كلمة الميثاق - مجدداً تلجأ القوى المتطرفة إلى استخدام لغة القتل والارهاب لتصفية حساباتها السياسية في كل منعطف تشعر فيه بضعف حجتها وأعوجاج منطقها فتشهر البندقية لإقناع الخصوم ويصبح العنف بديلاً عن التحاور واحترام منطق العقل..
لقد شكلت عملية اغتيال المفكر والسياسي الدكتور محمد عبدالملك المتوكل كارثة سياسية وطنية من العيار الثقيل كون الشهيد أحد رموز الاعتدال السياسي وعرف عنه مواقفه الثابتة والمبدئية من كافة القضايا وهو ما جعله يعاني من صراحته ومواقفه الصادقة حتى في اطار تكتل أحزاب المشترك الذي سعى إلى انشائه في اطار الممكنات السياسية السلمية لإحداث نوع من تكافؤ القوى ولكن البعض لم يتفهم ذلك وحاول جر المشترك إلى مزالق الالعاب الخطرة التي تتنافى مع قواعد اللعبة السياسية، وهو ما ظل يتصدى له الشهيد دوماً رافضاً لغة العنف والخروج عن المسار السلمي، الأمر الذي جعل اطراف في المشترك يعتبرون الشهيد متمرداً عليهم بل ويمثل حجر عثرة أمام طموحاتهم في الاستيلاء على السلطة بالقوة.
ولعل تلك المواقف المعتدلة التي أبداها الشهيد إبان أزمة العام 2011م ومابعدها قد رفعت من نسبة الحقد عليه داخل تكتل اللقاء المشترك الذي ينتمي إليه..
ان اغتيال أحد رموز الاعتدال في اليمن يمثل حالة من الجنون التي وصلت إليها بعض القوى المتطرفة.
وتأتي هذه الجريمة ضمن سلسلة من الاغتيالات السياسية التي استهدفت رموز الفكر وعلماء القانون والقيادات العسكرية والمؤتمرية وغيرهم من الكوادر الوطنية لتهيئة الساحة وإخلائها من كل صوت ينتصر لقيم الوسطية والاعتدال ومشروع المستقبل لليمن وأجيالها.
إننا اليوم أمام فاجعة حقيقية تستهدف أمن واستقرار البلاد والسلم الاجتماعي من خلال فرض لغة العنف والقتل بدلاً عن الحوار وتغليب لغة الإخاء والتسامح ونبذ الكراهية والتحريض على الآخر.. وتأتي جريمة اغتيال المتوكل في الوقت الذي تتعرض فيه المنشآت الحيوية والخدمية لأعمال تخريبية تجري على مسمع ومرأى من الجميع..
الدولة تعيش للأسف حالة من اللامبالاة بعد أن أضاعت هيبتها وهي تقف متفرجة على كل مايجري من أحداث مؤسفة في البلاد..
لقد ضحى المواطن كثيراً من أجل أن تتحقق حالة من الوفاق السياسي بما يؤدي إلى الأمن والاستقرار وتنازل عن حقوقه ودفع من قوته ثمن الصراعات والأزمات ولم يعد بالامكان اليوم السكوت عن هكذا وضع تخلت فيه الدولة عن مسئولياتها الوطنية وتفرغ بعض مسؤوليها لافتعال صراعات ومعارك عبثية متجاهلين مصلحة الوطن والمواطن.. وهو مايستدعي اليوم وقفة جادة ومسئولة لمراجعة حساباتهم ومواقفهم والعمل الجاد من أجل منع التدهور المريع والحيلولة دون انهيار الدولة وفتح الباب أمام الصراعات والحروب الأهلية.
|