضرموت، فما حصل من مذبحة بشعة بحق الجنود في حوطة شبام وما سبق عملية التنفيذ من ملاحقة وتعقب واحتجاز يؤكد أن الجنود تعرضوا لمؤامرة دفعت بهم الى يد تلكم الكلاب الآدمية المفترسة لتتم تصفيتهم بتلكم الطريقة البشعة واللاإنسانية، وهنا نتساءل أين دوريات الأمن وأين الأجهزة الاستخباراتية وأين البلاغات والاستغاثات التي أطلقت من قبل الركاب لإنقاذهم.
لماذا لم تتحرك السلطات الرسمية لإنقاذ الجنود؟ هل يُعقل أنها لم تعرف بالأمر إلا بعد ارتكاب الجريمة؟! أنا شخصياً أستبعد ذلك وخصوصاً أن المضايقات التي تعرّض لها ركاب الحافلة استمرت لعدة ساعات، وهل يعقل أن تتحرك عناصر الارهاب بكل تلكم الحرية دونما أي إجراءات رادعة وخصوصاً أن هذه العناصر تتحرك بمواكب كبيرة تخترق النقاط الأمنية والعسكرية؟!! وهل يُعقل أن تُقْدِِم هذه العناصر على محاولة اقتحام المكلا واستهداف معسكرات الأمن والقصر الجمهوري وعدد من المصارف والمنشآت الحكومية في ظل حالة الغضب والاستنكار جراء مذبحة حوطة شبام بتلكم البساطة؟!!! أين أجهزة الاستخبارات؟!! أين اليقظة الأمنية؟!! أين الجاهزية القتالية أين الأمن؟!! أين هيبة الدولة؟!!! هل يُعقل أن تظهر الدولة عاجزة عن حماية حضرموت والحفاظ على أمنها واستقرارها؟!!!
الدولة ليست ضعيفة كما قد يتخيل البعض، ولكن هناك من يسعى لإضعافها وتفكيكها وتحويلها الى بؤر ملتهبة من أجل مصالح رخيصة ومنافع حقيرة، هؤلاء هم من يرون في الحرب على القاعدة وأخواتها عبثية وغير وطنية، وهؤلاء هم من يشعلون فتيل الفتن والصراعات والأزمات في البلاد، هؤلاء هم من يدعون ويساندون سراً وعلانيةً جماعات ومليشيات العنف والإجرام والإرهاب بالفتاوى الجائرة والمواقف المشبوهة والدعم اللوجيستي المتعدد الأوجه والأشكال، هؤلاء هم من يساوون بين ما حصل في حضرموت من مذبحة بحق الجنود وما حصل من أحداث في عمران، هؤلاء من سبق لهم أن هددوا بتسليم حضرموت للقاعدة، وهؤلاء من لديهم عناصر وكوادر في صفوف عناصر القاعدة..
هؤلاء هم من أحضروا الموت الى حضرموت بمؤامراتهم ودسائسهم ومخططاتهم الإجرامية وهؤلاء هم من يقفون ضد خيارات الحسم واستهداف العناصر الارهابية والإجرامية التي تشهدها محافظة حضرموت.. ومن السخف التعاطي مع هذا الملف الخطير وتداعياته الأكثر خطورة بكل هذه اللامبالاة والسطحية وخصوصاً بعد التطور المرعب في إجرام هذه العناصر الارهابية التي تمارس سلوكيات الدواعش في سوريا والعراق.. إن مشاهد مذبحة الجنود بحضرموت تدمي القلوب وتوغر الصدور حقداً وكراهية وتسيئ الى قيم الإسلام والإنسانية وتسيئ لليمن واليمنيين.. ولم يعد هناك من مجال للتحاور معهم والدخول في مفاوضات وصفقات إرضاء لقوى سياسية متحالفة معهم ومساندة لهم من أجل جني مكاسب سياسية وتحقيق مصالح حزبية.
مذبحة حضرموت فيها من البشاعة ما يجعل الشعب اليمني قاطبة يعلن الحرب على الإرهابيين.. وبقدر بشاعتها إلا أن الأكثر شناعة فيها أولئك الذين تسابقوا على تبريرها ومساندتها والتقليل من تأثيراتها واستخدامها لتصفية حسابات خاصة وتحقيق مكاسب رخيصة من خلال مساواتها بما حصل في عمران من مواجهات مسلحة، هؤلاء شركاء للإرهابيين في جريمتهم النكراء ويجب أن يحاسبوا على ذلك.. لا نريد أن تتحول حضرموت الى شبح مخيف ومستنقع للإرهاب والإجرام، لا نريد أن يستمر مسلسل استهداف الجيش والأمن، لا نريد السماح لأصحاب الرايات السوداء بأن يسرحوا ويمرحوا ويقتلوا وينكلوا بأرواح الأبرياء من أبناء الوطن، لا نريد أن تتحول حضرموت الى مقصلة لتصفية أبناء المحافظات الشمالية من مدنيين وعسكريين بأيدي عناصر إجرامية تجردت من كل شيء يمت للإنسانية وللآدمية بأدنى صلة، لا نريد أن تكون حضرموت هي منطلق الانفصال والتشظي من خلال جرائم الفرز المناطقي.. نريد حضرموت كما هو العهد بها حاضنة للوحدة وعنواناً للشموخ والإباء، وساحة للأمن الاستقرار والسلام والوئام والمحبة والاطمئنان، نريدها خالية من رجس الارهابيين.