محمد علي عناش -
وزيرة ساحاتية من إفرازات أزمة2011م وكارثة من كوارث مايسمى الربيع العربي،تم تمكينها من وزارة تعنى بالدفاع عن حقوق الإنسان، إلا أنها ظلت طوال فترتها في حكومة الوفاق الوطني، تنتهك حقوق موظفيها وتتعسفهم بل وتعتقلهم خلف القضبان، وتمارس الإقصاء والتعيين بذهنية حزبية متطرفة، ليس هذا فحسب بل وتتفنن في رفع تقاريرها المفبركة والمغلوطة عن واقع حقوق الإنسان في اليمن، في حين أنها تدافع عن سجناء متورطين في جرائم قتل مع سبق الإصرار والترصد وتحولهم إلى معتقلي ثورة بل وتنجح في إستخراج توجيه رئاسي بالإفراج عنهم.. هذه الوزيرة المشهورة بالتضليل والتلفيق، بعد أن أسقطتها الثورة الشعبية في21 سبتمبر وبعد أن منعت من دخول الوزارة، لم تتحرج أن تضيف إلى سجلها المليئ بالإنتهازية صفة "إنفصالية"وعدوة للوحدة اليمنية، حيث عادت إلى عدن للتحريض ومباركة المؤامرات الحراكية التي تستهدف وحدة الوطن والشعب اليمني.. لم يكن موقف هذه الوزيرة المعادي والذي يستهدف أهم الثوابت الوطنية، موقفاً فردياً، وإنما موقفاً متناغماً وفي سياق منظومة المشروع التخريبي الذي تبناه ورعاه حزب الإصلاح منذ 2011م والمستمر حتى اليوم، دل على ذلك البيانات الصادرة من فروع حزب الإصلاح في بعض المحافظات الجنوبية، والمحرضة على الإنفصال والداعية إلى إحتشاد أبناء هذه المحافظات في ساحة عدن في يوم 14أكتوبر الماضي للمطالبة بمايسمى فك الإرتباط وتقرير المصير والإستقلال والتحرر الجنوبي كما جاء في بياناته..
حقيقة لم نكن نتوقع أن تصل الإنتهازية السياسية إلى هذاالمستوى من الرخص والإبتذال، وأن تصبح الوحدة اليمنية هذا المنجز العظيم، مجرد سلعة لدى البعض للمزايدة والإتجار بها في سوق السياسة القذرة حسب ماتقتضيه الظروف والأحوال، وتصبح هدفاً لسهام الحقد وثقافة الكراهية والمشاريع الصغيرة.. لم نكن نتوقع أن يأتي يوم نحتفل فيه بذكرى ثورة14أكتوبر ضد المستعمر البريطاني البغيض، برفع العلم البريطاني، وتنكيس علم الوحدة والجمهورية اليمنية، ترى لو بعث من مرقدهم قحطان الشعبي ولبوزة ومحمد علي هيثم وعبدالله باذيب وفتاح وعنتر وسالمين وكل القامات والرموز الوطنية الوحدوية، وشاهدوا هذا السخف وهذه الإنتكاسة في الوعي والإفلاس في الضمير الوطني؟ بالتأكيد كانوا سيبكون أكتوبر ونوفمبر ويرثون الدماء والأحلام العظيمة التي ناضلوا من أجلها وفي مقدمتها الوحدة اليمنية، وفي الاخير كانوا سيبصقون في وجه من رفع علم المستعمرفي يوم ثورة التحرر من المستعمر، ويعودون إلى قبورهم يتدثرون بالحسرة والخيبة والغربة والألم..
آخرجندي بريطاني في30نوفمبر1967م الذي شاهدناه في وثائقيات الثورة وهو يلف علم بلاده ويصعد الطائرة من عدن، عاد اليوم من جديد في نسخة يمنية يرفع العلم البريطاني ليرفرف في عدن من جديد في ذكرى ثورة أكتوبرالمجيدة وبين جمهوره من الحراكيين ، لتنفيذ مخطط «فرق تسد» أوبلغة الوقت الراهن، الإنفصال وفك الإرتباط وتقريرالمصيراليمني- عاد من جديد له صوت عالٍ ومحرض بشكل غوغائي،أسمه "يمن لايف"والـ"BBC ويصل التحريض والتآمر والتجزئة، إلى درجة الإنسلاخ من الجذور وإستهداف الهوية اليمنية الواحدة، بتكريس وتسويق خطاب عنصري وثقافة القطيعة بترديد "إننا لسنا يمنيين وإنما نحن شعب الجنوب العربي".. فماذا يهدف حزب الإصلاح من الإنضمام إلى هذه الجوقة الإنفصالية؟.. الإصلاح حزب منفلت العقال، مصاب بمرض السلطة والسيطرة وإلغاء الآخر، ومأسور بفكرة التنظيم هو الدولة والدولة هي التنظيم، ومبدأ الغاية تبرر الوسيلة هو نظريته في الحياة وقرآنه في تدينه وتعبده.. وقف في سنة 90م ضد وحدة الشمال مع الجنوب وبخلفية من الثقافة الدينية المتطرفة، والإصلاح كان مسعر حرب1994م وأفتى بإستباحة الجنوب وقتل الجنوبيين وبفتاوى دينية، والإصلاح توغل في المحافظات الجنوبية ليحل محل الإشتراكي، على حافلة القاعدة والتنظيمات الجهادية، والإصلاح عندما صار حاكماً بعد أزمة 2011م، قمع مظاهرات الحراك وقتل العشرات منهم في شوارع عدن وبدم بارد، وهاهو الإصلاح اليوم لم يجد ما يداوي به جراحه الغائرة في عمران وصنعاء والجوف، إلا بالإنضمام إلى جوقة الإنفصال والتمادي إلى رفع العلم البريطاني في ذكرى ثورة أكتوبر المجيدة.. عرفنا الإصلاح وأدركناه وفهمناه جيدا حتى العمق، فيا ترى أين هو الإشتراكي؟عليه أن يحدد موقفه من هذه الجوقة التآمرية، عليه أن يتكلم.. هل هو مع الوحدة أم مع الإنفصال؟ وكان يفترض به أن يتكلم من زمان، لكنه لم يفعل، بل ظل يركب موجة القضية الجنوبية ويفلسفها شمالاً ويميناً، دون أن يقدم لها أبسط الحلول الممكنة، من أجل أن تظل عالقة ليساوم بها الحاكم ويبتزه سياسياً..