فيصل الصوفي -
دائما نقول: احذروا رجال الدين الذين يوظفون دين الله لتحقيق أهداف سياسية، ويكفيكم من هؤلاء أن تتبعوا فتاواهم وخطبهم، فهي تتلون وتتقلب حسب الحاجة، ليس لأنهم يراعون اختلاف البيئات، والأزمنة، ومصالح الناس، بل لأنهم يراعون مصالح أحزابهم أو أولياء نعمهم، فقد جعلوا الدين يتجه حيثما كانت المصلحة السياسية، ويتقلب حسب تقلبات السياسة.. شيخ دكتور في جامعة الإيمان، وعضو هيئة علماء الزنداني، ومستشار ومفتي العسكر أنصار الثورة الذين جمعهم اللواء محسن حوله، وخطيب مسجد الفرقة.. وجد هذا أن حزبه وشيخه وقائده العسكري قرروا في بداية 2011م الانقلاب على الرئيس علي عبدالله صالح، فقام يبسمل، ويفتي باسم الإسلام، أن ولاية الرئيس صالح باطلة.. وأن الخروج على صالح يعد «من الأوامر الشرعية العظمى»! وكان هذا ضمن لجنة من رجل دين شُكلت للصلح والتوفيق بين طرفي أزمة 2011م، فقام يقول: باسم الله، أنا أستقيل من اللجنة، وأفتي بواجب تصعيد الاعتصام، وقرر نصب خيمة في ساحة التغيير له ورجال الدين أمثاله.. أما رجال الدين في جمعية علماء اليمن الذين كانوا يدعون للمصالحة، ووقف سفك الدماء وتخريب ونهب الممتلكات العامة والخاصة، فقد اعتبر كلامهم «فتاوى غير مسئولة، غير موزونة، بعيدة عن مقاصد الشريعة وأصولها».
أما بعد التوقيع على المبادرة الخليجية، وآليتها التنفيذية، وبعد أن صار لحزبه ولجنراله رئاسة الحكومة ومعظم الوزراء فيها، فها هنا اختلف الوضع السياسي، وتبعاً له الموقف السياسي، وبالتالي سيصير دين الله أو شرع الله، شيئاً مختلفاً.. فرفع الخيام من الساحات أصبح واجباً شرعياً، لأن بقاءها في الساحات منكر، بل قد صارت منكراً، وأي اعتصام جديد، وأي مظاهرات تعتبر ثورة مضادة، وهي في نظر الشرع جريمة حرابة.. لا يجوز التمرد على قرارات الرئيس هادي، قراراته يجب أن تنفذ، ومن لا ينفذها يعد متمرداً، لكن ليس كل من لا ينفذ يعتبر متمرداً، فاللواء علي محسن الأحمر لم ينفذ قرار الرئيس بتحويل مقر الفرقة إلى حديقة عامة، ذلك لأن هذا القرار- من بين جميع القرارات- مؤامرة.. ومؤامرة على مَنّْ؟ في أواخر مارس 2014م كان صاحبنا هذا يخطب في مسجد الفرقة، ويقول للجنرال، ولمجندي الإصلاح، وتنظيم القاعدة، وجامعة الإيمان، لا تسلموا مقر الفرقة ليصبح حديقة، هناك مؤامرة تستهدف الفرقة الأولى مدرع، واللواء 310 مدرع، واعلموا أنه إذا سقطت الفرقة، سقطت الجمهورية!
وبعد أن سقطت الفرقة، وسقطت جامعة الإيمان، وكسر حزب الإخوان، وجد هذا نفسه يتيماً، فرجع يدّور علي عبدالله صالح(عفاش) ويقول له: أنت يمني، حميري، أصيل، نسيب، داهية، تنازلت عن الحكم، وتركت الملك، استطعت إدارة الأمور، واليمن الآن يحتاج إلى جمع الكلمة، فأسعَ لجمع الكلمة.. فمن يصدق هذا وأمثاله، أو يثق بهم؟