كلمة الثورة -
دائماً ما يؤكد الأخ الرئيس علي عبدالله صالح، رئيس الجمهورية، أن الوطن يتسع لجميع أبنائه، ولا يقصد بذلك خطب ود أحد بقدر ما يتحدث عن أمر متجسد في الواقع وهو كذلك بالفعل. ولا أدلّ على ذلك من الحياة الديمقراطية التي وضعت خطانا على طريق الشراكة الوطنية بما أتاحته للمواطن من إمكانية الاختيار والمشاركة في صنع القرار عبر الانتخابات الحرة المباشرة، مرشحاً وناخباً، وتمتعه بحرية التعبير والنشاط العام، وذلك هو الخيار الديمقراطي الذي أسس لمبدأ التداول السلمي للسلطة والمشاركة الشعبية في صنع القرار وأنهى دوامة الصراع عليها. ومع هذا الفتح الديمقراطي تتوارى الدواعي الضيقة سواء تستَّرت برداء المناطقية والقروية والطائفية، أو جاءت مدفوعة بنوازع انفصالية كريهة.. حيث لا مجال في ظل الديمقراطية لمثل هذه السلوكيات المنحرفة التي تغذيها مخططات التآمر على الوطن. ولا يعيب النظام الديمقراطي أن تظهر بعض الأصوات النشاز عن القيم الحضارية للديمقراطية، بل إن العيب في من يحركونها أو يعمدون إلى تجريب المجرب وتكرار أخطائهم القاتلة . ولقد ثبت بالتجربة أن محاولات الارتداد عن الثوابت الوحدوية والديمقراطية مآلها الفشل وسقوط أصحابها في قعرها المظلم، ويرتكب خطأ قاتلاً من يعتقد أن خلط الأوراق سيمكنه من الوصول إلى أهدافه الأنانية التي لم يتسن له بلوغها في ظل نعمة الأمن والاستقرار التي يعيشها الوطن، حيث ثبت بالدليل القاطع أن من يشعلون الحرائق هم أول من يكتوي بنيرانها. والبديل هنا هو أن يحترم الجميع الضوابط الدستورية والقانونية والامتثال لأحكامها لأن الخروج عليها يعني الدخول بالأوضاع إلى حالة طغيان المزاجية، وحينها تعم الفوضى. وتتسع مصلحة المجتمع وتتضاعف بتوجيه الاهتمامات والطاقات نحو الاستثمار الإنتاجي والتنموي في الأنشطة الاقتصادية بالمقام الأول وتبني المشاريع الثقافية والاجتماعية، الجماعية والفردية، حتى يتسنى الارتقاء بالأوضاع المعيشية وإيجاد فرص عمل جديدة أمام الشباب لاستحالة أن يصبح أفراد المجتمع كله موظفين لدى الدولة .. وبالتالي فإن الواجب على الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني أن تسهم في تعميق قيم الإنتاج ودعوة القطاع الخاص إلى تبني المشاريع ذات الجدوى الاقتصادية بدلاً من تركيز دورها على الجوانب السياسية وإطلاق السهام التحريضية على السلطة، فالإيغال في الترويج لهذه اللغة لا يخدم من في الحكم أو خارجه. ومن المصلحة الوطنية أن يتحرر الجميع من عقلية التقاسم وممارسة الكيد السياسي والنكاية بالآخر، ليقتصر جانب التنافس على الاجتهاد في خدمة الناس ومعالجة قضاياهم وصولاً إلى كسب ثقتهم في الموسم الانتخابي. إن زمن الدورات الدموية في اليمن قد ولى إلى غير رجعة وحل بدلاً عنه عصر الوئام والوحدة والديمقراطية، ومن خلال هذه الثوابت أصبح الوطن بالفعل يتسع لجميع أبنائه.