سمير النمر -
يجدر بنا جميعاً ونحن على أعتاب مرحلة جديدة تعيشها البلد في ظل المتغيرات التي شهدها الواقع السياسي بعد توقيع اتفاق السلم والشراكة أن نقوم بمراجعة وتقييم مواقف الأحزاب والقوى السياسية في تعاملها مع مفردات الأزمة السياسية التي عاشها الوطن منذ عام 2011م الى يومنا هذا.. وكيف تباينت مواقفها ما بين مؤيد وأداة فاعلة في الأزمة وصانع لها وما بين مواجهِ للأزمة للحد من تداعياتها وآثارها السلبية على البلد في مختلف الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والأمنية والسياسية، ولاشك أن أحزاب اللقاء المشترك وقوى النفوذ والفساد كانت ومازالت فاعلاً رئيسياً في صناعة الأزمة التي شهدها البلد وبدعم دولي واقليمي عبر ما يُسمى بمشروع الربيع العربي، وأنا هنا لست بصدد تقييم المواقف السلبية لأحزاب اللقاء المشترك باعتبارها العنصر الأساسي لمفاعيل اللأزمة التي عاشها البلد والتي سنحتاج الى سلسلة طويلة من التناولات لرصد مواقف هذه الأحزاب، وإنما سأتناول بعض مواقف المؤتمر الشعبي العام وحلفائه في مواجهة الأزمة والذين أدركوا منذ 2011م خطورة هذا المخطط على أمن الوطن واستقراره ووحدته وسلمه الاجتماعي وحذر منذ البداية من المآلات الكارثية التي تحيق بالوطن نتيجة لهذا المشروع الكارثي وسعى منذ البداية الى تقديم المقترحات والحلول والتنازلات من أجل تجنيبه الفوضى والدمار والاقتتال إلاّ أن هذه الدعوات والتنازلات التي قدمها المؤتمر عبر رئيس الجمهورية آنذاك ورئيس المؤتمر الشعبي العام الزعيم علي عبدالله صالح قوبلت بالرفض والاستخفاف من قيادات المشترك واستمرت هذه الأحزاب في غرورها وتماديها استناداً الى الدعم الخارجي الذي تحظى به الى أن تم توقيع المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية والتي كانت بمثابة الخيار المتاح والممكن لخروج البلد من الأزمة بأقل الخسائر.. ورغم ذلك فقد مضت أحزاب المشترك وبدعم دولي في تنفيذ جزء من هذا المشروع عبر حكومة الوفاق وسياساتها التدميرية التي أفرزت حالة من التدهور والفساد في مختلف مؤسسات الدولة وجوانبها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والأمنية.. وبالرغم من ذلك فقد ظل المؤتمر الشعبي العام وفياً لمبادئه وقيمه مخلصاً للوطن في تصديه وفضحه لسياسات حكومة الفساد خلال السنوات الماضية ولم يساوم أو يتراجع عن مواقفه تحت أي ضغوط داخلية أو خارجية.. ولاشك أن هذه المواقف الايجابية للمؤتمر تعبر تعبيراً صادقاً عن استشعاره للمسئولية الوطنية الملقاة على عاتقه تجاه الوطن وأمنه واستقراره ووحدته، ولم ينطلق في هذه المواقف من مصلحة خاصة أو ثأر سياسي أو استجابة لمخططات خارجية وإنما كانت نابعة من شعور وإحساس وطني صادق وغيور على مكتسبات الوطن وما يتعرض له من تدمير وعبث وفساد ولهذا لم ينجر المؤتمر الى أي صراعات طائفية أو مناطقية حدثت خلال السنوات الثلاث الماضية بل ظل عامل توازن وصمام أمان للوطن وساهم بشكل كبير في اخماد نار النزاعات والفتن الطائفية التي حاول أعداء الوطن جر البلد اليها واغراقه في أتونها، فكان المؤتمر كبيراً بكبر الوطن شامخاً بشموخ ابنائه فلم ولن يقبل أن يتم تمزيق الوطن تحت هذه العناوين الطائفية والمناطقية، مغلباً صوت الحكمة والمنطق والعقل ومصلحة الوطن العليا في مختلف مواقفه تجاه الأحداث التي شهدها البلد منذ 2011م الى يومنا هذا.. وهذه الحكمة والمنطق التي تعاملت بها قيادة المؤتمر الشعبي العام وحلفائه مع الأحداث أسهمت بشكل كبير في إحباط الكثير من المؤامرات التي حاكها أعداء الوطن في الداخل والخارج ضد أمن اليمن واستقراره ووحدته، كما أسهمت في تعزيز موقف المؤتمر الوطني ومكانته بين أبناء الشعب اليمني ومختلف قواه الوطنية.
ومن هنا وأمام المواقف الوطنية الايجابية للمؤتمر في تعاطيه مع مفردات الأزمة خلال السنوات الماضية، يقف المؤتمر الآن أمام جملة من التحديات خلال المرحلة القادمة ينبغي عليه أن يستمر في التعاطي الايجابي معها بروح مسئولة ووطنية صادقة لما فيه تحقيق المصالح الوطنية للشعب وأهم هذه التحديات تنفيذ اتفاق السلم والشراكة ومعالجة الملف الأمني والاقتصادي والدفع باتجاه معالجة الآثار السلبية التي خلفتها السياسة التدميرية لحكومة الوفاق خلال الفترة الماضية في مختلف مؤسسات الدولة وفي مقدمتها الجيش والأمن التي تعرضت لتدمير ممنهج واختراق كبير من عناصر القاعدة وعملائها، حتى يتسنى لها القيام بواجبها الوطني في تطهير اليمن من خطر القاعدة، وهذا الأمر لن يتحقق إلاّ من خلال تعاون المؤتمر الشعبي العام مع كل القوى الوطنية الشريفة والمخلصة داخل البلد للسير في مواجهة كل التحديات والاخطار حتى ينعم الشعب بالأمن والاستقرار والرفاه الاقتصادي.. وأنا أجزم بأن المؤتمر الشعبي العام وحلفاءه وبما يمتلكونه من كوادر وطنية والتفاف شعبي قادرون على اخراج البلد من النفق المظلم الى بر الأمان واحباط كل المؤامرات الداخلية والخارجية التي تهدف الى النيل من أمن اليمن واستقراره ووحدته ومكتسباته الوطنية.