فيصل الصوفي -
عندما قرأت في الأخبار، في تلك العشية، أن رئيس الجمهورية أصدر قراراً بتكليف الدكتور بن مبارك تشكيل الحكومة، قلت على الفور: هذا القرار يصلح مقياساً لعدم الالتزام باتفاق السلم والشراكة.. قرار يدل على أن الاتفاق لم يلحم في أيام اللحمة، أو عيد الأضحى.. فقبل أسبوعين من ذلك كان يجري البحث عن رئيس وزراء كفء، نزيه، مستقل، يحظى بدعم الجميع، وتبين أن المطلوب كان طوال الوقت، بين يدي الرئيس، أما المستشارون فإلى ما قبل القرار، كانوا يقولون إنهم لم يتلاحموا حول مرشح، ومعظمهم كان في إجازة أكْل اللحم، وهناك من ناب عنهم في اختيار رئيس وزراء شحيم لحيم! بحضرة شهود زور، يدركون أن بن مبارك لا تتوافر فيه الشروط المحددة في اتفاق السلم والشراكة بشأن شغل منصب رئيس الوزراء، فإذا كانت شهاداته الورقية تقول إنه كفء، فالشروط الأخرى لا تتوافر فيه، فلا هو بالذي تم التوافق عليه، ولا هو مستقل، ولن يكون مستقلاً، محايداً بغمضة عين، فهو من نفس عجينة باسندوة، والمرحلة لا تتطلب رئيس حكومة يتلحم بهذا الطرف أو ذاك، بل من يلتحم معه الجميع، ويلتحم مع الجميع، لا مع من يلحمه.. وتحت ضغط أنصار الله وجماهيرهم، كان لا بد من تمثيلية قصيرة تحفظ ماء وجه الرئيس هادي، في ختامها يعلن بن مبارك اعتذاره عن عدم قبول التكليف، وهذا ما كان.. والآن لدينا مرشح آخر كلف بتشكيل الحكومة خالد محفوظ بحاح، الذي لم تتناطح حوله عنزتان.. لكي يتم اختيار رئيس الوزراء استغرق الرئيس ومستشاروه أكثر من عشرين يوماً، والآن مضت ثمانية أيام كاملة على اختيار وتكليف رئيس الوزراء بحاح، ولم يتم بعد البحث في اختيار الوزراء، فهل سنستغرق عشرين يوماً أو شهراً لذلك.. مع التذكير أن اتفاق السلم والشراكة يقول إن الحكومة تشكل خلال شهر من اختيار رئيس الوزراء الذي كان يتعين اختياره بعد ثلاثة أيام من توقيع الاتفاق.. ما يعاب على عهد الرئيس هادي هو البطء.. من أول المبادرة وآلياتها.
قبل أكثر من ثلاث سنين، والبطء هو العلامة التجارية لمنتجات الرئيس والحكومة واللجنة العسكرية ومؤتمر الحوار الوطني.. الأزمات وتعقيداتها فقط هي التي تسير بسرعة عالية.. الحروب هي التي تسير بسرعة عالية.. الحروب بين أنصار الله والحوثيين من جهة، وتنظيم القاعدة وحزب الإصلاح المتحالفين من جهة أخرى، كانت في الجوف، وقبلها في عمران، وقبيل توقيع اتفاق السلم والشراكة كانت في العاصمة، الآن قد عبرت ذمار وقفزت إلى إب، والإصلاح وحليفه تنظيم القاعدة يحاربان أنصار الله في البيضاء، بينما تشكيل الحكومة يسير بسرعة السلحفاة.