محمد أنعم -
الدعوة المتكررة التي يطلقها المناضل عبدربه منصور هادي -رئيس الجمهورية- لوضع ميثاق شرف لوقف الانفلات الاعلامي تجد آذاناً صاغية وتفاعلاً ممن يحرصون على تعزيز الوحدة الوطنية والسلم الاجتماعي، لكن مهما بدأت الجهود تسعى هنا أو هناك لترجمة هذا التوجه الوطني على الواقع المعيش إلاّ أنها تعجز عن التحرك خطوات إلى الأمام.
المشكلة ليست في الخطاب الاعلامي 100%، بل إن الخطر الحقيقي يكمن في الخطاب التكفيري الذي يشعل نيران العداوة والبغضاء والتعصبات المذهبية والمناطقية بين ابناء الشعب بشكل مرعب..
نعتقد أن وجود مائة أو مائتي وسيلة اعلامية لا تشكل أي خطر حقيقي لأنها لا تؤثر إلى حدٍ كبير في تشكيل وعي المواطنين اليمنيين مقارنةً بوجود أكثر من سبعين ألف مسجد تسخر أغلب منابرها وباسم الدين لخدمة أجندة حزبية، ناهيك عن المعاهد والمدارس ذات التعصب الحزبي والمذهبي.
ولعل الأخطر من ذلك هو انقسام علماء الدين في اليمن إلى ثلاثة اتجاهات أخذت توجهاً حزبياً وسياسياً أولاً، ثم بدأت تنحو وفقاً لمصالح حزبية للعب بالورقة المذهبية والطائفية والمناطقية في إطلاق خطاب متعصب ومتطرف، ثم اتجهت أخيراً إلى تجاوز كل المحظورات بإطلاق فتاوى التكفير بشكل يهدد الأمن القومي والسلم الاجتماعي.
إن الخطر الذي يهدد اليمن هو جنون انتشار دكاكين فتاوى التكفير في البلاد وعدم تجريم ومعاقبة من يستبيحون الدماء ويقطعون الطرق وينهبون أموال الشعب ويعدونها غنائم حلالاً لهم.
عجباً.. كيف يستشيط البعض غضباً من بضعة منابر إعلامية تمارس الكذب وتزييف الحقائق.. والتحريض.. ولا يستنفرون لمواجهة خطر فتاوى التكفير التي أنجبها شياطين الساحات.. فها هم يفتون بالخروج على ولي الأمر و«الجهاد» في الساحات ولا يؤمنون بتعاليم المذهب الشافعي أو الزيدي، ويحاولون استغلال الدين لتحقيق مكاسب حزبية.
وإذا لم تتشكل مؤسسة دينية من كل المذاهب لوقف فوضى الفتاوى ومحاربة العناصر التكفيرية، وتعمل وفق ميثاق شرف جامع والاستفادة من تجارب غيرنا من الدول العربية وإلزام رجال الدين ألا يمارسوا أي عمل حزبي أو سياسي ويهبوا أنفسهم لخدمة الدين ونشر تعاليمه وتجسيد قيمه في حياة الناس.. ما لم فلا جدوى من ميثاق شرف إعلامي أبداً.
خلاصة..
إن مصارحة النفس ضرورة.. والحرص على انجاح كل توجه يخدم المصلحة الوطنية واجب كل مواطن شريف.. وإذا كان من الضرورات الملحة الآن ايجاد ميثاق شرف اعلامي لترشيد الخطاب الاعلامي.. فإن من الواجب أولاً إلجام أبواق الفتنة التي تستغل خطبتي الجمعة في الساحات لتسخير الدين لمصالح حزبية وشخصية وتعبئة الآلاف من المصلين بأنهم في سبيل الله ومن جنود الله وحور العين ينتظرن الشباب منهم.. وما جريمة جمعة الكرامة إلاّ دليل على خطورة فتاوى الساحات.
كما لا يمكن الحديث عن ميثاق شرف اعلامي اذا ظلت نقابة الصحفيين مختطفة من قِبَل جماعة الاخوان.. فأصبحت قيادتها غير شرعية منذ سنوات.
لذا لابد من انتخاب قيادة جديدة توكل إليها مهمة وضع ميثاق الشرف الاعلامي بمشاركة القيادات الاعلامية من مختلف الوسائل الاعلامية.
أما اذا أوكلت المهمة إلى الأحزاب، فالأولى بها أن تضع لنفسها ميثاق شرف سياسي وتلتزم به كونها السبب الرئيس في هذه المشكلة.
|