لقاء/ فيصل الحزمي -
استنكر الشيخ موسى المعافى إمام وخطيب جامع الصالح، المذبحة البشعة التي ارتكبتها عناصر القاعدة في حوطة حضرموت بحق أربعة عشر جندياً.. مؤكداً أن تلك الأعمال الإجرامية لا تمت للإسلام بصلة..
وشدد المعافى على ضرورة استشعار العلماء والدعاة خطورة هذه الظاهرة ومحاربتها.. وقال: عليهم ألا يتركوا واجبهم المقدس ليحل مكانهم أنصاف الفقهاء والعلماء..
ودعا الشيخ المعافى الأجهزة الأمنية إلى تحمل مسؤوليتهم الوطنية والدينية في ملاحقة المجرمين وتقديمهم للعدالة وأن يكشفوا للأمة المنفذين والداعمين والممولين والمخططين لمحاولة اغتيال الزعيم الصالح.. التفاصيل في اللقاء التالي:
♢ ما موقف الشرع من الجريمة التي اقترفتها عناصر إرهابية بحق 14 جندياً ذبحاً في حضرموت؟
- بداية أشكر صحيفة «الميثاق» الغراء على إتاحة هذه الفرصة لأداء شهادتي وإبراء ذمتي أمام الملك الحق العدل المبين على حقيقة ماتشهده البلاد من ظاهرة خطيرة جداً ألا وهي ظاهرة القتل والذبح والعبث بأرواح العباد ودمائهم باسم الدين «كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذباً»..
أقول إن موقف الإسلام من تلك المذبحة البشعة، التي نفذتها عناصر القاعدة بحضرموت هو ذات موقف الشرع من كل مذبحة يرتكبها هؤلاء ويسارعون الى الإعلان عن تبنيها عبر وسائل إعلامهم لهواً وافتخاراً..إنه موقف الشرع من القتل والعبث بدماء الخلق المعصومة.. إنه ذلك الموقف الذي سيدركه كل ذي قلب سليم ونهج قويم حين يقرأ قول ربنا العظيم الرحيم عز من قائل حكيم «من أجل ذلك كتبنا على بني اسرائيل أنه من قتل نفساً بغير نفس أو فسادٍ في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً، ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً»، وقوله سبحانه وتعالى: «والذين لا يدعون مع الله إلهاً آخر، ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق»، وقوله عز ذكره:«ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ومن قتل مظلوماً فقد جعلنا لوليه سلطاناً فلا يسرف في القتل إنه كان منصوراً».. وكم من آيات في القرآن الكريم ونصوص صحيحة عن سيد الخلق وحبيب الحق صلوات الله وسلامه عليه، أعلنت أن موقف الشرع من مثل هكذا فظائع وحرمات وكبائر وموبقات هو موقف التحريم.. وهؤلاء الذين تجرأوا على القيام بهذا العمل الاجرامي الشنيع وأقدموا على ذبح الجنود في حضرموت لا ولن يمتوا الى شرعنا وشريعتنا بصلة مطلقاً، ولست أدري على أية قاعدة تستند عناصر القاعدة في ارتكاب هذه الجرائم البشعة والمروعة فقاتلهم الله أنى يؤفكون..!
بينوا للناس ولا تكتموه
♢ ما الذي يتوجب على العلماء والدعاة عامة حيال مواجهة هذه الظاهرة؟
- إن هناك واجباً مقدساً يقع على عاتق العلماء والدعاة خاصة والمسلمين عامة.. فواجبهم أن يستشعروا خطورة هذه الظاهرة وأن يتذكروا أنهم حراس الدين وحماة العقيدة على مر الأزمان، فإن هم ناموا وتقاعسوا وتخاذلوا عن أداء رسالة نبيهم صلى الله عليه وسلم وهم ورثته، احتل أماكنهم الشاغرة أنصاف الفقهاء والعلماء والدعاة فأخذوا من الدين ما وافق أهواءهم وانطلقوا يغتالون فكر شبابنا ويغسلون أدمغتهم ويصورون لهم الباطل حقاً والحق باطلاً والكذب صدقاً والصدق كذباً والأمانة خيانة والخيانة أمانة والوفاء غدراً والغدر وفاء.
واسمح لي أن أخاطب أصحاب الفضيلة:
أنتم ورثة الأنبياء والأنبياء ما ورّثوا ديناراً ولا درهماً وإنما ورثوا العلم.. أنتم من توقعون نيابة عن مالك الملك ذي الجلال والإكرام على الأرض.
أنتم المخاطبون بعد رحيل نبيكم صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحبه والتابعين «وادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة»، «ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير، ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر»، «ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين».
«لتبيننه للناس ولا تكتمونه».
فهل أنتم ساكتون؟!
وإن سكتم فبماذا ستجيبون ربكم غداً إن هو سألكم: علمتم فماذا عملتم؟
شوهت صورة دينكم فماذا عملتم؟
دمرت مكارم دينكم فماذا عملتم؟
استهدفت راية إسلامكم فماذا عملتم؟
لوثت أجواء الأفكار السليمة في عقائد أبنائكم فماذا عملتم؟
أفيقوا يا علماء الأمة ودعاتها.. أفيقوا فهذه الظاهرة بداية النهاية وإنكم والله وبالله وتالله عن واجبكم ذلك لمسؤولون..
وأما ما هو واجب على عامة المسلمين فهو الانتباه واليقظة، فإن مكونات تلك العناصر الضالة المضلة جاءت من قرية أو عزلة أو مدينة ومن أسرة ومجتمع صغير انشغلت فيه قيادته ورعاته.. الأب.. الأم.. المدرس.. الجار.. الصديق.. ابن العم، ابن الخال.. إمام الجامع.. الخطيب.. كل في موقعه انشغل كل هؤلاء عن الأبناء ليصبحوا من ضحايا هذه الأفكار الهدامة.
والسبل المنحرفة والمناهج الشيطانية.. وليعلم عامة المسلمين أن صلاح الأمة يبدأ من صلاح الآخر والمجتمعات الاسلامية فليتنبه الجميع وليعلم إنها لأمانة وإنها يوم القيامة للخزي والندامة وحتى للجميع هي وصية الله الكريم سبحانه وتعالى أن «قوا أنفسكم وأهليكم ناراً، وقودها الناس والحجارة».
تشويه صورة الإسلام
♢ برأيكم.. لماذا وصل الحال بالمسلمين إلى ذبح بعضهم.. وما خطر ذلك على الإسلام والأمة؟
- كثيرة هي تلك الدوافع التي وصلت بالمسلمين الى هذا الحال المخيف.. قتل.. وذبح.. اغتيال.. وتفجير.. يقتل المسلم الذي يشهد أن لا إله الا الله وأن محمداً رسول الله.. على يد مسلم آخر.. ولعل الثاني لا يدري.. يجهل أو يتجاهل قول نبيه صلى الله عليه وآله وسلم: «لزوال الدنيا وما عليها أهون عند الله من قتل امرئ مسلم بدون حق».
ولعل هؤلاء نسوا أو تناسوا قول نبينا صلى الله عليه وآله وسلم: «كل المسلم على المسلم حرام.. دمه وماله وعرضه».. ولعل أبرز أسباب ما وصلنا إليه هو بعدنا عن منهج الله الصحيح وشريعته المبصرة وسنة نبيه صلوات الله وسلامه عليه، نعم ابتعدنا عن مكارم الإسلام ولم يبقَ لنا من المصحف إلا رسمه ومن الإسلام إلا اسمه، ولقد نظمت شعراً مخاطباً أبناء ديني وأمتي..قلت فيه:
يا أمة الاسلام ما من أمة
تركت محامدها وعاشت في ارتياح
كلا ولا نعمت بطيب معيشة
ما دامت الحرمات فيها تستباح
أما خطر تلك الأعمال البشعة التي يرتكبها هؤلاء المعتوهون ويذكرون اسم الله العظيم على أبشع الجرائم كذباً وزوراً وبهتاناً، فيتمثل في تشويه صورة إسلامنا الجميلة في عيون غير المسلمين، وتفشي الجهل الأعمى والغل الأسود والنار المتوقدة في صفوف أبناء الأمة، الثأر.. الانتقام عودة الجاهلية العمياء، وإن ذلك كله بعض الأضرار التي ستكون نتاجاً لتلك الأعمال الارهابية الدنيئة.
فتن كقطع الليل
♢ ما طابع الجريمة التي ارتكبها الارهابيون في حضرموت..؟
- أنا أجهل يقيناً ما هو ذلك الطابع، فليس من الدين ما حدث بحضرموت ولا ما حدث قبلها من جرائم بشعة بحق الإنسان.. ناهيك عن الإنسان المسلم الموحد المؤمن بالله فرسوله صلى الله عليه وآله وسلم..
غير أن أقسى ما استطيع الإجابة عليه هنا أنها الفتن التي حدث عنها نبينا صلى الله عليه وسلم وتنبأ بها وحذر أمته منها، فتن تجعل اللبيب حيران..
فتن كقطع الليل المظلم، يمسي الرجل فيها مؤمناً ويصبح كافراً، ويصبح كافراً ويمسي مؤمناً.
لقد استيقظت الفتنة النائمة فوجب أن نقول جميعاً لعن الله من أيقظها.. لعن الله من أيقظها.
تجاوزوا حدود الطغيان
♢ ما تعليقكم على محاولة اغتيال الرئيس السابق الزعيم علي عبدالله صالح عبر حفر نفق يمتد إلى اسفل المسجد داخل حوش منزله؟
- المتآمرون يحاولون اغتيال الحلم والتسامح والقدرة على العفو ويحاولون القضاء على الحكمة والصدق والحب والولاء الصادق المتجسِّد في شخص الزعيم الصالح ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الضالون، والعملاء والمتآمرون والخونة والمفسدون، «ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين» ولست أدري حقيقة ما تلك القلوب التي في صدورهم؟ فقد تجاوزوا حدود الطغيان، أفلا يخافون يوماً كان شره مستطيراً، أفلا يخافون يوماً تتساقط فيه الألقاب والأنساب والأحساب؟ يوماً يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه لكل امرئ منهم يومئذٍ شأن يغنيه، يوم لا تملك فيه نفس لنفس شيئاً والأمر يومئذٍ لله.. وما أقرب هذا اليوم من كل حي على وجه هذه البسيطة.. الفاني حطامها ومالها وذهبها وفضتها وقصورها وكنوزها وكل لذاتها..
والحمد لله الذي أحبط هذه المحاولة الدنيئة التي أرادوا بها اغتيال الوطن والأمة وإغلاق كل باب إلى الأمل بغدٍ مشرق في يمن آمن ومستقر ومزدهر..
أقول للحبيب الزعيم علي عبدالله صالح -حفظه الله.. الحمد لله على السلامة ولا نامت أعين الجبناء.. فكلما حاولوا إضعاف الزعيم الصالح زاده الله قوة وعزة ومنعة.. كلَّما كرهوه زاده الله حباً في قلوب الملايين.. كلما أرادوا به كيداً وجدوا الله سبحانه له حافظاً وحفيظاً وناصراً ونصيراً ومعيناً.
وهنا أؤكد رسالتي إلى قيادات الدولة والقيادات الأمنية.. فمن أوجب الواجبات عليهم اليوم أن يضبطوا المجرمين ويقدموهم للقضاء لينالواجزاءهم العادل، وقبل ذلك عليهم أن يكشفوا للأمة عن الداعمين والممولين والمخططين والمحرضين لمثل هكذا أعمال إجرامية.
عودوا إلى رشدكم
♢ كلمة أخيرة؟
- إن كان لي في ختام هذا اللقاء من كلمة فسأجعلها رسالة إلى المستعجلين، من يقرأون «ويلٌ للمصلين» ولا يجدون وقتاً لانشغالهم بالذبح والقتل والتفجير والفساد في الأرض.. ماذا سيقولون لربهم غداً حين يسألهم ما أعجلكم عن قراءة بقية الآية «الذين هم عن صلاتهم ساهون».. وإلى أولئك المستعجلين الذين قرأوا «وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة» ولم يكلفوا أنفسهم بالتعمق في فقه الآية وفهمها فهماً صحيحاً.. ولمن قرأوا «وقاتلوهم.. واقتلوهم» وما وجدوا وقتاً لقراءة «محمد رسول الله والذين آمنوا معه أشداء على الكفار رحماء بينهم».
إلى أولئك المستعجلين الذين لم يعلموا أن الله المنتقم قد أرسل من هم أكرم وأطهر وأعلم منهم إلى من هو أعتى وأقوى وأطغى ممن يكفرونهم دون أن يكلفوا أنفسهم بفقه قول نبيهم «من كفّر مسلماً فقد كفر»، ورغم أنه أرسل الكريمين موسى وأخاه هارون إلى المتكبر الكافر الذي تجاوز الحد في الطغيان والتجبر والاستبداد حتى قال لقومه «أنا ربكم الأعلى» وقال لهم «ما علمت لكم من إله غيري» رغم ذلك قال لرسله عليهم الصلاة والسلام: «فقولا له قولاً ليناً لعله يتذكر أو يخشى»..
الى الجهلة المستعجلين الذين إرتأوا أن إجارة المستجيرين بهم من الجنود الذين أخضعت رقابهم لسكاكين هؤلاء الظلمة الذين ارتأوا أن إجارتهم جريمة يحاسب عليها الله ولم يكلفوا أنفسهم لأن يقرأوا «وإن أحدٌ من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله.. ثم أبلغه مأمنه»، وهذا مشرك ناهيك عن المسلم المؤمن.
إلى من لم يسعفهم الوقت وهم يذبحون جنودنا المساكين ليسألوا أنفسهم..لماذا نفصل رؤوس هؤلاء عن أجسادهم بهذه الوحشية؟ وما حال أطفال ينتظرونهم لم يشهدوا فرحة عيد الفطر معهم، فقد منعهم الواجب من مشاركة أطفالهم لفرحة العيد وهم في مواقع الشرف والبطولة يرابطون في سبيل الله دفاعاً عن اليمن وأمنه واستقراره قيادة وشعباً.
لم يسألوا أنفسهم عن حال أمهاتهم وآبائهم وأسرهم التي ربما لا عائل لها سوى هؤلاء المغدورين؟
ولم يسألوا أنفسهم إذا كانت البسملة على شرب الخمر والزنا واللواط حرام؟ فما حكم التكبير أثناء ذبح مؤمن بالله ورسوله يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسوله صلى الله عليه وآله وسلم؟
أقول لهؤلاء.. عودوا إلى رشدكم فإنكم لعلى ضلال مبين وتحسبون أنكم مهتدون!!