محمد علي الجعاشي* - في كل يوم بل في كل ساعة تفا جئنا الأحداث المتسارعة في الساحة اليمنية ، حتى مل الناس وارهقهم ملاحقتها ، وكما قالت ( ام كلثوم ) في غنا ئيتها كلما التئم جرح جد في التكرار جرح ، حتى اصابتنا الحيرة ، في ايهما نبدأ وفي ايهما نكتب و نعبر عن مشاعر الحزن والآســى والألم الذي لم يبق في قلوب الناس من فرح اوبهجـة او سرور ، فقد أصـبح اليمن كله احزان وأتــراح تـنعق فوقه الغــربان ، فإن لم يكن كله فجله ، وان لم يكن اكثره فمعظمه ، وإن لم يكن الحزن جـراء جريمة قتل فمن فاقه أو عوز أو فقر ، وإن لم يكن من فقر فمن انقطـاع الكهرباء أو الديزل أو مياه مقطـوعة أو معدومة البتة ، كما هو في معظم المدن والقرى والأرياف ، فلذلك نســمع اليوم ( انــين اليمن ) من جديد ، وهذا كله طبعا ببركة ما ســمي بالربيع العربي الذي ســاد في اليمن وفي المنطقة ! .
صدمنا بالجريمة النكراء التي حصلت في حضرموت جريمة جز الرؤوس لـ 14 جندي بطريقة بشعة يندى لها جبين الانسانية ، فلم يسبق أن حدث لها مثيلا في البشاعة والاجرام عبر التاريخ وطــوال ما مر بالبشرية خلال الدهور والعصور .
كما أن الجهات المسؤولة في وزارة الدفاع لا تعـف من المسؤولية ، كيف أنها لم توفر لمنتسبيها الحماية الكافية ، وكيف أنهم يتركون عرضة للهجوم عليهم وعلى معسكراتهم في كل مرة ، وعدم سد الثغرات التي يتوقع أن ياتي منها الخطر او الهجوم ، أو أن هناك نقص في التدريب والجاهزية لدى الأفراد وعدم تبصيرهم بالأخطار المحدقة بهم ، خصوصا عندما تكون هناك منطقة مضطربة وملتهبة وفي أي لحظة يتوقع معها ظهور المجرم البائس الحقـير الذي ضاقت به الأرض بما رحبت ويريد الخلاص من نفسه بالأنتحار أو بأي شكل والأســراع بها الى جهنم وبئس المصير .
لذلك كما قلنا فإن على المؤسسة الدفاعية واجب كبير في حماية افرادها ومنسوبيها في معسكراتهم وفي أماكن تواجدهم سواء كانوا مشــاة راجلين أو راكبين أفراد أو جماعات ، حيث من المفترض وكما هو معلوم في العلوم العسكرية البديهية أن تكون هناك أنساق دفاعية متباعدة عن المعسكرات وحولها ومحيطها وكل منها يعطي الأشارة والتحذير للأخــر عند الأحساس
بالخطر بالأضافة الى ما توفره الأسـتخبارات المختلفة التي تتعقب
هؤلاء المجرمين من معلومات عند اللحاق بأي منهم او أن تشك بأحد هم فتعطي الأشارة الى كل القطاعات العسكرية والمدنية في المنطقة لكي تأخذ الحيطة والحذر وتستعد لأي خطر مباغت ومحدق من اجل التصدي للخطر وابطال مفعوله والقضاء عليه وافشال الهدف منه وفي مهده .
ففي كل حادثة تقع نمني انفسـنا بأن تكون هي آ خر الحوادث ، ثم ما نلبث أن نسمع بوقوع حادثة اخرى بل مصيبة كبرى فمنذ كارثة ( مستشفى العرضي ) ظننا أنها آخر الكوارث ولكننا نفاجأ أنها تتـرى علينا من كل حدب وصوب اكثر حدة واكثر بشاعة وجرما وحقدا ،
ألآ أيها الليل الطويل ألا أنجل بصبح وما الأصباح منك بأ مثـل .
كما أنه من المفترض أيضا على كل عسكري أن يأخذ سلاحه معه لكي يستطيع الدفاع عن نفسه عندما يفاجئه ويداهمه الخطر ، خطر تلك العصابات الأجراميه سواء عند اخذهم للأجازات أو عند عودتهم منها ، وأن توفر لهم جهات عملهم وسائل نقل معززة بالحماية من والى اماكن عملهم خصوصا تلك المناطق المعروف عنها موبؤة بالأرهاب وترافقهم الى عواصم محافظاتهم ذهابا وعودة الى أن يتم القضاء على هذه الظاهرة والى الأبد .
ثانيا : الجريمة الأخرى التي لا تقل شناعة عن ما سبق هو ذلك النفق المظلم الذي تم اكتشافه جوار بيت الرئيس السابق بحيث يتضح أن من يصنع الجرائم في اليمن هو واحد ، وكما قيل فأن البعرة تدل على البعير ، والأثر على المؤثر ، ولا تختلف جريمة حفر النفق عن جريمة مسجد النهدين ، ولولا لطف الله الذي دل على إكتشافه لكان وقعت جريمة اخرى شنيعة تدخل البلاد في دوامة عنف جديدة تعيد بنا القهقرى الى عهـود التخلف والظـــلام ,
وهنا يتســاأل المرأ ألم يكتف بما حصل في مسجد دار الرئاسة الذي ذهب ضحية تلك الحادثة خيرة ابناء اليمن وفي مقدمتهم إبن اليمن البار الشهيد الأستاذ عبد العزيز عبد الغني الذي اسهم بعصارة فكره وخبرته بالنهوض باليمن في جميع الصعد والمستويات ، وغيره من الشهداء والجرحى الذين مازالوا يعانون حتى اليوم من جراحهم ؟ .
ألم ترتوي بعد تلك العصابات الأجرامية من دماء اليمنيين التي سفكتها بدون وجه حق وبدون وازع من دين أو ضمير ، إن في المستشفيات أو في المعسكرات أو في قارعة الطريق أو حتى في بيوت الله المحرمة ؟.
ما الذي تريده أكثر من هذا واكثر مما أحدثته من خراب ودمار وشـقاء وتعاسة لليمن واليمنيين ؟
هل اصبحت مدمنة للقتل وسفك الدم ، أما كفاها ما سفكته من دماء الأبرياء حتى تقتفي اثر الرئيس السابق بحفر نفق مظلم يوصل الى داره من اجل تنفيذ جريمة اخرى بحقه ومرافقيه ؟
لكن الله القاهـــر فوق عباده حماه من ذلك وأفشــل مخططاتهم .
مازال لدينا بريق أمل بأن يهدي الله تلكم الفئات الخارجة
وان تعود الى رشدها وعقلها وتتوب الى الله ، فإن في اليمن انظمة وقوانين ودستور مستمد من الكتاب والسنة وهو العقد الجامع لكل اليمنيين ، وقد اتاح لكل فرد يمني أن يترشح الى أي منصب رفيع من خلال الانتخاب الحر المباشر ، فلماذا اذا كل هذه المؤامرات والفتن وتخريب المصالح العامة للشعب ، وارتكاب الجرائم والمحرمات في زمن تسعى فيه الشعوب الى النهوض بنفسها والخروج من ربقة الجهل والفقر والمرض ، خاصة وأن اليمن مازال يرزح منذ مئات السنين ويقاسي مرارة ذلك الثالوث الرهيب ويحتاج الى جهود مضنية للعمل على اخراجه من كل هذه الانفاق المظلمة الى نور العلم والتقدم واللحاق بركب الحضارة والتطور ، فكلما خطى خطوات الى امام جاءت قوى الظلام لتعيده الى الخلف عنوة وقسرا وإما (حبتي أو الديك ) ، لقد اصبح اليمن لا يحتمل مزيد من الفتن أو التآمر وليس هناك طريق غير ان يصطف الجميع معا خلف قيادتهم السياسية وان يعملوا معا كفريق واحد وان تصفى النفوس والقلوب من احقادها ومكائدها والعمل من اجل اليمن أطفاله ونسائه وشيوخه ورجاله وضمان مستقبله وأن يأخذمكانته اللا ئقة به بين شعوب العالم.
• يمني مقيم في المملكة العربية السعودية
|