جميل الجعـدبي -
< بالتئام اللجنة العامة للمؤتمر الشعبي العام وقيادات أحزاب التحالف الوطني وتجديدها في اجتماعاتها وآخرها الاثنين الماضي التأكيد على مواقف المؤتمر الشعبي العام وأحزاب التحالف الداعمة لجهود الرئيس هادي في إخراج اليمن من الأزمة، وعدم انحيازهم لطرف من أطراف الصراع، تكون اللجنة العامة للمؤتمر وضعت بذلك حداً فاصلاً لتناولات بعض وسائل الإعلام التي وجدت في محاولات التشكيك في مواقف المؤتمر وحلفائه وتماسكهم الداخلي، مادة للإثارة والفرقعة الاعلامية وتحقيق نسبة زوار مرتفعة.
> دعا المؤتمر الشعبي العام إلى الاصطفاف الوطني لحماية المكتسبات الوطنية يوم كان الحديث عن المخاطر المحدقة بالجمهورية والثورة والوحدة مجرد فزاعة..
كما دعا إلى الحوار والاصطفاف، والوفاق، والسلام، يوم كان الحديث عن الحوار وصندوق الانتخابات مضيعة للوقت وجريمة تقطع الطرقات أمام دعاة الحوار ويعتدى عليهم، وبالتالي فإن محاولات المزايدة على مواقف المؤتمر من الاصطفاف الوطني والمكتسبات الوطنية تعد نوعاً من أنواع الاستغفال بالرأي العام..
> وخلافاً لأطراف أخرى تخوض صراعاتها متسترة تحت مسميات أخرى، تأتي مواقف المؤتمر الشعبي العام وحلفائه واضحة لا لبس فيها وذلك انطلاقاً من معايشته وتوصيفه الدقيق للأزمة الراهنة والصراع الجاري بين جماعتي الحوثي والإصلاح والذي يأتي امتداداً وتطوراً متوقعاً لصراعاتهم واقتتال اعضائهم على احقية الاستفراد بمنصة ساحة مخيم اعتصام الجامعة مطلع العام 2011م ، وهذا الصراع ليس مفاجئاً لقيادات المؤتمر الشعبي العام فقد تنبأوا به في وقت مبكر من العام 2011م ، واتخذ حينا أبعاداً سياسية (مؤتمر الحوار)، وأحياناً أخرى أبعاداً حربية (مواجهات مسلحة) وقد تقاسم ما يمكن تسميتها بالغنيمة التي ورثها شركاء الساحة والفوضى من (17 حقيبة وزارية) من حكومة المؤتمر الشعبي العام..
> لو لم يكن رئيس الجمهورية - النائب الاول لرئيس المؤتمر الامين العام- وفاقياً بامتياز ، وغير متعصب لحزبه مثل رئيس الحكومة باسندوة لما احتاج المؤتمر وحلفاؤه - بين الحين والآخر- لتجديد تأكيد موقفهم المبدئي الداعم لجهود الرئيس هادي لإخراج اليمن من الأزمة والملتزم بالشرعية الدستورية ، اذ ان تأييد ودعم ومساندة المؤتمر للرئيس هادي أمر بدهي ولو لم يكن له من مبررات غير تمسك المشترك وشركائه ومساندتهم لرئيس الوزراء باسندوة.. وبناء عليه فإن وقوف المؤتمر على مسافة واحدة من طرفي الصراع اليوم لايعني خذلان الرئيس هادي ،إذ أن الرئيس هادي أصلاً ليس طرفاً في الصراع ، فهو يواجه طرفين معرقلين للتسوية ومعيقين لجهوده ، وانحياز المؤتمر لأحدهما سيعني بوضوح اصطفاف المؤتمر مع المعرقلين والمعيقين لجهود الرئيس هادي ..
> ومن هنا تأتي اهمية موقف المؤتمر الشعبي العام للرئيس هادي والبلد بشكل عام ، فبقاء المؤتمر متماسكاً ، سباقا بالمبادرات والحلول ، وملتزماً بتنفيذ ما يخصه من بنود المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية هو بحد ذاته اصطفاف وطني خلف الرئيس هادي ، وهو وضع يبقي المؤتمر جزءاً من الحل، ومرجعية لصناعة الحلول.. وهنا يمكن القول إن الترويج لانشقاقات داخل المؤتمر على خلفية هذه المواقف يعد اضعافاً للرئيس هادي وهو الأمر الذي يرفضه وتنبه له رئيس الجمهورية خلال رئاسته اجتماع اللجنة العامة للمؤتمر في الـ28 من أغسطس الماضي حينما قال صراحة :» لانريد أن يشاع أن المؤتمر منقسم مثلاً بين الرئيس والزعيم « ..
> لايزال أعضاء وكوادر وقيادات المؤتمر الشعبي العام يئنون ولم تندمل جراحهم جراء الاعتداءات التي تعرضوا لها عام 2011م وعمليات الإقصاء والإبعاد بعد 2011م وحتى اليوم ، أي أن كوادر المؤتمر مثخنون بتركة ليست سهلة من المشاعر الغاضبة، وهو ما يعني أن وقوف المؤتمر على مسافة واحدة من طرفي الصراع وفي هذه الظروف يعد موقفاً وطنياً بامتياز، إذ أن تجاوز المؤتمريين لدائرة التشفي والانتقام والمناورة في هذه المرحلة يعد تغليباً للمصلحة الوطنية العليا في انصع صورها..
> وبالمقابل فإن تعصب المؤتمر لأحد طرفي الصراع في هذه المرحلة سيعني بوضوح أن المؤتمر اصبح جزءاً من المشكلة بدلاً من كونه جزءاً من الحل ، ويعني استقواء احد طرفي الصراع على الطرف الآخر ، ويعني كذلك استجرار الأزمة ، وتغذيتها بعناصر تأزيم وتوتر جديدة ، واتساع ميادينها وتفرعها وتشعبها ، وتنامي موجات العنف والتطرف والتعصبات المناطقية والطائفية والمذهبية، خلافاً لكون هذا الانحياز سيمثل انتصاراً لجماعات العنف المسلح وانتكاسة للمسيرة الديمقراطية والحياة السياسية..
> أفضل أنواع الاصطفاف الوطني الذي تحتاجه اليمن هو الالتزام ببنود المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ، ومن ذلك قيام الحكومة بواجبها في الالتزام بمبادئ الشفافية والنزاهة ومبادئ الحكم الرشيد، وتوفير الخدمات للمواطنين، وتحقيق إنعاش اقتصادي يوقف تفاقم معاناة المواطنين.. وقد سارع المؤتمر الشعبي العام لرفع مخيمات اعتصامات أنصاره مطلع العام 2012م وإزالة بؤر التوتر والتصعيد في ساحاته..
غير ان إخفاق الحكومة في تحقيق أي تقدم اقتصادي ولجوءها إلى معاقبة الشعب بإقرار الجرع السعرية الثقيلة من الطبيعي أن يؤدي هذا الإجراء إلى تضرر جميع أبناء اليمن بمن فيهم أعضاء وأنصار المؤتمر الشعبي العام.. ولايعني وجود بعض أعضاء المؤتمر أو مناصريه في ساحتي أحد طرفي الصراع- لايعني- تحالف المؤتمر مع ذلك الطرف..
> رغم مشروعية التحالفات السياسية- فالأمر هنا مختلف تماماً وليس له أبعاد سياسية إلا من حيث استغلال احد طرفي الصراع لمعاناة المواطنين لتحقيق مكاسب سياسية ، وهو استغلال محمود ومرغوب وبراءة اختراع محفوظة لاصحابها..